- الاقتصاد الإسلامي أكثر نمواً من نظيره التقليدي، وهو مرشح لمزيدٍ من النمو والنجاح.
- الكويت لديها المقومات المطلوبة لتنمية قطاعات اقتصادية جديدة خارج إطار القطاعات التقليدية التي ندور في فلكها.
- قدمت الكويت من خلال بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف نموذجاً مؤسسياً ناجحاً لدول كثيرة.
- تطوير المنتجات المالية مثل الصكوك، تنظيم الصناديق الوقفية..... مجالان يمكن للهيئة من خلالهما النهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية.
- البنك الإسلامي للتنمية... مؤسسة كبيرة أسهمت في تنمية اقتصادات الدول الإسلامية في مختلف قارات العالم.
الدكتور فؤاد عبد الله العمر، اسمٌ تتملك الحيرة في تقديمه والتعريف، هو رجل التجارب الكثيرة، والناجحة جداً. اقتصادي حريص، قيادي ناجح، باحث مرموق، يمتاز برؤية صائبة تنم عن سعة اطلاع، طموح لا حدود له، ما إن يكسب قصب سباق تحدٍ في مجالٍ ما حتى يخوض غمار تحدٍ جديد، وربما كان في مجالٍ جديد. أدواته لذلك: كفاءة مشهودة، استعداد جيد، عمل ٌ جاد، إرادة صلبة وإصرار على النجاح.
الدكتور "العمر" يحمل شهادات: الدكتوراة في الإدارة، والماجستير في إدارة الأعمال والمالية، والبكالوريوس في الهندسة الكيميائية.
خبراته العلمية والمهنية تنوعت بين المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية، والبحث الأكاديمي، ومن المجالات الصناعية والعقارية والهندسية إلى عوالم الاقتصاد والمال والاستثمار. وفي كل ٍ منها كان للدكتور العمر بصمته الخاصة. وانتهاءً بمجال الاقتصاد الإسلامي والذي كان للدكتور العمر - ولايزال - في إطاره تجربةً رائدة تستحق الوقوف على تفاصيلها.
نحاول في حوار العدد الماثل من مجلة الهيئة التوعوية الإلكترونية التعرف على الدكتور العمر عن قرب، كما نعرض لتجاربه في شتى المجالات التي خاضها وأبلى فيها البلاء الحسن، كما نعرض لرأي الدكتور العمر في واقع الاقتصاد الإسلامي، والصناعة المالية الإسلامية إضافةً لرأيه في قضايا ومجالاتٍ أخرى.

- نرغب بدايةً دكتور أبو عبد اللطيف، في التعرف بإيجاز على الجوانب الشخصية والإنسانية والمهنية لكم، البدايات، المراحل التعليمية، الدراسة الأكاديمية، دور الأسرة في حياتكم؟
جزاكم الله كل خير، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم. ما شاء الله سؤالكم متعدد الجوانب، إلا أنني سأحاول بمشيئة الله الإجابة عليه باختصار وبقدر المستطاع.
أنا تلقيت تعليمي حتى نهاية المرحلة الثانوية في الكويت، ثم ذهبت بعدها مباشرةً في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وعكس ما تتوقعون أنا مهندس كيميائي، تخرجت من كلية الهندسة وعملت في هذا المجال في مصانع الكويت قرابة سبع سنوات قبل أن أقرر تغيير وجهتي الدراسية، فتوجهت لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال والتمويل (في الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم الدكتوراة في ذات التخصص (في بريطانيا). وبعدها رجعت للكويت، وتم ترشيحي للعمل في البنك الإسلامي للتنمية في جدة، وعملت هناك نحو اثني عشر عاماً كنائبٍ لرئيس البنك ومسؤولٍ عن الاستثمار وكافة العمليات المالية، بما فيها أعمال الخزانة.
بطبيعة الحال، فإن البنك الإسلامي للتنمية، يعتبر من المؤسسات الدولية الرائدة، فهو بنك تنموي كبير يضاهي مستوى البنك الدولي بالنسبة للدول الإسلامية، رأسماله المصدر يقارب السبعين مليار دولار، والمدفوع يقارب 16 مليار دولار. ولذلك فالبنك كبير وممتد حيث بلغ عدد أعضائه 57 دولة. وقد تناهى إلى مسمعي مؤخراً أن الهيئة تتعاون مع البنك منذ فترة قريبة، من حوالي شهر أو اثنين، وهي شراكة أتوقع أن تكون مثمرة.
بعد ذلك رجعت للكويت وعملت في مؤسساتٍ حكومية بدرجة وكيل وزارة، ثم تفرغت للعمل الخاص في البحرين كرئيس مجلس إدارة لبنك ٍ تجاري وبنكٍ استثماري ورئيس مجلس إدارة في شركتين عقاريتين مدرجتين في الكويت وشركة ثالثة في المملكة العربية السعودية.
