01/12/2023

رقم (14)

القضية # 14


هل آن أوان الاقتصاد الأخلاقي القيمي؟

​​اليوم، وبعدما بدأ الاقتصاد العالمي مسار التعافي النسبي من تداعيات جائحة كورونا والتي لم ولن تكون الأخيرة في سلسلة أزماتٍ اقتصادية ومالية متعاقبة ومتكررة ما إن يقف على أعتاب تجاوز إحداها حتى تلوح في الأفق بوادر الأزمة التالية، وكأننا ندور في حلقةٍ مفرغة إلا أنها مبررة وفقاً لآراء بعض الخبراء الاقتصاديين باعتبارها أحد وجهي الدورة الاقتصادية انتعاشاً وركوداً دون الاعتراف بأن الاقتصاد العالمي في أزمة لعوامل ذاتية تتناول أسسه ومرتكزاته.

تعددت الأسباب والأزمة واحدة، مرةً بسبب التوسع الائتماني والقروض والديون السيادية، ومرةً أخرى بسبب المشتقات المالية، وأخرى بفعل السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة أو الفاقدة للحصافة على الأقل، ناهيك عن المسببات المتعلقة برؤوس الأموال الساخنة، الطاقة أو العملات، النقص الحاد في السيولة، الفقاعة العقارية، وضعف الإجراءات الرقابية، ...وغيرها الكثير، هذه بعض مسببات الأزمات الاقتصادية التي مر بها الاقتصاد العالمي - ولا يزال- وهي أو غيرها ستكون المسبب للأزمة القادمة. إلا أنني أعتقد جازماً أن تلك الأسباب ليست أكثر من تداعيات للأزمة وأعراضٍ لها، وهي أبعد ما تكون عن المسببات الحقيقية التي تمس جوهر الاقتصاد العالمي، والتي تبدأ بارتكازه بصورةٍ رئيسة على الفساد الاقتصادي الأخلاقي، ولا تقف بطبيعة الحال في حدود نظام الفائدة على القروض، والممارسات المتصلة بالغرر والميسر والمقامرة والغرر في التعاملات، ونظام جدولة الديون، والمشتقات المالية.

بعبارةٍ أخرى، افتقاد الاقتصاد العالمي للقيم الأخلاقية هي مكمن ضعفه إذ لا يمكن لاقتصادٍ بلا قيم الاستمرار دون أثمانٍ باهظة، وهذا ما يشير إليه بعض الاقتصاديين المعاصرين الذين يعتبرون أن المفاهيم والقواعد التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الرأسمالي هي نقطة البداية لإفلاسه وانهياره لاحقاً ما لم يتم تصويبها.

ما أود قوله بأن الاقتصاد العالمي في وضعه المأزوم المتكرر عادة بين الفينة والأخرى لأسباب أبعد ما تكون عن طبيعة الدورات الاقتصادية، ومن الحكمة البحث عن معالجاتٍ جذرية أو تبني مناهج اقتصادية أخرى بديلة، كالاقتصاد الإسلامي الذي أراه البديل الأكثر نجاعةً لامتلاكه منظومة قيم أخلاقية ربانية، كالحق والأمانة والمصداقية والشفافية والتكافل، والعدالة في اكتساب الثروات وتوزيعها وإنفاقها ضمن الحدود الشرعية، وتحريم التعاملات المستندة إلى الاحتكار والربا والغش، والتدليس، والكذب، والاستغلال.

في الإطار ذاته، أعتقد أن التحديات الجسيمة التي تواجه المجتمعات البشرية اليوم، لاسيما على صعيد استحقاقات الرقمنة، والتنمية المستدامة، والشمول المالي، والتي أصبحت بمجملها مطالب عاجلة لا تحتمل رفاهية الانتظار لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي المطلوبين-اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى- تمثل عاملاً إضافياً لتعزيز التوجه المطلوب للاقتصاد الإسلامي القيمي، وهذا ما يؤكده الاهتمام العالمي المتزايد اليوم- لا على صعيد الدول الإسلامية فقط- في الصناعة المالية الإسلامية، والتي تحقق نمواً سنوياً تتجاوز 10% سنوياً. هذا الاهتمام يعكس سعي العديد من دول العالم لتطوير أسواق مالية إسلامية أو تبني أدوات مالية إسلامية كخياراتٍ بديلة عن نظيراتها التقليدية، والفرصة مواتية لزيادة كفاءة وتنافسية المؤسسات المالية الإسلامية، وإيجاد الاتساق المطلوب بين أفضل الممارسات والمعايير المطبقة في تلك الصناعة المالية الإسلامية، وخلق روابط مع الأسواق الدولية، وإيجاد تحالفاتٍ إستراتيجية فاعلة.

محلياً، ثمة ريادة كويتية للصناعة المالية الإسلامية مترافقة مع قبول ٍ شعبي للتعاملات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، وعزوفٍ عن نظيرتها التي تفتقد للتوافق مع تلك الأحكام، وهذا ما يفسر ماتمثله الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من نسبة ٍ كبيرة من القيمة السوقية للشركات المدرجة والبالغة 60%، وهذا ما دفعنا في هيئة أسواق المال لتبني مبادرة للارتقاء بالصناعة الإسلامية على صعيد أنشطة الأوراق المالية، ووضع خارطة طريق لتنفيذ تلك المبادرة بالتعاون مع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في غضون السنوات القليلة القادمة.

بالمحصلة، الاقتصاد الأخلاقي القيمي الذي تمثل الصناعة المالية الإسلامية الحقيقية جوهره غدا ضرورةً ملحة لتجاوز الاقتصاد العالمي أزماته، والصناعة المالية الإسلامية -على وجه التحديد- تقف اليوم على مشارف التحول للعالمية، دون أن ينفي ذلك مواجهتها جملة تحدياتٍ مهمة تتعلق بتطوير آلياتها وأدواتها وأسواقها والحد من مخاطرها، وتعزيز أساليب الرقابة والإشراف والحوكمة الشرعية، وتوفير البدائل التمويلية للتقليدية من خلال ابتكار منتجات مالية جديدة، وتطوير المنتجات القائمة، ودمج التقنيات الحديثة في منظومة الصناعة المالية الإسلامية التي تمثل الأداة الرئيسة للتحول إلى اقتصادٍ تنموي أخلاقي رقمي مستدام.

​​


أ.د. أحمد عبدالرحمن محمد عبدالله الملحم

رئيس مجلس المفوضين والمدير التنفيذي​

 هيئة أسواق المال​



الحوكمة الشرعية في أسواق المال: تجربة هيئة أسواق المال الملهمة

تشكل المؤسسات والمنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة أساساً مهماً في سوق رأس المال بدولة الكويت، وتتميز هذه المؤسسات بوجود نظام حوكمة شرعية ينظم عملها، فماذا عن هذا النظام؟

الحوكمة الشرعية: المفهوم والغايات

يمكن تعريف الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية بأنها: "النظام الذي يطمئن أصحاب المصلحة بعدم مخالفة المؤسسة لأحكام الشريعة الإسلامية من خلال اتباعها للتعاليم الشرعية الصحيحة، والتأكد من صحة تطبيقها مع الإفصاح الشرعي عن ذلك".​

وقد ظهرت الحوكمة الشرعية كمتطلب بهدف التأكد من التزام المؤسسة المالية الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية، ويعد أمر الالتزام بمعيار أو ضابط معين من الأمور المنتشرة على نطاق واسع في عالم الاستثمار، كالصناديق الاستثمارية القائمة على الاستثمار الأخلاقي أو الاستثمار ذو الأثر.

تعد الحوكمة الشرعية نظاماً يحتوي على أدوات وآليات فاعلة يتم التأكد من خلالها على عدم مخالفة المؤسسة لأحكام الشريعة الإسلامية في جميع عملياتها وأنشطتها المختلفة، وذلك من خلال الاعتماد على معايير شرعية أو تعيين هيئة رقابة شرعية ووجود وظيفة للالتزام الشرعي، والرقابة الشرعية الفاعلة من خلال وجود تدقيق شرعي داخلي وتدقيق شرعي خارجي، والإفصاح الشرعي المستمر الذي يطمئن أصحاب المصلحة عن مدى توافق المؤسسة مع أحكام الشريعة الإسلامية من خلال وجود تقارير دورية يتم الإفصاح عنها.

يعد أمر الحرص على الالتزام بالشريعة والشهادة بذلك أمام أصحاب المصلحة لاسيما "المساهمين والمستثمرين" منهم من ضروريات وأساسيات العمل المالي الإسلامي.

ويمكن القول، بأن ما تصبو إليه الحوكمة الشرعية من مستهدفات يمكن إيجازه بالابتعاد عن تعارض المصالح ودرء الشبهات عملاً بالتوجيه النبوي في الحديث النبوي الشريف (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وبالنظر إلى الواقع المعاصر فإننا نجد أن عناصر الحوكمة الشرعية المختلفة تندرج تحت قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي كونها تصبو إلى تحقيق المطالب الشريعة ( كل أداة حديثة وصل إليها الإنسان بما علمه الله وسخر له من وسائل؛ إذا كانت تخدم غرضاً شرعياً أو واجباً من واجبات الإسلام، تصبح مطلوبة بقدر درجة الأمر الذي تخدمه وتحققه من المطالب الشريعة، وفقا للقاعدة الأصولية المعروفة (ما يتوقف عليه الواجب فهو واجب).

تطور الحوكمة الشرعية في الكويت

بدأت صناعة الالتزام الشرعي في دولة الكويت من خلال أول نموذج للرقابة الشرعية والمتمثل بتعيين مستشار شرعي يقوم بوظائف الالتزام الشرعي المختلفة، واستمر الحال كذلك حتى قيام إصدار بنك الكويت المركزي بإصدار أول تعليمات للحوكمة الشرعية في دولة الكويت عام 1994م والتي انتهت إلى ضرورة تعيين هيئة رقابة شرعية للشركات الاستثمارية.

ومع انتقال مسؤولية الإشراف على أسواق رأس المال الإسلامية والمتمثلة في شركات وصناديق الاستثمار والصكوك وشركات الوساطة المالية إلى هيئة أسواق المال، استحدثت الهيئة نموذجها الخاص بالحوكمة الشرعية.

في عام2011 قامت هيئة أسواق المال بتعديل جذري على اللوائح الحاكمة للصناديق والشركات الاستثمارية الإسلامية والصكوك وشركات الوساطة المالية وذلك بإصدار اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال، حيث يعد عام 2010 بمثابة النقطة الفاصلة في أسواق المال بدولة الكويت وذلك بصدور القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، وقد جاءت اللائحة التنفيذية لهذا القانون لتبرز نموذجاً جديداً للحوكمة الشرعية لأسواق رأس المال الإسلامية بدولة الكويت.

نموذج ملهم

يعد نموذج الحوكمة الشرعية للأسواق المالية الإسلامية الصادر عن هيئة أسواق المال في دولة الكويت ملهماً ومميزاً، إذ أنه يتميز بوجود تشريعات لبعض عناصر الحوكمة الشرعية كالتدقيق الشرعي الخارجي ومكتب التدقيق الشرعي الخارجي، وهذا الجانب بالذات يعد أمراً مستحدثاً على مستوى الصناعة المالية الإسلامية.


ومما يشار إليه في هذا القانون اختصاص مجلس مفوضي هيئة أسواق المال بوضع القواعد الخاصة والنظم والإجراءات التي يتطلبها نشاط كل شخص مرخص له يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما يمثل دعماً وتعزيزاً لموقع المؤسسات المالية الإسلامية والحوكمة الشرعية الخاصة بها في هذا الكيان الجديد بوضع مسؤولية وضع الأطر العامة في عهدة مجلس المفوضين وهو أعلى سلطة في الهيئة.

يوضح الجدول التالي العلاقة بين التدقيق والرقابة والحوكمة الشرعية في حالتها الأفضل.


أساسيات الحوكمة الشرعية

بالنظر للعناصر الإلزامية في نموذج الحوكمة الشرعية في هيئة أسواق المال والمنصوص عليها في الكتاب الخامس من كتب اللائحة التنفيذية لقانون قانون نشاء الهيئة، والمتمثلة بأمور ٍ إلزامية بالتدقيق الشرعي بفرعيه الداخلي والخارجي، وأمورٍ اختيارية، كهيئة رقابة شرعية. إن هذه العناصر تعد من أساسيات الحوكمة الشرعية، وخط دفاعٍ أساسي لالتزام المؤسسة المالية الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية، إذ أنه لا يتصور وجود مؤسسة مالية إسلامية دون وجود نموذج للرقابة الشرعية يشمل في جوانبه مدققين شرعيين أكفاء ذوي كفاءة وملاءمة مع التزام واضح بالمهنية وأخلاقيات العمل، إضافةً لوجود نظام للرقابة ومرجعية لها ووظائف واضحة المعالم مناطة بها مع وضع تنظيم عالي الاستقلالية.

 وكلما كانت العناصر المذكورة آنفاً موجودة ومطبقة بشكلٍ فعال فإن ذلك يزيد من فعاليتها وكفاءتها وبالتالي تعزيز الالتزام الشرعي نتيجة للفاعلية والكفاءة المهنية التي سينتجها التدقيق الشرعي في المؤسسة المالية الإسلامية، ومن مقومات هذا النظام وجود مرجعية شرعية، وموارد بشرية، وأنظمة آلية، وأدوات عمل ملائمة، وبالنظر للمرجعية الشرعية فإنها تمثل قرارات هيئة الرقابة الشرعية للمؤسسة المالية الإسلامية أو المعايير – القرارات الشرعية المعتمدة من الجهة الإشرافية.

التدقيق الشرعي الخارجي

تعرف هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "الأيوفي" التدقيق الشرعي الخارجي بأنه "تعاقد مستقل يهدف إلى الفحص والتأكد من التزام المؤسسة المالية الإسلامية بالشريعة الإسلامية". إن الغرض من إجراء عملية التدقيق الشرعي الخارجي هو تعزيز درجة ثقة المستخدمين المستهدفين في التزام المؤسسة بأحكام الشريعة الإسلامية. إن من أهم دوافع الإلزام بالتدقيق الشرعي الخارجي هو تنامي الصناعة المالية الإسلامية، وعدم تفرغ أعضاء الهيئات الشرعية وغيابهم عن يوميات الأعمال، بالإضافة إلى تركز الجهود على الفتوى أكثر من الرقابة الشرعية وهو ما يستدعي وجود مدققين شرعيين خارجيين للقيام بمهمة التدقيق الشرعي الخارجي.

إن التدقيق الشرعي الخارجي قد يكون عاملاً مساعداً في اكتشاف مخالفات عدم الالتزام الشرعي وذلك بتحديد المخالفة، والجهة المسؤولة عنها، والحل المقترح لها، والوقت المتوقع لتصحيحها. وهو ما يساعد في سرعة اكتشاف الملاحظات الشرعية وحلها وعدم تراكم الغرامات والمخالفات الشرعية وبما يحقق مصلحة المشتركين والمساهمين على حد سواء.

إن التفصيل المذكور في شكل تقرير التدقيق الشرعي الخارجي ومتطلبات الالتزام الواجبة على مكاتب التدقيق الشرعي الخارجي تعطي دعماً رئيسياً لمزيدٍ من الإفصاح الشرعي، وتعزيزاً للمهنية من جانب مكتب التدقيق الشرعي الخارجي، وتعرفاً على خطوات العمل التي تم اتباعها في سبيل الوصول للرأي وهو ما يتوافق مع أفضل الممارسات المهنية على صعيد إعداد تقارير التدقيق المحاسبي للبيانات المالية، وهو ما يتوقع أن يشكل دعماً لكلٍ من استدامة صناعة التدقيق الشرعي الخارجي، ولأطر الحوكمة وأفضل الممارسات المهنية، خاصةً وأن الإفصاح الأفضل يقلل من تكاليف الرصد ويزيد من ثقة المستثمرين ويعزز القدرة التنافسية في السوق، وأكدت التعليمات على وجود ممارسات حوكمة مهمة كعدم إمكانية أن يكون الشريك في مكتب التدقيق الشرعي الخارجي أو تابعيه في منصب رئيس أو عضو مجلس إدارة الشخص المرخص له محل التدقيق تجنباً لتعارض المصالح، كما أن مكتب التدقيق الشرعي الخارجي لا يجوز له أو لأحد أعضائه تقديم أي من الخدمات التالية إلى الشخص المرخص له الذي قام بتعيينه وتشمل العمل بأجر والاستشارات الشرعية والتدريب وتمثيلهم لدى الغير، والحصول على أي مزايا مالية أو عينية غير تلك التي تقرها لهم الجمعية العامة للأشخاص المرخص لهم.

مقترحات .... تطويرية

هذه التجربة، وعلى الرغم مما حوته من مميزات إلا أنها - كغيرها من التجارب- تحتاج إلى اقتراحات وتحسينات مستمرة لتواكب متغيرات السوق وتكون في وضع أكثر استدامة، ومن هذه الاقتراحات والتحسينات المقترحة تعديل الأتعاب الخاصة بتسجيل مكاتب التدقيق الشرعي الخارجي والتي تعد مرتفعة مقارنة بحجم أعمال تلك المكاتب وقيمة عقودها حيث تتساوى الأتعاب الخاصة بطلب قيد مراقب حسابات في السجل الخاص لدى الهيئة مع طلب قيد مكتب التدقيق الشرعي الخارجي في السجل الخاص لدى الهيئة مع التباين الكبير في حجم الأعمال، إضافةً لذلك، لا تحصل مكاتب التدقيق الشرعي الخارجي على أية ميزة بإلزام التعاقد معها حصراً للشركات المدرجة في بورصة الكويت كقدرتها على تقديم خدماتٍ متعددة كهيئات رقابة شرعية، إضافة لذلك فإن وجود معايير شرعية موحدة إلزامية كمعايير "الأيوفي" يساعد مكاتب التدقيق الشرعي الخارجي في أعمالها مع الاقتراح بوجود معايير وقرارات معتمدة من قبل المجلس الاستشاري للرقابة الشرعية في حال عدم وجود نصوصٍ خاصة بحالات معينة في معيار "الأيوفي".
أما إنشاء إدارة خاصة بأسواق المال الإسلامية فيعد - في اعتقادي - من أهم المقترحات التي تساعد في تطوير سوق رأس مال إسلامي في ضوء وجود أكثر من 45% من الصناديق الاستثمارية وأكثر من 65% من الأسهم المدرجة في بورصة الكويت متوافقة مع الشريعة الإسلامية، كما أن تطوير رأس المال البشري وتخصيص برامج لإعداد مدققين شرعيين عن طريق معهد أسواق المال من الأسباب المهمة لاستدامة سوق التدقيق الشرعي الخارجي وتجربة دولة الكويت الرائدة فيه.



الحوكمة الشرعية بين الشكل والمضمون

تعد "الرقابة الشرعية" إحدى السمات المميزة للصناعة المالية الإسلامية، وأبرز ضوابط أدائها لضمان توافق عملياتها ومنتجاتها مع أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية، أما "الحوكمة الشرعية" فتمثل حقيقةً أبرز أدوات تلك الرقابة نظراً لدورها الحاسم في تعزيز ثقة المتعاملين بمنتجات تلك الصناعة عموماً.

اليوم، وبعد مرور سنوات عدة قاربت العقدين بين إصدار تعليمات ومعايير ومبادئ إرشادية لنظم الضوابط الشرعية وحوكمتها، تثور تساؤلات عدة حول مدى تطابق الإطار النظري للحوكمة الشرعية مع واقع تطبيقها العملي. أحاول الإجابة على جانبٍ من تلك التساؤلات عبر تناولي لقضايا أربع، وفق الآتي:

حماية حقوق صغار المساهمين

نشأت الحوكمة في بيئة الفصل بين الملكية والإدارة، وسيادة نظرية الوكالة والمسؤولية المحدودة للملاك في الشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة.

وقد تطورت أهداف الحوكمة من حماية مصالح المساهمين إلى تحقيق أهداف أصحاب المصلحة بالمفهوم الواسع الذي يشمل المجتمع والبيئة بالإضافة إلى العملاء والموردين، والمساهمين، والمدراء، والعاملين. غير أن خبراتنا في السوق خلال العقدين الماضيين تفيد بأن كبار الملاك أو أصحاب الحصص المسيطرة في الواقع تغولوا على قرار الإدارة بشكلٍ غير مباشر، وأصبح الفصل بين الملكية والإدارة شكليًا من الناحية العملية. والخطر الشرعي لمصادرة قرار الإدارة من قبل الحصص المسيطرة يكمن في هضم حقوق صغار المساهمين والذين يمثلون في مجموعهم الأغلبية العددية والكمية من جهة كما يمثلون شريحة واسعة من المجتمع من جهةٍ ثانية. ومن ثم فإن أي ضرر بحقوقهم سيكون ضرره على المجتمع أعظم.  وإذا كان الهدف الأسمى للحوكمة أن تحافظ على حقوق أصحاب المصلحة فإن الواجب على الجهات الإشرافية المبادرة لحماية حقوق صغار المساهمين في الشركات المساهمة من خلال وضع إطار قانوني وإشرافي يسمح بوجود جهة إشرافية أو مكاتب خاصة تكون وظيفتها تمثيل المساهمين الذين تقل ملكيتهم عن نسبة معينة، والتعبير عن مصالحهم وآرائهم ككتلة في الجمعية العامة للمساهمين، أو تفعيل استقلالية الأعضاء المستقلين في مجالس الإدارات إلى الحد الذي يحقق الهدف المنشود، وذلك بأن يكون تعيين هؤلاء الأعضاء بأصوات صغار المساهمين أنفسهم ولا يتدخل أصحاب الحصص المسيطرة في التصويت على عضوية الأعضاء المستقلين.