في مرحلة ٍلاحقة، غيرت اتجاهي المهني نحو الأبحاث أكثر منها نحو الأعمال التنفيذية.
بالنسبة لحياتي الأسرية، أنا متزوج بطبيعة الحال، ولدي -والحمد لله- ثلاث بنات وولدين، أسال الله التوفيق لهم جميعاً.
- د. فؤاد: ثمة تباعد نوعاً ما بين ميولكم الدراسية والتخصصات العلمية التي خضتموها، من ميولٍ للطب، إلى دراسة الهندسة، ثم الإدارة، وكذلك الحال بالنسبة لتجاربكم العملية: من المجالات الصناعية والعقارية إلى المجالات المصرفية والاستثمارية، ماذا قدم هذا التنوع للعم أبو عبد اللطيف؟
طبعاً، لهذا التنوع- كما يقولون- فوائد كثيرة من حيث تزويدي بالخبرة في العديد من المجالات التي عادةً ما تستهويني وتحظى باهتمامي، الأمر الذي يساعد على تحقيق المزيد من النجاح والفائدة. فعلى على سبيل المثال، عندما تدخل مجال الهندسة، تعطيك تصورات أن المعادلات تفضي إلى نتائج معينة واحدة. فالمعادلة تنتهي بنتيجة واحدة، رقم واحد. على خلاف ذلك، وعلى سبيل المثال، الإدارة تحثك عن التفكير في عدة خيارات لأية مشكلة، بحيث تصل إلى تصورات متعددة وحلول مختلفة، وأنت – كمدير- مطالب باختيار إحداها. وعليك البحث عن الحل الأفضل مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المؤسسة وبيئة العمل التي تتواجد فيها، وطبيعة الناس ذوي الصلة واتجاهاتهم والتكلفة المالية. لا يوجد حل أمثل أو حل وحيد، إنما هناك حلول عدة، عليك اختيار إحداها والموازنة بين الخيارات المتاحة للتوصل إلى الحل الأفضل بالنسبة لك.
بشكلٍ شخصي، التنوع أفادني كثيراً لأني قد عملت في عدة مجالات. المجال الحكومي، كما عملت في المجال المالي الدولي، وعملت في القطاع الخاص. كنت دائم البحث عن المجالات التي تمنحني التحدي وإرضاء الذات، لا الأعمال الملزمة لي.
هذا الأمر يدفعني للبحث عن مجالات قد لا يبحث عنها غيري. على سبيل المثال، عندما ذهبت إلى المملكة العربية السعودية كنت الكويتي الوحيد الذي شغل منصب نائب رئيس، وقد استمريت في هذا المنصب لاثنتي عشرة سنة. كما تسلمت رئاسة البنك لسنة كاملة بعد استقالة رئيسه نظراً لثقتهم في شخصي ولظروف معينة.
هذه الخبرات تعطي تنوعاً للإنسان بدل اقتصار خبراته على مجالٍ واحد، هذا التنوع يعطيه القدرة على حسن اختيار الحلول. العمل في المؤسسات الدولية- مثلاً- يوفر الاحتكاك والتواصل مع أصحاب القرار حالياً ومستقبلاً. على سبيل المثال هناك خمسة موظفين في إحدى الدول الأفريقية، عملت معهم في البنك واستلموا بعدها مناصب رفيعة توزعت بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ووزراء حاليون في الحكومة، ظروف العمل هذه تعطي شبكة من العلاقات، وهذا بعض فوائد التنوع. وخلال عملي زرت تقريباً جميع دول العالم الإسلامي باستثناء ما يقع منها في القارة الأمريكية الجنوبية لأنها خارج نطاق العمل، وفي بعض الأعمال كانت تواجهنا أوضاعاً صعبة وظروف معيشية حرجة، وأذكر ذات مرة حين تم انهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه، كنت في موسكو وكان الخروج من الاتحاد السوفياتي أمراً بالغ الصعوبة، سلكنا طريقاً طويلاً مليئاً بالمتاعب، إلا أنه كان في ذات الوقت فرصةً لمعرفة الشعوب عن كثب. ومن التجارب الشخصية المفيدة لي اطلاعي على تجربة سنغافورة بالكامل والتقائي مع رئيس الوزراء والوزراء المختصين، وكذلك اطلاعي على التجربة الماليزية ولقائي برئيس الوزراء مهاتير محمد. وهذه التجارب أعطتني تنوعاً في فهم الناس والاطلاع على تجارب الشعوب.