مسؤولية الإدارة عن التعدي والتفريط

من الممارسات المعتادة في اجتماعات الجمعية العامة للمساهمين في الشركات المساهمة إبراء ذمم مجلس الإدارة عن أعمال السنة المالية الفائتة، غير أن هذا الإبراء يبدو شكليًا، ولا يتوفر على أبسط المتطلبات القانونية لبراءة الذمة فضلاً عن المتطلبات الشرعية. والسبب في ذلك أن الإطار المعمول به يسمح للحصص المسيطرة بأن تمرر هذا الإبراء في اجتماع الجمعية العمومية بصرف النظر عن مواقف أصحاب الحصص غير المسيطرة.

الخطر الشرعي في هذه الممارسة هو أن الإبراء -الذي يحدث بصفةٍ روتينية- يعبر في الحقيقة عن إبراء أصحاب الحصص المسيطرة لأنفسهم من المسؤولية القانونية تجاه الفشل والضرر بأصحاب المصلحة خلال الفترة المالية ولا يُعدُّ إبراء من بقية أصحاب الحصص غير المسيطرة لأنه بالرغم من عدم موافقة هؤلاء الأخيرين فإنه يتم اعتماد بند الإبراء والواجب ألا يعتد بالإبراء إلا بخصوص من يبرئ بنفسه أو من خلال وكيله. وهذه الممارسة وإن وافقت القانون شكلاً غير أنه يجب إعادة النظر فيها لأنها أصبحت وسيلة قانونية لإضاعة حقوق أصحاب الحصص غير المسيطرة والذين يمثلون أغلبية المجتمع. وهذه الآلية غير مقبولة شرعاً لإبراء ذمم مجلس الإدارة من الفشل والضرر بأصحاب المصلحة الآخرين؛ وذلك من صور بغي الشركاء على بعضهم قال تعالى: "وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ" (سورة ص – الآية 24). وأصبح من الواجب ابتكار آليات مخصصة لفحص كل قرارات إدارة المؤسسة وإخضاعها لمعايير دقيقة من شأنها حماية حقوق أصحاب المصلحة بالمفهوم الواسع.

قضايا إشكالية.... ومقترحات لتجاوزها

استناداً لما سبق، أوجز أبرز الممارسات التي تحتاج إلى مزيد من الدقة الرقابية والإشرافية- على سبيل المثال- ما يأتي:

  • زيادة نسبة الديون المعدومة.
  • فشل دراسات الجدوى.
  • المبالغة في تقييم الأصول.
  • المخالفات الشرعية.

هذه القضايا الأربع تحتمل كثيرًا من الخلل الحادث في حماية حقوق أصحاب المصلحة بصفة عامة. فقد أصبحت الديون المعدومة، ودراسات الجدوى الشكلية، والمبالغة في تقييم الأصول جسرًا سهل العبور إلى حماية الإدارة من المسؤولية عن التعدي والتقصير أو التفريط في مسؤولية الوكالة القائمة على الأمانة. وبات من اللازم تطوير معايير خاصة لتصنيف قرارات الإدارة من حيث التعدي والتفريط، وفي حال تلبست الإدارة في التعدي والتفريط فإنه ينبغي أن تمتد العقوبات لتضمين الإدارة الخسائر التي ترتب على القرارات الإدارية المسؤولة عن التعدي والتقصير، ولا ينبغي الاقتصار على العقوبات المالية الجزائية أو التأديبية على الشركة أو الأشخاص.

ويعد انتهاك الشريعة وارتكاب المخالفات الشرعية الجسيمة، كالاستثمار في السندات وأذونات الخزانة الربوية، أو الأسهم المحرمة، أو الاقتراض بالربا، أو الدخول في المشتقات المالية المحرمة ونحو ذلك. رغبةً في تحقيق العوائد المادية غير الشرعية؛ من أهم صور التعدي والتقصير الذي تتلبس بها الإدارة بجلاء ووضوح ويتطلب موقفًا حاسماً من الجهات الإشرافية يتجاوز العقوبات والجزاءات إلى تحميل كل ما يترتب على ذلك من خسائر وأرباح مجنبة على الإدارة التي تكون في موقف التعدي والتفريط بالضرورة في هذا النوع من المخالفات الجسيمة.

مسؤولية الإدارة عن التغرير والخداع

من أبرز الممارسات السائدة في مؤسسات الصناعة المالية هي الحصول على جوائز تسويقية تحت اسم أفضل بنك في دولة ما أو أفضل بنك في الشرق الأوسط أو في الخليج، ونحو ذلك من الجوائز التسويقية التي لا تتضمن تنافسًا بين البنوك أو تحكيمًا موضوعياً، وهي مجرد جوائز مدفوعة القيمة مقدماً وتصنف ضمن أعمال الدعاية والإعلان. ولأن الاسم (الجائزة) والادعاء بالأفضلية على خلاف الحقيقة، فإن هذا الأمر يعد مصادمًا لمتطلبات الحوكمة والمثل الأخلاقية المهنية التي يجب التحلي بها.

وقد أصبح من الضروري بالفعل إخضاع هذه الممارسة للتقييم والتقييد من منظور اعتبارات الحوكمة والأخلاقيات واعتبارات الوكالة الخاصة بعدم التعدي والتفريط بالتصرف بأموال المساهمين في الدعاية الكاذبة التي لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ وفي حديث البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "المتشبِّع بما لم يعطَ كلابسِ ثَوبَيْ زور". إن ادعاء الأفضلية ينبغي أن يكون محاطاً بمجموعة من المعايير التي تضمن المصداقية والموضوعية وجودة المنافسة بين مؤسسات المالية الإسلامية في السوق على أسس سليمة.

ملاءمة متطلبات الحوكمة 

تكلفة الحوكمة والقدرة المالية للمؤسسة أو المنصة الرقمية من الملاحظات التي راعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية-أيوفي في معايير الحوكمة والأخلاقيات من حيث التمييز في الإلزام بالمتطلبات بين المؤسسات الصغيرة بالمقارنة بالمؤسسات الكبيرة. وعلى سبيل المثال لم تر أيوفي مانعًا من أن تكتفي منصات التمويل الجماعي بمستشار شرعي واحد، أو يكون من خلال مكتب استشارات مستقل، والأمر ذاته بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والناشئة. وفيما يتعلق بالتدوير تسمح معايير أيوفي لكل المؤسسات بإمكانية تجديد الارتباط بعضو الهيئة الشرعية بصفة عامة لفترات تصل في مجموعها لتسع سنوات لقناعتها بأن هذه الفترة تحقق الاستقرار وتسمح بتعاقب الأجيال ونقل الخبرات على نحو ملائم. وبالمقارنة بمتطلبات الحوكمة في الترخيص لمكاتب التدقيق الشرعي في بيئة ناشئة، يُلاحظ إثقال هذه المكاتب بمتطلبات حوكمة لا تتلاءم مع عمرها الزمني وقدراتها المالية، وعلى نحو يُعيق تطور صناعة التدقيق الشرعي. إن الثابت الرئيس في حوكمة صناعة التدقيق الشرعي هو شرط التأهيل العلمي والمهني الملائم مع سنوات خبرة عميقة لرئيس الفريق، ومن المرونة المحمودة الاقتصار على شرط التأهيل العلمي الملائم لأعضاء فريق العمل وعدم اشتراط سنوات خبرة محددة أو شهادات مهنية معينة، وذلك لمنح الفرصة لصناعة التدقيق الشرعي لتخلق بنفسها الخبرات المهنية من خلال الممارسة. هذه الشروط تساعد على التوسع أفقياً في عدد المكاتب، واستقطاب موظفين مستجدين يتم تأهيلهم برئاسة فريق العمل بدل أن تتكدس الخبرات في عدد محدود من المكاتب لا يتناسب مع حجم السوق. في ظل التوسع الأفقي يمكن تفهم التدوير السريع مع سد الثغرات في تعليمات وضوابط الحوكمة التي ساعدت في التحايل على شروط التدوير.

والمقترح الذي -أراه- ملائماً في هذا الإطار يتمثل بالتركيز على رئيس الفريق من حيث شرط الخبرة والتخفيف من هذه الشروط على مستوى الفريق مع إضافة شرط ملاءمة عدد أعضاء الفريق للمهمات التي يقوم بها المكتب. وعلى سبيل المثال لا يعد ملائماً أن يستحوذ مكتب تدقيق شرعي واحد على أكثر من ثلث السوق في كل قطاع لضمان الظروف المهنية لتطور صناعة التدقيق الشرعي.

والحمد لله رب العالمين،،،



مشاركات توعوية للهيئة: دولية وإقليمية

​​شهدت فترة الإعداد للإصدار الماثل من مجلة الهيئة التوعوية الإلكترونية مشاركةً للهيئة في فعاليات حدثين توعويين مهمين، أولهما دولي الطابع يتمثل بـ "أسبوع المستثمر العالمي" خلال النصف الأول من شهر أكتوبر الماضي، أما الثاني فإقليمي الطابع يتمثل بالحملة الترويجية لجائزة المستثمر الذكي الخليجي في إطار البرنامج التوعوي الخليجي المشترك "ملم". نخصص حدث العدد لهذين الحدثين.

الهيئة ممثلة للكويت في أسبوع المستثمر العالمي

شاركت الهيئة -ممثلةً لدولة الكويت- للسنة الثالثة على التوالي في فعاليات أسبوع المستثمر العالمي التي تنظمها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية " الأيسكو" خلال شهر أكتوبر من كل عام، أطلقت للمرة الأولى في عام 2017 بهدف رفع مستويات المعرفة المالية، وتعزيز ثقافة المستثمرين وحمايتهم على المستوى العالمي.

هذا، وقد سلطت فعالية العام الحالي الضوء على موضوعات عدة (مرونة المستثمر، الأصول الرقمية، التمويل المستدام، الحد من عمليات النصب والاحتيال، التكنولوجيا والتحول الرقمي)، ولم تكتف الهيئة ببث الرسائل التوعوية، سواءً تلك الواردة من المنظمة الدولية والتي تم الاتفاق بشأنها في إطار جهودٍ خليجية مشتركة، أو تلك التي قامت بإعدادها خصيصاً للمشاركة في هذه الفعالية على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل واكبت حملتها بحملاتٍ أخرى موسعة تناولت بعض موضوعات المشاركة، كالتمويل والتنمية المستدامين والاحتيال المالي، كما قامت بإصدار بيانٍ صحفي خاصٍ بتلك المشاركة.  ​


​​نفذت الهيئة خلال الفترة الممتدة بين شهري سبتمبر ونوفمبر الماضيين حملة ً توعوية واسعة النطاق للتعريف بمسابقة جائزة المستثمر الذكي الخليجي الثانية التي تم الإعلان عنها في شهر أغسطس، ليتم بعد ذلك استقبال المشاركات خلال الفترة المتاحة لذلك والتي تم تمديد موعدها حتى تاريخ التاسع والعشرين من شهر فبراير من عام 2024، ومن المنتظر الإعلان عن نتائجها والفائزين في أعقاب ذلك الموعد.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسابقة - وهي الثانية- تندرج في إطار البرنامج التوعوي الخليجي المشترك " ملم" الذي كان نتاج تعاونٍ مشترك بين هيئات أسواق المال والجهات الرقابية بدول مجلس التعاون الخليجية بهدف نشر الوعي الاستثماري بين مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي، والذي بدأت أولى فعالياته في شهر نوفمبر من عام 2020.

أما بالنسبة للمسابقة، فقد تركت فرصة اختيار موضوعها للمشاركين أنفسهم شريطة أن تكون في مساراتٍ أربع (الفيديو، التصوير، الرسم، الكتابة) ويبلغ عدد جوائزها 36جائزة فردية بقيمةٍ إجمالية مقدارها مليون ريال سعودي.

أما بالنسبة لأبرز فعاليات الحملة التوعوية للهيئة للتعريف بتلك المسابقة وحث الجميع على المشاركة فيها، فيمكن إيجازها بالآتي:

بيان صحفي

أصدرت الهيئة بياناً صحفياً بعد بدء الحملة، وتحديداً بتاريخ 21 أكتوبر، عرضت فيه لهدف المسابقة وشروط وطبيعة المشاركة فيها. كما عرض لفعاليات الحملة التعريفية بالمسابقة.



رسائل توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

شهدت فترة الحملة بث عشرات الرسائل الترويجية للمسابقة على حسابات الهيئة على وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها معتمد من قبل ملم في حين قامت الهيئة بإعداد بعضها الآخر.   

لقاءات إذاعية وتلفزيونية

تم في إطار فعاليات الحملة إجراء لقاءٍ تلفزيوني في برنامج "صباح الخير يا كويت" في تلفزيون دولة الكويت يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 مع السيدة هدى الشطي عضو الفريق التنفيذي لبرنامج "ملم"​



عرضت فيه للدور التوعوي للهيئة على وجه العموم، والجهود التعريفية المتعلقة بالمسابقة، ومستهدفاتها، ومساراتها، وجوائزها. كما أكدت فيه على أهمية تعزيز الثقافة المالية لدى مختلف الشرائح المجتمعية بلا استثناء نظراً لدورها المهم على صعيد تمكينها من امتلاك مقومات القرار الاستثماري الصائب ووقايتهم من ممارسات الاحتيال المالي التي يتسع نطاق انتشارها بالتزامن مع التقدم التقني الراهن، والاستخدام المتعاظم لوسائل التواصل الاجتماعي.


كما تم في الإطار ذاته، إجراء لقاء إذاعي للبرنامج الثاني في إذاعة دولة الكويت مع السيد محمد العلي رئيس الفريق الإشرافي لبرنامج ملم يوم الاثنين الموافق 30 أكتوبر 2023 تمهيداً لعرضه في برنامج صباح الخير عرض فيه السيد العلي للجهود التوعوية للهيئة محلياً وإقليمياً عبر مكتب التوعية، كما أكد على أهمية التوعية وامتلاك الأسس العامة للثقافة المالية قبل الدخول في أي نشاطٍ استثماري، قبل أن يتناول بالتفصيل طبيعة مسابقة المستثمر الذكي الخليجي، وطبيعة موضوعاتها، ومساراتها، وجوائزها.

لقاء صحفي

في الإطار ذاته، تم إجراء لقاء صحفي لجريدة "الجريدة" مع السيد خالد الصقر مدير مكتب التوعية لدى هيئة أسواق المال، تم نشره بتاريخ 2 نوفمبر 2023 حمل عنوان "هيئة الأسواق نولي ملف التوعية اهتماماً خاصاً ونوعياً"، قدم فيه السيد "الصقر" تعريفاً بالمسابقة وأهدافها وطبيعة المشاركة فيها وجوائزها، قبل أن ينتقل للحديث عن جهود الهيئة التوعوية كأحد أهدافها المحددة في قانون إنشائها، كما تناول المستهدفات الإستراتيجية بعيدة المدى للهيئة على الصعيد التوعوي، مع التركيز على مشروع الهيئة الوطني لتعزيز الشمول المالي والوعي الاستثماري.​



المرحوم ناصر محمد الساير إرث حافل بالنجاح والعطاء والخير والوطنية

"ناصر محمد الساير"، أحد رجالات الكويت الوطنيين، واحدٌ من أبرز اقتصادييها في العصر الحديث، أحد رواد القطاع الخاص، قامة ٌ تجارية كتبت بحروف النجاح سطوراً في سِفر وطننا الخالد، ترك إرثاً ثرياً قوامه النجاح، والريادة، والتفرد، والوطنية، كانت نتاجاً طبيعياً لما اتسم به من إرادةٍ صلبة وعزيمةٍ لا تلين، ورؤية ثاقبة تقرأ المستقبل، وتعد العدة لمواكبته.

إسهاماته خالدة في ميادين شتى، التجارة والاستثمار، المال والأعمال، السياسة والاقتصاد. كل ذلك لم يثنه عن أفعال الخير لتمتد أياديه البيضاء في عوالم العطاء الإنساني لتصل المحتاجين داخل دولة الكويت وخارجها.

المرحوم" الساير" سليل أسرة وطنية عريقة، احترفت التجارة وحققت ريادة في تجارة المواد الغذائية منذ عهد ما قبل النفط، وبعد اكتشاف النفط كانت انطلاقة أخرى لعائلة الساير مع تأسيس شركة الساير وبداية رحلة الألف ميل من اليابان لتتوسع أعمالها وتشمل أكثر من 18 قطاعاً، تنوعت بين المعدات الثقيلة، والنقل، المعدات الصناعية، المركبات والأدوات الخاصة، التمويل والاستثمار، الخدمات، التأمين، التكنولوجيا، المعدات الطبية، التعليم، الصحة، ....

ولد الراحل في عام 1929، والتحق بمدرسة العنجري الأهلية، حيث تعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم، قبل أن يلتحق بمدرسة المباركية، فالأحمدية، والقبلية. في مرحلةٍ لاحقة أكمل تعليمه في البحرين، وواصل تعلم اللغات الإنجليزية والفارسية والأردية. ومع اتقانه لها وممارسته العمل التجاري مع أخيه إبان تلقيه تعليمه في البحرين. أصبح مهيئاً لولوج عالم التجارة والأعمال.

اليابان... وتويوتا

عرف المرحوم "الساير" بخوضه غمار مجالاتٍ تجارية عدة، كاستيراد خزانات المياه ومضخاتها ومولدات الكهرباء، تجارة الأصباغ، الأخشاب، المواد الغذائية، والهندسة، وصناعة المعدات النفطية، وتجارة الذهب والسيارات. وللسيارات مع "الساير" علاقة خاصة بدأت في عام 1954 مع استيراد سيارات سكودا، إلا أن عشقه للصيد دفعه للبحث عن سيارة تقهر الصحراء والرمال فكانت سيارة لاند كروز، وكان بدء توطيد علاقته باليابان وشركة تويوتا التي أصبح وكيلاً لها في الكويت ودبي والبحرين وقطر ولبنان وشرق المملكة العربية السعودية. لم يكتف بذلك، بل حرص على تحقيق نجاحٍ غير مسبوق في هذا المجال عبر مبادراتٍ عدة، كاستحداث نظام البيع بالأقساط، والتواصل المباشر مع العملاء والوقوف على شكاويهم ومعالجتها، وتقديم أفضل الخدمات لهم، لتصبح الوكالة اسماً موثوقاً، ويصبح معها الساير قدوة يحتذى بها.

بصمات.... وطنية

ببصيرته النافذة، أدرك المرحوم الساير ضرورة مواكبة التطور العالمي في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والعلم والمعرفة والإنتاج، والتكيف مع قرارات منظمة التجارة العالمية لإنعاش الاقتصاد الكويتي، فنادى لتذليل معوقات المستثمرين ورجال الأعمال، وإعطاء الفرصة للشباب الكويتي المؤهل.

وقد أسس المرحوم الساير العديد من الشركات والمؤسسات في مجالاتٍ مختلفة: شركة الساير للسيارات، شركة بحرة التجارية، مصنع الساير للمرطبات، مصنع علف الحيوانات، شركة تسهيلات الساير، شركة الحزام الأخضر للنقل، شركة الساير للهندسية، شركات الساير: مصر، دبي، شركة الساير للخرسانة، شركة القافلة للمعدات، شركة ناصر الدولية للتجارة العامة والمقاولات، شركة ناصر الساير للإلكترونيات، شركة ناصر الساير للمطابخ، وغيرها.

المجال السياسي لم يكن بعيداً بطبيعة الحال عن العم الساير، إذ خاض انتخابات مجلس الأمة وفاز بعضويته، كما تم انتخابه في عضوية بعض لجانه حيث حرص فيها على القيام بكل ما من شأنه إعلاء مصلحة الوطن من خلال إقرار تأميم النفط وإقرار تشريعات متعلقة بالوصية وإدارة شؤون القصر ومرتبات الموظفين والعلاوات الاجتماعية. كما شغل الساير عضوية العديد من الجهات الوطنية، كنادي المعلمين، وغرفة تجارة وصناعة الكويت، والهيئة العامة للصناعة، وغيرها.

وبصمات ... في أعمال البر والخير

إسهامات سخية، عطاءات كريمة للمرحوم الساير تمثلت في مشاريع تستهدف خدمة الفقراء والمحتاجين، وكفالة الأيتام والمحتاجين والأسر المتعففة، وعلاج المرضى، ورعاية طلبة العلم. كما كان من كبار الداعمين للمشاريع الخيرية من مدارس ومستشفيات وإغاثة ضحايا كوارث العالم. بإيجاز، الساير كان واحداً ممن أوصلوا رسالة الكويت الإنسانية للعالم أجمع.​في نوفمبر من عام 2019 رحل المرحوم ناصر محمد الساير إلى جوار ربه بعد رحلة عطاءِ مشهودة. رحم الله الراحل "الساير" وأسكنه فسيح جنانه.  