- بدأتم حياتكم المهنية بالعمل في مجال التخطيط. ثمة تحولاتٍ جذرية في مسار التخطيط عالمياً ومحلياً بطبيعة الحال. كيف ترى دور التخطيط على صعيد اقتصادات اليوم؟
التخطيط مهم جداً في كافة المجالات، بدءاً بالحياة الأسرية، وانتهاءً بالحياة العامة وعلى مستوى المجتمعات والدول. الإنسان بحاجة للاستفادة من تجارب الآخرين للتوصل إلى رؤية مبنية على دراسات ووفق توجهات محددة قابلة للتطبيق. مثلاً، في الكويت ولدى البحث عن توجهات يمكنها النهوض بالاقتصاد، يقترح البعض التركيز على السياحة إلا أن الظروف البيئية، وعدم توافر التنوع الجغرافي، وصغر المساحة، كل ذلك قد لا يساعد كثيراً في هذا المجال. وبالتالي هناك حاجة للتركيز على قطاعٍ اقتصادي أو صناعةٍ معينة قابلة للتوسع والتمدد، هذا في جانب. وفي جانبٍ آخر، يمكن التركيز على قطاعات واعدة كالتكنولوجيا المالية مثلاً، بدءاً بالتطبيقات المختلفة على جهاز الهاتف الشخصي والتي أصبحت ضرورة لا غنى عنها. وهي صناعة نامية مرغوبة لدى كافة الدول. فمثلاً في بعض دول الجوار تم التركيز على جانبٍ ما من جوانب تلك الصناعة، كالألعاب الإلكترونية، هذا يعني أنه يمكنك من خلال هذه الصناعات التركيز على مجالٍ معين لتعمل على تطويره والتميز فيه. وهذه الصناعات لا ترتبط ولا تتأثر بالبيئة، أو الجو، أو التضاريس الطبيعية، أو أي شيء آخر.
وبالإمكان العمل على إيجاد بيئة العمل المناسبة، نحن لدينا العنصر البشري، والموارد المالية التي تستطيع ابتكار صناعة جديدة أو تطوير صناعة قائمة، وهذا ما يساعد على التنمية حيث غيرنا لا يمتلك مثل هذه المقومات وهو مضطر لابتكار عوامل جذب للناس. بإيجاز، نحن لدينا المقومات المطلوبة لتنمية قطاعات اقتصادية جديدة خارج إطار المجالات الاقتصادية التقليدية التي ندور في فلكها.
- د. فؤاد: يعد بيت التمويل الكويتي أول مؤسسة مصرفية تطبق النهج الإسلامي قبل أن يمتلك ريادة عالمية في هذا المجال. تجربتكم في بيت التمويل كانت الأولى لكم في المجال المصرفي. هل يعود ذلك لميولكم منذ البداية للنهج الإسلامي في الاقتصاد؟ ماذا عن هذه التجربة؟
يمكنني القول بأن تجربتي مع بيت التمويل الكويتي مرت بمرحلتين رئيسيتين، الأولى عندما التحقت للعمل به كموظف، والثانية كعضو مجلس إدارة.
في الأولى كموظف، عملت في مجال الاستثمار، إلا أنه ولظروفٍ العمل وبيئته لم أستطع الاستمرار دون أن يؤثر ذلك على ارتباطي ببيت التمويل الكويتي، والبنوك الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي عموماً. إلا أنني كموظف في البنك لم أجد نفسي فيه، يعني على سبيل المثال، شخصٌ ما قد يعجب بهيئة أسواق المال ولوائحها إلا أنه لا يحب العمل لديها. أحياناً، الإنسان قد لا يكون بالضرورة محباً لبيئة العمل حينما يكون موظفاً فيه.
في المرحلة الثانية، عدت لبيت التمويل الكويتي، كعضو مجلس إدارة لمدة تسع سنوات ممثلاً للهيئة العامة للاستثمار، ثم الأمانة العامة للأوقاف. في هذا الوقت، بدأت ميولي تتشكل نحو الاقتصاد الإسلامي بصورةٍ أكبر، وقمت بإجراء بحوثٍ في جوانب عدة في مجال الاقتصاد الإسلامي. بعض تلك الجوانب لم يتم التطرق إليها سابقاً، كما هو الحال مع قيم أخلاق العمل الإسلامي، والميثاق الأخلاقي. فمثلا لديكم في هيئة أسواق المال ميثاق مماثل يحمل اسم ميثاق الشرف -كما أظن- يحدد ضوابط وقواعد سلوك الموظف الواجب اتباعه. كما أنني لدي اهتمام كبير بقضايا الزكاة والوقف، إضافةً إلى مجالاتٍ أخرى كالأسهم وأدوات الدين والتمويل. بالنتيجة، وجودي في بيت التمويل أفادني من بعض المجالات، إلا أن خبراتي في مجالات الاقتصاد الإسلامي تكونت بصورةٍ أكبر بعد التحاقي بالبنك الإسلامي للتنمية. في ذلك الوقت رأيت الواقع بصورة واقعية إلى حدٍ بعيد.