محاسبة المدير أو مجلس الإدارة عن الخسائر والأضرار الناتجة عن مخالفتهم للنشاط المعلن

​​​​​​الحمد لله ربِ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: ثمة تساؤلات تطرح حول أحقية قيام مدير الشركة أو مجلس إدارتها باستثمار أموال مساهميها في أنشطةٍ أخرى غير تلك التي تضمنها عقد تأسيسها ونظامها الأساسي، على سبيل المثال، لنفترض أن النشاط المعلن لشركة ما كان المتاجرة في العقارات في منطقة الحرمين الشريفين مثلاً، وعلى هذا الأساس تم اكتتاب المساهمين في الشركة، فهل يحق للمدير استثمار أموال المساهمين في عمليات التمويل قصيرة الأجل أو طويلة الأجل، والدخول في عمليات سوق السلع الدولية؟ الإجابة على هذه التساؤلات تستدعي البحث في أمرين رئيسيين:
  • صلاحية المدير شرعاً وقانوناً في ممارسة النشاط التجاري نيابةً عن المساهمين.
  • حدود المسؤولية المترتبة (قانوناً وشرعاً) على إدارة الشركة.​​

شركة عنان

لابد من القول بدايةً بأن الشركة المساهمة تعتبر شركة عنان، ومن المعلوم أن شركة العنان يتصرف فيها الشريك بالوكالة عن بقية الشركاء، فالمأذون في التصرف لا يحق له أن يتجاوز حدود النشاط الذي سمح له به.

ويعبر عن ذلك المعيار الشرعي بالنص التالي: الأصل أن لكل شريك حق التصرف بالشراء والبيع بالثمن الحال أو المؤجل والقبض والدفع والإيداع والرهن والارتهان والمطالبة بالدين والإقرار به والمرافعة والمقاضاة والإقالة والرد بالعيب والاستئجار والحوالة والاستقراض وكل ما هو من مصلحة التجارة المتعارف عليه.​

وليس للشريك التصرف بما لا تعود منفعته على الشركة أو بما فيه ضرر مثل الهبة أو الإقراض إلا بإذن الشركاء أو بالمبالغ اليسيرة، وللمدد القصيرة حسب العرف[1].

وهذا المبدأ متكرر كثيراً في عبارات الفقهاء وفي دواوين الفقه المشهورة.

وتنص المادة (219) من قانون الشركات الكويتي: على أنه" يجوز لكل مساهم سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً تعيين ممثلين له في مجلس إدارة الشركة بنسبة ما يملكه من أسهم فيها"[2].

فمجلس إدارة الشركة يضم عدداً من الأشخاص الطبيعيين ويعاونهم في الإدارة عدد من الموظفين، ويخضع المجلس في إدارته للشركة إلى رقابة وإشراف الجمعية العامة للمساهمين ومراقب حسابات الشركة[3].

فكل شركة تؤسس للقيام بنشاطٍ معين يذكر في عقد تأسيسها ونظامها الأساسي؛ ولذلك يجب على مجلس الإدارة ألا يقوم بأي عمل غير لازم لتحقيق الأغراض التي أسست الشركة للقيام بها، وإلا اعتبر عمله متجاوزاً وغير ملزم للشركة من الناحية القانونية[4].

وكالة خاصة... لا عامة!

بالنتيجة، مجلس الإدارة يعد نائباً عن جمعية المساهمين في القيام بالتصرفات المشروعة للشركة، وهذا المعنى هو ذات معنى الوكالة؛ لأنها: إقامة الإنسان غيره في مقام نفسه في تصرفٍ معلوم[5].

فنلاحظ أن من يقوم بإدارة الشركة المساهمة وهو مجلس الإد​​​ارة إنما يقوم بذلك بطريق الوكالة عن المساهمين بأجر فهو وكيل بأجر، وهم الشركاء، ولابد من إلقاء نظرة على حدود تصرفات الوكيل في الفقه لنخلص إلى مسؤولية المدير عن مخالفته لحدود التصرفات المأذون له فيها[6].

وبما أن تصرفات مجلس الإدارة وفق التعريف السابق هي في نطاق نشاط محدد- كما هو مشاهد- فالوكالة هنا ليست عامة في جميع أنحاء التصرفات وإنما هي وكالة خاصة ولا بأس أن نتطرق هنا لانقسام الوكالة إلى وكالة عامة ووكالة مقيدة.

فالوكالة العامة التي يوكل فيها الشخص غيره في كل أموره صغيرها وكبيرها، ويطلق يده فيها، هي محل خلاف بين الفقهاء ولم يرتضيها الشافعية والحنابلة وأجازها الحنفية والمالكية[7].

ومن الظاهر أن مجلس الإدارة ليست له تلك السلطة المطلقة في التصرف في أموال الشركة كيفما أراد، ومن هنا فمن الواضح أن وكالته في تسيير أمور الشركة وإدارتها هي من قبيل الوكالة الخاصة.

ولأخذ تصور عن الموقف الفقهي في تصرف الوكيل وكالة خاصة أنقل عبارة جامعة للمعتمد عند الشافعية في مسألة الوكالة المقيدة هو ما قرره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وغيره حيث قال في شرح المنهج: لو (أمره ببيع لمعين) من الناس (أو به) أي بمعين من الأموال والتصريح به من زيادتي (أو فيه) أي في معين من زمان أو مكان نحو "بع لزيد بالدينار "الذي بيده في يوم كذا في سوق كذا (تعين) ذلك، وإن لم يتعلق به غرض عملاً بالإذن فلو باع لوكيل المعين لم يصح كما في الروضة عن البيان، وفي غيرها من الأصحاب، وقياسه عدم الصحة فيما لو قال "بع من وكيل زيد" فباع من زيد، وإنما يتعين المكان إذا لم يقدر الثمن أو نهاه عن غيره، وإلا جاز البيع به في غيره كما نقله في الروضة عن جمع وأقره (فلو أمره) بالبيع (بمائة لم يبع بأقل) منها، وإن قل (ولا بأزيد) منها (إن نهاه) عن الزيادة للمخالفة (أو عين مشتريا)؛ لأنه ربما قصد إرفاقه والثانية من زيادتي فإن لم ينهه ولم يعين المشتري فله البيع بأزيد منه لأنه حصل غرضه وزاد خيراً، ولا مانع إن كان ثم راغب بزيادة لم يجز البيع بدونها كما مر فلو وجده في زمن الخيار لزمه الفسخ فإن لم يفعل انفسخ البيع[8].

وهذا الحكم هو محل اتفاق بين الفقهاء فلا يجوز للوكيل في الوكالة الخاصة أن يتجاوز المأذون فيه بحال[9].

وكالة........... مقيدة

ومن خلال ما تقدم، يتضح جلياً أن الوكيل في الوكالة المقيدة يلتزم حدود المأذون فيه، ويبعد أن يكون هناك خلاف في هذه الجزئية لأن التعدي حينئذ يعد افتئاتاً على حق الغير، وتجاوزاً للمأذون فيه، تأباه قواعد الشرع ونصوصه، وهي مسألة بالغة الأهمية فيما يتصل بموضوع البحث، فالمدير تعد وكالته وكالة مقيدة، فليس بمطلق التصرف، بل هو مقيد في حدود الأغراض المنصوص عليها في النظام الأساسي وعقد التأسيس المعلن للشركة، وينبني على ذلك ما نحن بصدد تقريره من الحكم بمجاوزته وتعديه، وما يترتب عليه من الضمان والتعزير أو المسؤولية المدنية والجنائية كما سيأتي تفصيله.

 وأيضاً، فإن القانون إنما يسمح لمدير الشركة بالعمل من خلال النشاط المعلن والمتمثل في الأغراض المنصوص عليها في النظام الأساسي، ومجال التوسع هو في استخدام فوائض الأموال، لا رأس المال الذي أودع للشركة وبموافقة الجمعية العامة أيضاً.  

فإذا تجاوز مجلس الإدارة أو رئيسه أو العضو المنتدب حدود سلطاته واختصاصاته، فإن تصرفه تجاه الغير لا يلزم الشركة، ولكنه يكون ملزماً به بصفته الشخصية، وذلك بتعويض الشركة عن هذا التجاوز، مالم تجزه الجمعية العامة صراحةً أو ضمناً[10].  

غير أن القانون قد اعتبر في تحديد الضرر والتعدي معياراً ظنياً، وهو إذا كانت موجودات الشركة لا تكفي لوفاء 20% من الديون التي عليها، فهذه القرينة يعتبرها القانون مفيدة لوجود تقصير، ودليلاً على ارتكاب أعضاء مجلس الإدارة لأخطاء أدت إلى إفلاس الشركة[11].

ولا أرى هذه القرينة كافية شرعاً لإثبات التقصير فمجرد انخفاض قيمة الموجودات لا يلزم منه شرعاً وجود التعدي أو التقصير، فنحن نؤيد الوجهة القانونية المثبتة للمسؤولية المدنية في حال ارتكاب الفعل المضر، ونخالفه في هذه الجزئية لعدم تماشيها مع مبادئ الضمان في الشريعة، فلابد شرعاً من إثبات فعل تسبب في الخسارة، كمثل الصورة المفروضة في صدر الورقة من مخالفة الوكيل لإذن الموكل من خلال الخروج عن النشاط المعلن من غير الرجوع للجمعية العامة.

ميزان إسلامي دقيق

تعرض الدكتور فهد الحبيني للمقارنة بين القانونين: الكويتي والمصري في المسؤولية الجزائية، بعد أن قرر المبدأ القانوني في المساءلة الجزائية، إذا وقع من المدير فعل معاقب عليه في قانون الجزاء، وذكر بعض الأمثلة، كالتصرف في حصص التأسيس أو الأسهم على خلاف القواعد المقررة في القانون المصري[12].

والحاصل أن مخالفة المدير بممارسة نشاطٍ مخالف لأغراض الشركة دون موافقة أعضاء الجمعية العامة يرتب عليه المسؤولية القانونية.  

وإذا كان الميزان الإسلامي يقتضي عدم ضمان المضارب والشريك؛ فإن في مقابل ذلك قاعدة أخرى وهي قاعدة حماية أموال الناس ووضع ضوابط لحمايتها، وتشريع روادع تردع الذين تسول لهم أنفسهم أن يتساهلوا في أكل أموال الناس بالباطل، ولذلك نص الفقهاء على أن المضارب والشريك يضمنان الخسارة في حالات التعدي والتقصير ومخالفة مقتضى العقد، وفصلوا في جزئياتها وتوسعوا في الاستثناءات حتى نستطيع القول بأن الاستثناءات تكاد تشكل قاعدة جيدة تحمي أموال الناس من الاعتداء والإضرار[13].

ثم إنه لابد من النظر​ في صورتين:

الصورة الأولى: استثمار المدير أموال الاكتتاب في غير النشاط المعلن، وينبني على ذلك فقهاً، التعدي المضّمن شرعاً، لأن المدير لا يخلو إما أن يكون شريكاً مأذوناً في التصرف، أو شريكاً مضارباً، أو وكيلاً بأجر، وفي جميع هذه الأحوال فتصرفه مقيد بمصلحة الملاك، والالتزام بحدود المأذون فيه مما يعبر عنه النظام الأساسي وعقد التأسيس.

ولذا فهو مسؤول مسؤولية مدنية أي ضامن ما نتج عن تصرفه من خسارة بصفةٍ شخصية.

الصورة الثانية: استثمار الفوائض المالية: ونلاحظ أن النظام الأساسي قد منح الوكيل صلاحية استغلال الفوائض المالية (وليس رأس المال) في نشاطاتٍ جانبية، يعود نفعها على الشركة، ويستفيد منها في ممارسة نشاطه المعلن. 

ولذا لا يظهر الضمان في هذه الصورة إلا بشرطين-حسب نظري: -

  • الشرط الأول: وجود صورة التعدي والتفريط في النشاط الجانبي، كالإخلال بمبادئ الحيطة والتفتيش اللازم، مما يقتضيه العرف التجاري.
  • الشرط الثاني: عدم أخذ موافقة الجمعية العامة على هذا النشاط والاستبداد به دون رضاهم.

وأخيراً، لا بد من التنبيه على مسألة مهمة وهي أن المسؤولية المترتبة على المديرين، لا تخل بحقوق المتعاملين مع الشركة باعتبارها شخصية اعتبارية مستقلة، فالمساهمون لهم حقوق تجاه المديرين، ولا يسلب هذا حق المتعاملين من الأطراف الخارجية مع الشركة من الدائنين وغيرهم.

فالشخصية الاعتبارية للشركة لها ذمة مستقلة ووجود مستقل، ولا يوجد ما يمنع من اعتبارها فهي حينئذ الملزمة بالوفاء بالديون وجميع الحقوق المترتبة عليها، والبحث في متعلقات الشخصية الاعتبارية للشركة المساهمة من الأبحاث الجديرة بالنظر والبحث الواسع لما يترتب على اعتبارها من آثار، وليس هذا محل النظر فيه في هذه العجالة[14].

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


المصادر والمراجع

-[1] المعايير الشرعية ص: 163.

-[2] الوسيط شرح قانون الشركات د. طعمة الشمري و د. عبد الله الحيان ص: 350، انظر المادة 219 من قانون الشركات الكويتي.

-[3]​ الوسيط شرح قانون الشركات ص:349، الشركات التجارية في القانون الكويتي د. أبو زيد رضوان ص:441.

-[4]​ ​الوسيط شرح قانون الشركات ص: 383.

-[5]​ فتح القدير لابن الهمام 499​/7، الفتاوى الهندية 560​/3، وانظر: منح الجليل 327/3، سراج السالك شرح أسهل المسالك لعثمان بن حسين المالكي 160/2، أحكام تصرفات الوكيل د. سلطان بن إبراهيم الهاشمي ص: 87.

-[6]​ انظر: الشركات لعبد العزيز الخياط ص: 231.

-[7]​ فتح القدير لابن الهمام 501/7، البحر الرائق 140/7، بداية المجتهد 272/2، نهاية المحتاج 25/5، المهذب 350/1، المغني 211/5.

-[8]​ فتوحات الوهاب شرح منهج الطلاب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي ص:413/2.

-[9]​ انظر مثلاً: بدائع الصنائع 56/6، روضة الطالبين 527/3.

-[10]​ الوسيط شرح قانون الشركات 394.

-[11]​ مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة د. فهد الحبيني ص 206.

-[12]​ مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة ص: 230.

-[13]​ بحوث في الاقتصاد الإسلامي، بحث: مدى مسؤولية المضارب والشريك عن الخسارة د. علي القره داغي ص: 239.

-[14]​ انظر: بحوث في الاقتصاد الإسلامي للقره داغي ص: 288 وما بعدها.، شركة المساهمة لفتحي زنكاني ص: 135، الشركات التجارية في القانون المصري لمحمود الشرقاوي ص: 128، الشركات لعبد العزيز الخياط 222، المدخل الفقهي العام للزرقا 300/2.


وسائل علاج مشكلة التضخم النقدي من خلال الفقه الإسلامي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجانب الاقتصادي يحظى -عادة - باهتمام ورعاية وإصلاح من كافة الناس نظراً لتأثيره الكبير على جميع جوانب الحياة
الأخرى، فجودة إدارته واستثماره وصرفه في وجوهه المستحقة من أسباب نجاح الأفراد والدول واستقرارها. ثمة العديد من
الظواهر الاقتصادية ما يستدعي علاجًا ووقاية من آثاره السلبية قبل وقوعه، ومن ضمن تلك الظواهر ما يعرف ب"التضخم
النقدي". أحاول في هذه الإطلالة المختصرة تناول هذا الموضوع، مع بيان سبل العلاج الواردة في الفقه الإسلامي.​

مفهوم التضخم النقدي

لعلماء الاقتصاد تعريفات كثيرة لهذا المصطلح المركب، ولا يكاد يخفى على أحد لكثرة تداوله، ويمكن توضيحه بأنه: ارتفاع
كبير مستمر في الأسعار لفترة من الزمن، ويشمل هذا الارتفاع معظم السلع والخدمات.​

وسائل علاج التضخم النقدي في الفقه الإسلامي

تطبيق فريضة الزكاة​

إضافةً لاعتبار الزكاة عبادة وفريضة، إلا أن لها حكم ا وآثاراً عظيمة في واقع المجتمعات لو طبقت تطبيقاً كاملا صحيا،ً وأساس التضخم يحدث بسبب زيادة الطلب عن العرض، بحيث يكون حجم النقود المتداولة داخل المجتمع يفوق حجم السلع والخدمات المعروضة، مما يسبب اختلالا في توازن العرض والطلب، فينتج عن ذلك ارتفاع في المستوى العام للأسعار، ولتطبيق الزكاة أثر فعال في علاج التضخم، من خلال أمور:

  • توفير التدفقات النقدية: فانتظام جمع الزكاة وانسياب حصيلتها مع حولان الحول يوفر كميات النقود اللازمة للتداول في الأسواق، مما يحول دون لجوء السلطات النقدية إلى إصدار المزيد من النقود.
  • ضبط الطلب الكلي: تطبيق فريضة الزكاة؛ يضمن توفير حد الكفاية لجميع أفراد المجتمع مما يجعل المجتمع بصفة عامة ينحو نحو الإقبال على السلع الأساسية، وهذا من شأنه أن يحول دون ارتفاع مستويات الطلب على الاستهلاك الكمالي.
  • تحقيق التشغيل الأمثل لطاقات الإنتاج: فالطاقات العاطلة في المجتمع تشكل أحد الضغوط التضخمية، التي تزيد حدتها في حالة التضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف، وتعد الزكاة العلاج الأمثل للقضاء على أية طاقات إنتاجية عاطلة، لأنها تقترح حلين لاستخدام رؤوس الأموال النامية فعلاً أو تقديراً: فإما أن يتم تشغيلها في أوجه الاستثمار المختلفة، وإما أن تتناقص بقسط سنوي ثابت، والمتمثل في 2.5% وهو قيمة الزكاة الواجبة فيها.​

تحريم الربا
مفاسد الربا على الاقتصاد كثيرة، وآثاره لا تظهر مباشرة وإنما على مراحل، بعض تلك الأضرار تأتي انعكاساً للفائدة التي تفرضها البنوك التجارية على رؤوس الأموال التي يقترضها المستثمرون وأرباب الأعمال، والتي تجعل تكلفة الإنتاج مرتفعة، مما يدفعهم إلى الزيادة في أسعار منتجاتهم وسلعهم، لتعويض الزيادة في التكلفة، وبالتالي يتم تحميلها للمستهلكين، فيتسبب ذلك في غلاء الأسعار، والمطالبة بزيادة الأجور. في الإطار ذاته، فإن ارتفاع سعر الفوائد الربوية المفروضة على القروض، يجعل المستثمرين يحجمون عن إقامة المشاريع الإنتاجية التي تعود بالنفع والرخاء على الاقتصاد القومي، ويقترح الاقتصاد الإسلامي بديلاً عن الربا يتمثل في المشاركة في المشاريع الاستثمارية، التي يتشارك فيها كلا الطرفين -البنك الإسلامي والعميل- في الأرباح والخسائر، وبالتالي تقل تكاليف الإنتاج.​

تحريم الاحتكار

ويقصد بالاحتكار: حبس كل ما يضر الناس حبسه بقصد إغلاء الأسعار، فكل احتكار يدخل الضرر على الناس فإنه محرم، وقد ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحتكر إلا خاطئ.

ومن الصور الداخلة في الاحتكار: اتفاق التجار على عدم البيع إلا بسعر معين، أو قيامهم بشراء السلع حتى تنفد أو تقارب على النفاد بقصد رفع أسعارها، ثم يقوم بعد ذلك بالبيع.

ولا شك أن للاحتكار أضراراً خطيرة على الاقتصاد، ومنها على سبيل المثال: ارتفاع الأسعار وغلاء الأثمان، والحد من الإنتاج، وهذا ما يؤدي إلى ظهور التضخم، وكذلك إفساد قانون العرض والطلب، عن طريق تقييد عرض السلع والخدمات في الأسواق، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وإلغاء حرية التجارة والصناعة، نظراً لوجود مجموعاتٍ مسيطرة على الأسواق التجارية والصناعية.

وقد كان عمر بن الخطاب خليفة المسلمين، يدخل الأسواق ويراقب معاملات التجار وأسعار السلع والمنتجات، ويمنع كل تصرف قد يؤدي إلى الاحتكار [1]

وذكر الفقهاء في كتبهم أن من احتكر على الناس في طعامٍ أو غيره، حتى نزلت بهم حاجة فادحة، أجبره ولي الأمر على بيع ما عنده بسعر وقته [2]

التسعير

يقصد بالتسعير: تقدير ولي الأمر أو نائبه للناس سعراً، ويجبرهم على التبايع به، والأصل في التسعير عدم الجواز، لأن التجارة لا تكون إلا عن تراضٍ بين الناس. غير أن من الفقهاء من أجاز التسعير للمصلحة، فقالوا: إنه يجوز لولي الأمر أن يسعر على الناس سلعهم ومنتجاتهم إذا رأى في ذلك جلباً لمصلحة عامة ودفعاً لمفسدة قد تلحق ضرراً بالناس، قال ابن القيم رحمه الله: وجماع الأمر: أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير. سعر عليهم، لا وكس ولا شطط [3]

فالغاية هي رعاية مصلحة الناس، وإقامة العدل، وهذه المصالح يقدرها ولي الأمر بعد مشورة أهل العلم وذوي الخبرة.

ولما كان التضخم النقدي عبارة عن ارتفاع مستمر في الأسعار، كان من اللازم التدخل لضبط الأسعار ومنعها من الزيادة في الارتفاع، من أجل إيقاف الحركة التصاعدية للتضخم النقدي، فكان تطبيق التسعير من الوسائل العلاجية المقترحة لوضع حد للضغوط التضخمية من الاستفحال، وهكذا فإن تطبيق التسعير لعلاج التضخم النقدي سيحقق فائدتين:

الأولى: كبح ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي لم يزد الطلب عليها، أو التي لم ترتفع تكاليف إنتاجها، حماية للمشترين من مسايرة أصحاب السلع والخدمات للاتجاه التصاعدي للأسعار.