- تجاربكم في بيت الزكاة، ولدى البنك الإسلامي للتنمية، كانت تجارب رائدة، غنية، امتدت لعقودٍ عدة. ماذا عنهما؟
طبعاً، بيت الزكاة حين تم تأسيسه، كنت أعمل في بيت التمويل الكويتي وعرض على أن أكون مدير عام بدرجة وكيل وزارة له. هذا الأمر شكل تحدياً لي خاصةً وأنني لم يسبق لي ممارسة مثل هذا العمل من قبل، والله سبحانه وتعالى وفقني مع فريق عمل لإعداد نموذجٍ عمل قائم على التطوع في دفع الزكاة. وبحمد الله نجح هذ النموذج المستند إلى توجه الدولة بشأن عدم إلزامية الزكاة وإنما بجعلها تطوعية كخطوةٍ متدرجة نحو الإلزام فيها بعد الوصول للقبول المجتمعي لموضوع الزكاة، وبعد ظهور آثاره ونتائجه للعامة. والحمد لله أننا قد شهدنا بيت الزكاة يكسب ثقة الناس، وهذا ما يؤكده تنامي حجم التبرعات، وقد استطعنا تحقيق التوازن بين نشاطات البيت في الداخل والخارج. وقد وجدنا بأن بعض الناس يعتقدون أن لا فقراء في الكويت، وأن فقراء الخارج هم أشد حاجة، ولكن هناك فقراء في الكويت بحيث تم بناء نموذج العمل على أساس تحقيق التوازن بين الداخل والخارج، مع حرصنا على تحري الاحتياجات الحقيقية، فوجدنا الأسر المتعففة والمدينين من خلال كشوف وزارة العدل، والكثير منهم يدخل السجن لمبالغ بسيطة. كما استطعنا من خلال التعاون مع وزارة التربية، مساعدة الطلبة الفقراء المحتاجين، فكان النموذج مبنياً على مساعدة الآخرين من خلال شركاء استراتيجيين، دون تحميلنا تكلفة مالية أو تشغيلية، وكذلك الحال بالنسبة لتعاوننا مع وزارتي الشؤون والداخلية، ووفق ذات الآلية، حيث تقوم تلك الجهات بإدارة الصندوق نيابةً عنا في بيت الزكاة، ونحن نقوم بالتمويل مع التأكد من عمليات الصرف. الأمر الذي ساعد في توسع أعمالنا بصورةٍ كبيرة. وأعتقد أننا – وبحمد الله- قدمنا نموذجاً ناجحاً لدولٍ عديدة استفاد منه الكثير، هذا بالنسبة لبيت الزكاة. أما بالنسبة لسؤالكم عن البنك الإسلامي للتنمية، فمثلما بينت لكم بأن البنك الإسلامي للتنمية هو مؤسسة كبيرة، وهي ضخمة بالفعل ربما أكبر مما يتصور الكثيرون سواءً من الحجم أو التأثير . وحقيقةً، أنني لم أتصور حجم هذه المؤسسة بالفعل في بداية استلامي مسؤوليتها، ولو أدركت ذلك ربما ترددت في الأمر، لكن بمشيئة الله وتوفيقه سارت الأمور كما يجب. طبعاً، الدور الأساسي للبنك يتمثل في تقديم العون لتنمية الدول الإسلامية والتي يبلغ عددها اليوم سبعاُ وخمسين دولة تتوزع في قارات العالم المختلفة بدءاً بإفريقيا ووسط آسيا وانتهاءً بجزر الكاريبي. الأمر الذي يعكس حجم البنك وسعة انتشاره.
ودور البنك التنموي يختلف بطبيعة الحال عن غيره من البنوك، كالبنك الدولي، إذ لا يتم التركيز على تمويل مشاريع التنمية فقط، وإنما أيضاً على تمويل التجارة بين الدول ما يطلق عليه مسمى "التجارة البينية"، على سبيل المثال، يمكنني تقديم التمويل لبنجلاديش التي تستورد النفط من دولة عضو كالكويت. نفس الأمر ينطبق على أية سلعةٍ أخرى. وهذا التمويل يشجع دولةً ما على تبادل سلعها مع دول أخرى لأنها ضامنة للتمويل لحصولها عليه من البنك لا من الدول، وهذا ما يشجع على تعزيز التجارة البينية بين منظومة الدول الإسلامية، أي أن السلع والبضائع يتم تبادلها بين دول المنظمة وهذا يعود بالنفع على هذه الدول عموماً، وهذا لن يتحقق في حال التبادل مع دول خارجها، كفرنسا على سبيل المثال. فتشجيع قطاعٍ ما، كالقطاع الصناعي في الكويت أو السعودية أو لدى أية دولة أخرى من خلال استيراد منتجاته وتوفير التمويل لمن يستورده، يساعد على تنمية قدرات هذا القطاع.