الثانية: تشجيع الناس على الادخار ونقص الاستهلاك، فإنه في الظروف التضخمية وتصاعد الأسعار يزيد الطلب على السلع والخدمات تلافيا للشراء بأسعار أكثر ارتفاعا في المستقبل، وهذا المسلك لا يزيد الأمر إلا شدة والتضخم النقدي إلا زيادة.​


المصادر والمراجع

  • المادة العلمية مستقاة بتصرف اختصار وإضافة- من رسالة دكتوراه للباحثة د. حياة البرهماتي، بعنوان: أسباب التضخم في الأوراق النقدية وعلاجه من منظور الفقه الإسلامي.

[1]​ "موطأ مالك، كتاب البيع، باب ما جاء في الحكرة".

[2]​ "الطرق الحكمية، ابن القيم:" 205.

[3] "الطرق الحكمية، ابن القيم222.





​​​


استثمارك.... أمانك وضمان غدك

هذا المقال يمثل مشاركتي الثانية في مجلة هيئة أسواق المال التوعوية الإلكترونية، الأمر الذي يدفعني لتوجيه الشكر للقائمين عليها لإتاحتهم لي فرصة مشاركتهم جهودهم لتقديم كل ما هو مفيد للقارئ الكريم من المعلومات والتي تعد -حقيقةً- بمثابة البوصلة لخوض غمار عالم الاستثمار في أسواق المال.​

في مقالتي هذه، أعرض لكم بإيجاز عن مفاهيم استثمارية عامة أضمنها خلاصة تجارب عايشتها، فأعرض لمفهوم الاستثمار بوجهٍ عام، وفي سوق المال بوجهٍ خاص، ودوافعه. كما اتناول أسس إدارة مخاطر، وآليات إدارة المحافظ الاستثمارية.

ونظراً لتخصيص الإصدار الحالي من مجلة الهيئة للصناعة المالية الإسلامية، كان لابد لي من أعرض-في عجالة-لبعض المفاهيم ذات الصلة بهذا الموضوع، كالتعريف بالبنوك الإسلامية، وأدوارها ومدى اختلافها عن أدوار مثيلاتها التقليدية. آملاً أن تحمل بعض الفائدة لمتابعي المجلة.​

الاستثمار ... ودوافعه


الاستثمار، ببساطة، يعني شراء أصول بقيمٍ معينة تدعى "الأصول الرأسمالية"، ثم بيعها مع ارتفاع قيمها لتحقيق هوامش ربح نتيجة الفوارق بين أسعار الشراء والبيع. هذا في العموم.

ولايختلف الأمر كثيراً حين الاستثمار في أسواق المال، فنحن كمتداولين في أسواق المال، وتحديداً في بورصة الكويت، نشتري الأسهم لعدة أسباب، يتمثل أبرزها بسببين اثنين:

  • ارتفاع قيمتها بمرور الوقت.
  • توفير مصادر جديدة للدخل من خلال التوزيعات الدورية السنوية ونصف السنوية.

ويمكن بطبيعة الحال النجاح في تحقيق الهدفين معاً في ذات الوقت، إذ يمكن أن ترتفع قيمة الأسهم بمرور الوقت بالتزامن مع تحقيقها عوائد توزيع مجزية تمثل مصدراً جديداً للدخل. هذا عن الاستثمار، فماذا عن دوافعه وغاياته؟

الاستثمار.. أحد طرق الثراء

للاستثمار أهدافٌ عدة، قد تختلف نوعاً ما بين مستثمرٍ وآخر، وفقاً لطبيعته وظروفه واحتياجاته وطموحاته، وقدرته على تحمل المخاطرة. تلك الأهداف المتنوعة، يمكن إدراجها على وجه العموم في إطارين اثنين:

  • أهداف مادية: شراء: منزل، سيارة، عقار، توفير دخل لمرحلة ما بعد التقاعد...
  • أهدف نفسية: الأمان، التملك، الاستقرار المالي.....

فالدخل الثابت المتحصل من الرواتب سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص مهما بلغ لن يحقق لك كافة أهدافك ولن يضعك على حافة الثراء الذي تهدف إليه. للثراء طرق عدة، قد تكون استثماراً، تجارةً حرة، ميراثاً، إلا أنها لم تكن يوماً راتباً ثابتاً. أثرياء العالم بلا استثناء لم يحققوا نجاحاتهم عبر دخول ثابتة، بل من خلال الاستثمار والتجارة الحرة، وارن بافيت، إيلون ماسك وغيرهما شواهد حية على ذلك.

المغامرة ... والمخاطرة

للاستثمار، كما غيره، من جوانب الحياة وجهان لعملة واحدة - كما يقولون - أرباح وخسائر لا وصفة تضمن لك النجاح، لكن بالمقابل هناك خطوات تساعدك كثيراً في هذا المجال. قبل أن تجرب وتقدم على مخاطرة محسوبة فتدخل عالم الاستثمار وتمتلك القوة الحقيقية "كمستثمر" لابد لك من مرحلة إعدادٍ ما تشمل زيادة الوعي بآليات الاستثمار وضوابطه، بحقوقك ومسؤولياتك، بمقومات القرار الاستثماري المتزن، بمعرفة التشريعات المنظمة لاسيما تلك المتعلقة بالتداول وبلوائح هيئة أسواق المال.

لكن ماذا عن الخطوة التالية؟ أعتقد أنك مطالب بتدعيم احتمالات تحقيقك للنجاح الاستثماري و"تحصين" استثمارك من خلال إحاطتك بالمخاطر المحتملة والمتوقعة وحسن إدارتك لها.

التنويع ... الركيزة الأساسية في إدارة المخاطر

يعد تنويع الاستثمارات القاعدة الأولى والأبرز على صعيد إدارة مخاطر الاستثمار في أسواق المال، ويقصد بها: توزيع الأصول الاستثمارية، بعبارةٍ أخرى، اختيار مجموعة مختلفة من الأسهم في قطاعات مختلفة للاستثمار فيها. 

هذا الإجراء يساعد بنسبةٍ كبيرة في الحد من الأثار السلبية التي قد يخلفها هبوط سهم شركة ما في محفظتك الاستثمارية، على سبيل المثال، حينما تستثمر في 5-6 أسهم في قطاعات مختلفة لن تتأثر محفظتك كثيراً بهبوط سهمٍ واحد، إذ أن الأسهم المتبقية لن تهبط في الغالب إلا في حالات الانهيار وهي محدودة ومحكومة بظروفٍ معينة. على النقيض من ذلك، قد يساعد الأداء الجيد لتلك الأسهم في تعويض الخسائر الناتجة عن الأداء السيء لذلك السهم. 

أنواع إدارة المحفظة الاستثمارية:

جوهرة الاستثمار

تتمثل جوهرة الاستثمار - في اعتقادي- بالاستثمار المركب، فالعوائد تضاعف بشكلٍ تراكمي متصاعد عاماً بعد آخر حينما يقوم الفرد بفعل أمرين متزامنين:

  • استقطاع شهري مستمر في الأسهم. 
  • إعادة استثمار الأرباح المحققة من الأسهم في الأسهم نفسها. 

وبذلك، تستطيع من خلال استثمارك التوصل لتحقيق أمانك المادي والنفسي للوصول للحرية المالية.

البنوك الإسلامية

النسبة الكبرى من الشركات المدرجة في بورصة الكويت متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وما يمكن تسميته بالاستثمار الإسلامي عموماً، وفي قطاع البنوك تحديداً، يحظى بأهمية خاصة لدى المستثمرين، وهذا ما يدفعني لإلقاء الضوء على تعريف البنوك الإسلامية، وطبيعة دورها ومدى تمايزه عن دور المصارف التقليدية.
هذا، وقد ورد تعريف البنوك الإسلامية في الاتفاقية الخاصة بإنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية كما يلي: "يقصد بالبنوك الإسلامية في هذا النظام، تلك البنوك التي ينص قانون إنشائها على الالتزام الكامل بمبادئ الشريعة الإسلامية، وعلى عدم التعامل بالفائدة فهي مؤسسات مالية نقدية ذات أهداف اقتصادية تسعى إلى تعبئة الموارد وتوظيفها في مشاريع تتوافق ومبادئ الشريعة الإسلامية، ملتزمة في ذلك بعدم التعامل بالربا أخذاً أو عطاءً، ومحققة التنمية الاقتصادية والرفاهية للمجتمع الإسلامي. وبناءً على ذلك، يمكن القول بأنها ملزمة بتبني الأسس والضوابط والمقاصد الشرعية الإسلامية في جميع معاملاتها الاستثمارية والتمويلية بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة العادلة، والتكافل الاجتماعي الواسع، في إطار ترسيخ مبادئ الدين الإسلامي الحنيف ونشر الوعي الإسلامي.

الفوارق بين أدوار البنوك الإسلامية .... والتقليدية

ثمة فوارق جوهرية كثيرة بين البنوك الإسلامية والتقليدية، تنبثق بمعظمها من أساس المذهب الاقتصادي لكلٍ منها، فالبنك التقليدي يرتكز على الإيديولوجيا الرأسمالية التي لا تعتبر المال أكثر من حيازة شخصية أو جماعية. على خلاف ذلك، المال في الشريعة الإسلامية مسؤولية، وله أدوار اقتصادية واجتماعية تستهدف في نهاية المطاف الإسهام في عمارة الأرض التي يعد الإنسان مستخلفاً فيها بتكليفٍ من المولى عز وجل، أعرض لأبرز تلك الفوارق بالجدول التالي:​




المقاصد الشرعية من العقود المالية

​​​​​​​​يعد حفظ المال - باعتباره كل شيء له قيمة مادية بين الناس وتتم به مصالحهم، ويجوز شرعاً حيازته والانتفاع به - من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية التي حرصت على حمايته وتنظيم التصرفات والتعاملات المرتبطة به.

ثمة مقومات عدة ينبغي توافرها في المال لاعتباره مالاً، كما يرى الإمام الطاهر بن عاشور -رحمه الله- كأن يكون مكتسباً ومحدوداً، وقابلاً للتداول والادخار، والرغبة في تحصيله.

أما المعاملات المالية فيصنفها -بن عاشور- في صنفين رئيسيين: أولهما مرتبط بالتملك بمختلف أسبابه وغاياته، والثاني متعلق بالتكسب بأصوله المتعددة (الأرض، العمل، رأس المال).

بالمحصلة، الناظر في المعاملات والعقود المالية يجد لها مقاصد شرعية حث عليها الشرع، ووافقها العرف والطبع.

في هذا المقال نعرض لأبرز المقاصد الشرعية في العقود المالية، مع بيان مقصد التشريع وغاية الحكم وغرض العمل في كلٍ منها.