ثمة مجال آخر، أعني ما يطلق عليه " تمويل القطاع الخاص" وفقني الله -سبحانه وتعالى- في العمل في إطاره، وهذا الجانب يتطابق في جوانب كثيرة مع ما تقوم به هيئة أسواق المال. وقد تم التفكير في تأسيس مؤسسة للتمويل الخاص لأن البنك الإسلامي التنمية يتعامل مع الدول وفي المجالات التنموية حصراً لا مع أسواق في تلك الدول أو مع القطاع الخاص لديها، أي أنه غير قادر على التعامل مع سوق الكويت للأوراق المالية أو غيرها من الأسواق.
لتجاوز تلك الاعتبارات، تم تأسيس هذه المؤسسة - أقصد مؤسسة التمويل الخاص- وكنت أول مدير عام لها، أي أنني قد توليت مهام تأسيسها من الألف إلى الياء، وحرصت على أن تؤدي دورها في تنمية القطاع الخاص، أي بعيداً عن الدولة ومشاريعها. وقد تركزت آلية العمل على الشركات الصغيرة حيث يتم تمويلها وتنميتها بهدف إدراجها في سوق الأوراق المالية ليتم التخارج منها بعد ذلك. وهذا الهدف الأساسي منها، وهو هدف له أهميته، لاسيما على صعيد الشركات التي تواجه مشاكل في الإدراج في أسواق المال المختلفة، وذلك لاعتبارات تتعلق بقدرة هذه الشركات على استقطاب الأموال التي تساعدها لزيادة رؤوس أموالها لاستيفاء متطلبات الإدراج لدى السوق ولدى هيئة أسواق المال.
كما أننا بدأنا للتوجه نحو مشاريع تعتبر طويلة الأجل من حيث التمويل، كتمويل مشروع مصفاة أو ميناء للقطاع الخاص. وفي هذه المشاريع لا تكون المساهمة مع القطاع الخاص كشراكةٍ في الملكية فقط، وإنما بصورة تجمع بين الملكية والدين معاً والذي يمكن أن يكون بشكل سندات أو صكوك. بعبارةٍ أخرى، أنت تتيح لهم تنوعاً في الأدوات المالية، كما تتيح لهم فرصة اختيار الاستثمار أو التمويل المناسب لهم. وفي الإطار ذاته، دخول بنك ما مثل البنك الاسلامي للتنمية ومؤسسته في مثل هذه المشاريع يعطي ثقة للأخرين للمشاركة فيها نظراً لأن جهةً مالية راسخة درست الموضوع وفحصته وشاركت في تمويله، الأمر الذي يوسع قاعدة مستثمري المشروع، ويفعل دور القطاع الخاص، ويوسع نطاق استفادته من تمويل البنك وموارده المالية، كما أنه يوسع نطاق عمل البنك من ناحية ٍ أخرى.
- د. أبو عبد اللطيف: تجربتكم الحافلة في عالم الاقتصاد الإسلامي بدءاً ببيت التمويل وانتهاءً بالأمانة العامة للأوقاف. تدفعنا لسؤالكم عن واقع الاقتصاد الإسلامي عالمياً؟ وماذا عن ريادتنا الإقليمية على صعيده؟
بطبيعة الحال، يعد الاقتصاد الإسلامي في الوقت الحاضر من أكثر الاقتصاديات نمواً مقارنةً مع الاقتصاد التقليدي، أي الربوي. وهذا النمو الذي يراهن الكثيرون على انخفاضه لاحقاً، وهو أمر لم يحدث. ولو نظرنا إلى اقتصاديات دول عدة، كالكويت مثلاً، نجد أن أصول الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمدرجة في بورصة الكويت تمثل نحو 60% تقريباً من إجمالي أصول الشركات المدرجة فيها، مع التأكيد على النمو الكبير لهذا القطاع من ناحية، وإطلاق منتجات تمويلية إسلامية جديدة من ناحيةٍ أخرى، وليس الصكوك فقط كما كان يتم التركيز عليه في السابق. هذه العوامل ستفضي لاتساع السوق بشكلٍ كبير لقطاعات عدة جديدة. هذه الجوانب لو ركزت عليها الكويت لحققت نجاحاً كبيراً في هذا المجال ولتمكنت من تحقيق نموٍ كبير في ناتجها المحلي، خاصةً وأن الكويت تمتلك الموارد المالية، والمقومات المطلوبة، ولديها توجه نحو اقتصادٍ إسلامي. وأعتقد أن الأمر يستحق التفكير الجدي، ولقد قرأت مؤخراً عن توجه لهيئة أسواق المال لتبني ما يمكن اعتباره خارطة طريق لصناعةٍ مالية إسلامية، وهذا توجه رائد يحسب للهيئة وخطوة في الطريق الراشد.
وأذكر، في إطار التجارب ذات الصلة، أنني شاركت في ماليزيا في تسعينات القرن الماضي في العمل مع مجموعة تضم وزير المالية الماليزي ومحافظة البنك المركزي على وضع خارطة طريق تستهدف التوصل لآليات تساعد على زيادة البنوك الإسلامية في ماليزيا، وقد تم بالفعل التوصل إليها وتطبيقها لتصبح ماليزيا رائدةً في هذا المجال، ولها قيمة اقتصادية كبيرة.

- د. فؤاد: هناك جهود حالية للهيئة للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية بدءاً بتنظيم إصدارات الصكوك، وثمة تعاون في هذا الإطار مع البنك الإسلامي للتنمية. ما مرئياتكم في هذا الصعيد؟
في حقيقة الأمر، الصكوك هي إحدى الأدوات التمويلية المهمة في الصناعة المالية الإسلامية، إلا أنها ليست الوحيدة طبعاً، وتنظيمها، بالمناسبة، يعد الأسهل مقارنةً بغيرها. وتطوير سوق المال يعني تطويراً للأسهم والأدوات التمويلية الأخرى، وهو أمر اشد صعوبة من تنظيم وإصدار الصكوك التي غالباً ما تلجأ إليها البنوك الأجنبية لسهولتها من مختلف الجوانب: الشرعية، القانونية، والعملية والرسوم المناسبة. ما نحتاجه هو تحول الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأهيلها لإدراجها في السوق، وتوفير القنوات التمويلية اللازمة. لدينا في الكويت بعض التشريعات الجيدة كقانون الشركات الذي أتاح مرونة كبيرة إلا أننا نحتاج المزيد. في الخارج يستخدمون آليات أو أنماطاً معينة، كإنشاء شركة ذات غرض خاص، أي أنها تنشأ لمشروع خاص كإنشاء مشروع رائد مثلاً وتنتهي بنهايته. وهذه الشركة لا تحتاج جمعية عمومية وقوائم مالية ومقر وسوى ذلك من المتطلبات المطلوبة من الشركات المؤسسة لفترةٍ طويلة. هذا النوع من الشركات موجود في الغرب. نحن في الكويت نجحنا بإنشاء شركة الشخص الواحد ذات المتطلبات المحدودة بما في ذلك تحديد رأسمالها واختصاصاتها. كل هذا جيد إلا أننا مع استهدافنا التحول لمركزٍ مالي نحتاج تغييرات كبيرة في التشريعات واللوائح والإجراءات وكيفية أداء الأعمال. نحتاج اختصار الدورات المستندية للأعمال، المعاملة لدينا تستغرق أياماً عدة قد تبلغ ستة أو سبعة أيام وهي مدة طويلة جداً مقارنة بدول الإقليم لا مع أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية حيث لا تستغرق معاملة مماثلة أكثر من نصف ساعة. بالنتيجة، بيئة العمل لازالت غير جاذبة كما ينبغي مع كثرة المتطلبات التنظيمية، وهو جانب يستحق إعادة النظر فيه.
من جانبٍ آخر، لابد من إعادة النظر في دور الدولة، فهل من حاجة فعلية لقيام الجهة الرسمية بمراجعة ميزانية الشركات التي يمكن لمجالس إداراتها ومساهميها تولي ذلك الجانب من خلال الجمعيات العمومية، والقضاء هو من يحسم الخلافات في هذا الإطار. فمثلاً أنت مطالب بمراجعة وزارة التجارة لتقديم القوائم المالية للشركة، ومراجعة البلدية لتقديم شهادة أوصاف خاصة ببيع أو شراء أي عقار، مع أنه يمكن ببساطة ترك الخيار لك لمراجعة مكتب هندسي للتأكد من مواصفات العقار المطلوب وبمبلغ ٍ زهيد. يجب ترك الأمر لآلية السوق والابتعاد عن البيروقراطية الجامدة وان تكون الدولة راعية لا حارسة.
- د. فؤاد: ليس بعيداً عن عالم الاقتصاد الإسلامي، وبالعودة إلى الجانب الشخصي. لكم عديد المؤلفات والدراسات في هذا الإطار، كمؤسسة القرض الحسن، وإدارة مؤسسة الزكاة في المجتمعات المعاصرة. ماذا عن الجانب البحثي لديكم؟ وماذا عن جديدكم في هذا المجال.
أبحاثي تتركز في بعض الأشياء التي تستهويني كمؤسسة القرض الحسن على سبيل المثال. وقد كنت ولا أزال أرى أن المجال رحباً للقيام بتجربة أشياء عدة. حاولت تطبيق أشياء مماثلة في بيت الزكاة، إلا أن النجاح لم يحالفني صراحةً لأسبابٍ عدة أنا أعرفها تمام المعرفة. ما يصلح للمؤسسة الحكومية قد لا يصلح لغيرها، فمؤسسة القرض الحسن لا يمكن إدارتها من قبل الدولة، هناك جوانب كثيرة يصعب تطبيقها. في الوقت الراهن، أركز اهتمامي البحثي على جانبين رئيسيين:
أولهما، يتمثل بـ"الاستدامة"، وهو بالمناسبة يحظى باهتمام هيئة أسواق المال- وهنا أقصد الاستدامة بأشكالها المختلفة بصورةٍ عامة: المالية، البيئية، التشغيلية، واستدامة المؤسسات بصورةٍ خاصة. بقراءتي لميزانية شركة ما لمدة خمس سنوات. أستطيع تقدير مدى استمرارها من عدمه، كما يمكنني تحديد المقومات والإجراءات المطلوبة في حال الرغبة باستمرارها. هذا الأمر طبقته على الأمانة العامة للأوقاف في بحثٍ علمي، استعرضت ميزانياتها لعشرين سنة، وتوصلت لنموذجٍ معين وعملت على تطويره، قمت بإجراء حساب لمؤشرات الاستدامة ليتبين لي ضرورة معالجة ثلاثة من مؤشرات الاستدامة الإثني عشر الخاصة بها ضماناً لاستمرار المؤسسة، وبدون معالجتها قد لا تستمر المؤسسة. هذا الأمر قابل للتطبيق على كافة المؤسسات والمجالات بما فيها الهيئة. المؤسسات يجب أن تعمل على تدعيم ركائز استدامتها، بعض المؤسسات لا تستمر بصفتها مؤسسة حكومية، على سبيل المثال، كانت هناك مؤسسة حكومية كان دورها يشابه دور حامي العدالة في الدول المتقدمة، لعبت دور الوسيط بين المواطن والحكومة في حل المشاكل التي تواجه المواطن في تعامله مع الدولة واستمرت لفترة ثلاث سنوات بعد الغزو، إلا أنها لم تستمر أكثر من ذلك. وبالتالي فإن الاستدامة المؤسسية شيء ضروري للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
أما ثانيهما، فيتناول "الدراسات الكمية" التي تساعدك في تحديد الأسباب الحقيقية للمشكلة، وتضعك في صورة مكامن الخلل وأسبابه لا أعراضه فقط. نحن حينما تصادفنا مشكلة لا نركز على المشكلة ذاتها أو نركز على بعض أسبابها محدودة الأثر دون التركيز على السبب الحقيقي. على سبيل المثال، معظمنا يحمل الحكومة مسؤولية الوضع في الكويت، إلا أن هناك أسباباً أخرى في الحقيقة، أسباب تتعلق بالنظم واللوائح، أسباب تتعلق بالمواطن ذاته، أسباب تتعلق بمدى تأهيل الموظفين والإدارة الحكومية، أسباب تتعلق بمدى توفر تكنولوجيا المعلومات وغيرها من الأسباب.
بعبارة أخرى، قد يكون للمشكلة الواحدة خمسين سبباً، وواحد في المئة فقط من يستطيع وضع يده على السبب الفعلي الأكثر أثراً. فالدراسات الكمية تساعدك في تحليل المشكلة بصورة علمية واقعية، مثلاً في حال تطبيقها على مشكلة تتعلق بضعف نتائج الجهود المتعلقة بتوعية المستثمرين، ستجد أن هناك أسباب تتعلق بإصرار بعض المتلقين على عدم التعلم، حتى لو كررت رسالتك التوعوية على مدار الساعة يومياً، وهؤلاء نسبتهم 5%. هناك سبب آخر يتعلق بعدم وضوح رسالتك التوعوية، وهناك سبب ثالث يتعلق بالحاجة إلى تكرار الرسائل التوعوية مرات ومرات لتؤدي الغرض منها. بإيجاز، الدراسة الكمية تحدد لك الأسباب وتحللها لك لمساعدتك في الوصول للنتيجة الأفضل للتعامل مع الخلل الحاصل.
د. فؤاد: إذا أردنا إيجاز واقع الاقتصاد الإسلامي لدينا على وجه العموم، وواقع الصناعة المالية الإسلامية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية، بكلمات قليلة ماذا يمكننا القول؟ وماذا عن جهود النهوض بهذه الصناعة؟ وهل نحن على المسار الصحيح؟
الاقتصاد الإسلامي اقتصادٌ نامٍ، والحمد لله، وذلك بمعدلات نموٍ جيدة، رغم ثبات أو بطء نمو أوسع قطاعاته المتمثل بقطاع تمويل أدوات الدين، والذي يقتصر إلى حدٍ بعيد على الصكوك، وأعتقد أن من أسباب "ثبات" أو بطء" نمو هذا القطاع يعود لعدم إطلاق منتجاتٍ جديدة، عدم تطوير السوق، قلة الأبحاث ذات الصلة بهذا المجال. ونحن إذا أردنا النهوض بهذا القطاع علينا التركيز على طرح منتجاتٍ جديدة.

وبمقارنة الوضع في الكويت مع مثيله في المملكة العربية السعودية، نلحظ محدودية أدوات ومنتجات الصناعة المالية الإسلامية لدينا، على سبيل المثال، لو كان لدينا صكوك عقارية (ريت) تمثل ملكيتك في عقار ما، ومن خلال تداولها في سوق الكويت للأوراق المالية يمكنك الحصول على عائد يزيد أو ينقص وفقاً لأداء السوق أو القطاع. حسناً لدينا أدوات مالية محدودة يقابلها ثلاثون أو أربعون أداة مالية في دول الجوار، كما أن هناك بطْء في تبني الأدوات الجديدة. والأدوات والمنتجات المالية المبتكرة تساعد كثيراً على النمو، في مجال العقار الذي أشرت إليه سابقاً على سبيل المثال، حيث إن الاستثمار في المنتجات العقارية يحقق لك العوائد المطلوبة، ويعفيك من المشاكل المتصلة ببيع العقار أو تأجيره. كما أن هذه النوعية من الاستثمار يمثل فرصةً جيدة لصغار المستثمرين الذين قد لا يملكون رؤوس أموال كافية لشراء العقار، إلا أنهم يملكون فرصة الاستثمار في أسهم هذا العقار المدرج في سوق المال والاستفادة من ارتفاع قيم أسهم الصك العقاري أو من الأرباح التي توزعها في نهاية فترتها المالية.
من ناحيةٍ ثانية، أعتقد أن هناك مجالاً آخر يمكن للهيئة أن تستند إليه في إطار توجهها للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية المرتبطة بأنشطة الأوراق المالية، أقصد به "الأموال الوقفية" وذلك من خلال تنظيم إطلاق صناديق استثمارية وقفية على سبيل المثال. في الحقيقة، في المملكة العربية السعودية هناك سوق وقف منظم، نحن نعاني من مشكلة عدم تنظيم نشاطات الوقف وصناديقه. في حال توجهك للقيام بأي نشاطٍ وقفي لن تجد جهة مسؤولة عن تنظيم مثل هذه الأنشطة.
ومما لا شك فيه، أن مصاعب عدة ستواجه الهيئة في حال توجهها لتنظيم الأموال الوقفية وإخضاعها لأحكام سوقٍ منظم، هناك رؤوس أموال كبيرة لديها الرغبة في الاستثمار بالسوق إلا أن الفرصة غير متاحة لديها حالياً، الحاجة ماسة - في اعتقادي - للانتقال بالمال الوقفي من السوق غير الرسمي للسوق الرسمي. هذا جانب من بعض المجالات التي يمكن من خلالها تطوير الصناعة المالية الإسلامية بعيداً عن أدوات الدين. وحتى على صعيد أدوات الدين ذاتها، يمكن العمل على تطوير الأدوات التقليدية، كالإجارة والاستصناع وغيرها، وكذلك تطوير سوق خيارات والذي نفتقده كبنوك إسلامية أو اقتصادٍ إسلامي. هذه الاتجاهات تمثل - برأيي- إجراءات مطلوبة للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية والحد من المخاطر الاستثمارية عموماً.
كلمة أخيرة تودون قولها؟
ما أود قوله، أولاً، جزاكم الله كل خير، كل الشكر لكم. ثانياً، لقد قمتم بتنشيط ذاكرتي بالفعل، حقيقةً كنت ناسياً أشياء كثيرة. بارك الله فيكم. أتمنى لكم وللهيئة كل التوفيق.
أسرة مجلة هيئة أسواق المال تتقدم باسمها ونيابة عن الهيئة بوافر تقديرها للدكتور فؤاد العمر.
كل الشكر لكم دكتور.

- حوار:
- فهد المطيري - اختصاصي أول - مكتب التوعية
- هدى الشطي - اختصاصي أول - مكتب التوعية
- أحمد غزاوي - باحث إداري أول - مكتب التوعية
- تصوير:
- عهود العجمي - اختصاصي - مكتب التوعية
- م.محمد بخيت - مهندس - إدارة تقنية المعلومات والاتصالات