المقاصد والغايات

سأتناول بالتفصيل ثلاثاً من أهم مقاصد الشريعة في الأموال، والغاية منها، وسبل تحقيقها والمحافظة عليها، وفق الآتي:​

أولاً- مقصد الرواج

يقصد بالرواج (دوران المال) أي أن يكون المال رائجاً بين المسلمين بالطرق الشرعية استهلاكاً أو استثماراً، ولا يتم ادخاره لدى البعض منهم دون الآخر، كما لا يتم احتكاره وكنزه، قال تعالى:" والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذابٍ أليم"(سورة التوبة- الآية 34). وقد عرف الطاهر بن عاشور هذا الرواج بقوله (ويقصد به دوران المال بين أيدي أكثر من يمكن من الناس بوجه حق، وذلك بالتجارة وغيرها، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: "كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُم" (سورة الحشر- الآية 7).​

وسائل المحافظة على رواج المال​

ذكر الطاهر بن عاشور -رحمه الله-وسائل المحافظة على رواج المال، فقال:

  • شُرعت عقود المعاملات لنقل الحقوق المالية بمعاوضة أو تبرّع.
  • جُعِل الأصل في العقود المالية اللزوم دون التخيير إلا بشرط.
  • التسامح بشيءٍ من الغرر في بعض العقود كالسلم والاستصناع من باب التسهيل.
  • إيجاب النفقات كالنفقة على الزوجات، وتشجيع التبرعات والصدقات، وإباحة نفقات التحسين والترفه. وذلك كلّه يساهم في دعم الطبقات الوسطى والدنيا.
  • تسهيل المعاملات وترجيح جانب المصلحة فيها على ما يمكن أن يعترضها من مفسدة محتملة، ولذلك لم يشترط في التبايع حضور كلا العوضين.
  • تيسير التعامل بالنقدين (الذهب والفضة) كبديل عن المقايضة، وذلك ليحصل الرواج بهما، وما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمال الرجال للذهب والفضة إلا لحكمة عدم تعطيل رواج النقدين بكثرة الاقتناء المفضي إلى قلتهما.

لذلك شرعت مثل هذه العقود كالبيع والتبرع حتى يتداول الناس هذه الأموال ولا تبقى لطبقةٍ دون طبقة وهذا من مقصد الشارع، حتى أن الشريعة أجازت بعض العقود وإن كان فيها بعض الضرر والغرر اليسير المغتفر إلا أنها نظرت إلى المصلحة الكبرى في هذه العقود فرجحتها على جانب المفسدة مثل المساقاة والمزارعة والسلم إلا أنها ضمنت حقوق كل منهما بتأكيد الحق بالكتابة والشهود وغيرها من الإجراءات التي تحفظ حق المتعاقدين، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" (سورة البقرة- الآية 282).

 ثانياً: مقصد التملك والاكتساب

هذا المقصد جاء ليقرر أن للإنسان الحق في الكسب المشروع الذي جاء بوجهٍ صحيح، وأنه لمالكه حرية التصرف فيه تصرفاً لا ضرر فيه على أحد، كذلك جاء النهي الشديد والوعيد الأكيد في نزع المال من مالكه بدون رضاه، قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"(سورة النساء - الآية 29). كل هذا جاء لتأكيد هذا المقصد وترسيخ هذا المفهوم الذي يمكن أن نعبر عنه بـ"الحرية المالية".

ويمكن أن نضيف لهذا المقصد أنه جاء لاستيفاء حاجات الإنسان وسداد ضرورياته، لذلك جاء في الحديث (من أحيا أرضاً ميتة فهي له) لكن هذا مشروط بأن لا يكون فيه اعتداء على أحد.

ثالثاً: مقصد العدل

يعد مقصد "العدل" المقصد الأكبر، والغاية الأظهر في كافة أبواب الدين ومجالات الحياة إلا أنها تظهر في العقود المالية بصورةٍ أوضح، لذلك حرم الشارع الربا ونهى عن العقود التي تشتمل على الغرر وغيرها من سائر المنهيات بما يراعي حفظ المصالح العامة ويدفع الأضرار.​

الوسائل المشروعة لتحصيل المال​


استناداً لما سبق فقد حدد الطاهر بن عاشور وسائل تحصيل المال، بالوسائل التالية:

  • العمل.    
  • العوض.
  • التبرع.
  • الإرث.


تنويه:

محمد الطاهر بن عاشور (1879-1973) عالم تونسي، من أبرز مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث، عين شيخاً لجامع الزيتونة، كما شغل منصب شيخ الإسلام للمذهب المالكي، ثم شيخاً عميداً للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين، له مؤلفات عدة (التحرير والتنوير، مقاصد الشريعة الإسلامية، الوقف وآثاره في الإسلام، التوضيح والتصحيح في أصول الفقه، أصول التقدم في الإسلام، أصول العلم الاجتماعي في الإسلام، موجز البلاغة).



كيف تحمي نفسك من مخططات الاحتيال المالي؟

​​

أخطاء قد توقعك ضحية لعملية احتيال مالي


ثمة العديد من الأخطاء قد لا يعيرها المرء كثير اهتمامه تنتهي بالإيقاع به ضحيةً لعملية احتيالٍ مالي، لعل من أبرزها:

  • ​إفشاء معلوماتك المالية والشخصية لأشخاص وجهات مجهولة غير موثوقة.
  • تمكين الآخرين من استخدام بطاقتك المصرفية وإجراء عمليات الدفع بها.
  • التهاون في فتح الروابط الإلكترونية المجهولة التي تصل إليك عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي.
  • استخدام مواقع إلكترونية غير موثوقة للتسوق وإدخال البيانات المالية لإجراء عمليات الدفع من خلال هذه المواقع.
  • الاستعجال في تقديم المعلومات المالية والشخصية دون التثبت من الجهة التي يتم التعامل معها. 

احم نفسك بخطوات أربع

من خلال ما تقدم، ماذا يمكنك أن تفعل لحماية نفسك؟ ثمة العديد من النصائح والإجراءات التي يمكنها المساعدة في هذا الإطار، يمكننا إيجازها بخطوات ٍأربع ننصح باتباعها:

اعرف

كن على معرفة واطلاع مستمرين بأساليب الاحتيال المالي والتحذيرات التي تنشرها مؤسستك والجهات الحكومية المعنية.


تمهل

لا تتسرع في تقديم بياناتك الشخصية والمالية لأية جهةٍ كانت سواًء عبر رابط إلكتروني، أو رسالة نصية، أو موقع إلكتروني، أو مكالمة هاتفية تدعي أنها من جهة حكومية أو تجارية.

تثبت

تأكد من هوية وحقيقة أية جهة تطلب بياناتك الشخصية والمالية بطريقة غير رسمية سواء عبر الرسائل النصية، أو الروابط البريدية، أو وسائل التواصل الاجتماعي.

بّلـــغ

بلغ الجهة المالية التي تتعامل معها والجهات الأمنية المختصة على الفور في حال اشتباهك بالتعرض لعملية احتيالٍ مالي.​


تأكد دائماً من:

  • موثوقية وأمان الموقع أو التطبيق الخاص بالمتجر الإلكتروني عند الشراء عبر الانترنت.
  • من موثوقية شبكة الاتصال اللاسلكية (Wi-Fi) عند التسوق عبر الإنترنت.
  • التحقق من كشف الحساب البنكي والرسائل النصية الواردة من البنك للتأكد من عدم تنفيذ أي عمليات مالية غير معتمدة أو مفوضة منك.

وأخيراً، أود الإشارة إلى أن هذا الموضوع يمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة من التوصيات والإجراءات الهامة بدأنا بها في الأعداد الأخيرة من المجلة، تعنى بسلامة وأمن بياناتنا الخاصة، لأن المحافظة عليها يعني ضمان عدم وقوعنا ضحية لعمليات الاحتيال المالي.




تطوير الصناعة المالية الإسلامية: دور الرقابة الشرعية والتعاون بين الجهات الرقابية

تعتبر صناعة التمويل الإسلامي في الكويت نموذجًا مثاليًا للتطور السريع والأثر الاقتصادي، بدءًا من تأسيس بيت التمويل الكويتي في عام 1977، والذي يعد من أوائل البنوك الإسلامية في المنطقة والعالم، وصولاً إلى النمو الذي شهده القطاع بعد إصدار القوانين التي سمحت بإنشاء بنوك إسلامية جديدة في عام2003، كما أتاح القانون للبنوك التقليدية القائمة بالتحول للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، فالقطاع شهد نمواً كبيراً وصار يمثل حصةً مؤثرة من القيمة السوقية في بورصة الكويت، إذ أن نصف القطاع المصرفي الكويتي هو من البنوك الإسلامية، تملك أكثر من 600 فرعاً حول العالم، يعمل فيها أكثر من 12,000 موظفاً، بإجمالي أصول تقارب الـ 100 مليار دولار، وتشكل تقريبًا نحو 40٪ من إجمالي أصول البنوك، و41% من حصة التمويل، و 45% من الودائع في الكويت، ناهيك عن الشركات الإسلامية والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية في القطاعات الأخرى، حيث تمثل هذه الشركات غالبية الشركات المدرجة في بورصة الكويت من حيث القيمة السوقية أو العدد.​​

​الصناعة المالية الإسلامية... تطور متسارع... ولكن!

مع تزايد أهمية الصناعة المالية الإسلامية في العالم عامةً،  وفي دول الخليج خاصةً، تأتي دولة الكويت في مقدمة الدول التي تولي اهتمامًا خاصًا بتطوير هذه الصناعة. ومع هذا، يظل التطوير المستدام للقطاع حاجةً ماسة، ولاتزال صناعة المالية الإسلامية بحاجة للإبداع وتفعيل الحوكمة الحصيفة، للمحافظة على الريادة والنمو العالي، والسبق الذي كانت تتميز به، لذلك فإنّ المطلوب من العاملين في قطاع المالية الإٍسلامية الاستمرار في بناء القدرات المؤسسية، لتحقيق مزيدٍ من التطور  والابتكار في الصناعة بشكلٍ خاص والاقتصاد بشكلٍ عام، ونقلها لآفاق عالمية، خصوصًا في ظل وجود بعض الممارسات المتكررة التي قد تخالف مقاصد الشريعة، وأهداف صناعة المالية الإسلامية السامية، فبعد عشرات السنوات من التجارب والخبرات المطلوب اليوم الانتقال بالقطاع لمرحلةٍ أكثر مهنية وشفافية، وتثبيت القواعد والإنجازات التي تم اكتسابها عبر السنوات، من خلال حوكمةٍ حصيفة وحكيمة لضوابط الرقابة الشرعية، ودعم التوافق مع الشريعة الإسلامية والحوكمة.

مقومات النجاح المستدام المطلوب

أعتقد أن تحقيق النجاح المستدام يتطلب تعزيز التعاون بين مختلف الجهات الرقابية، لذا فإنني أتمنى من الجهات الرقابية والإشرافية العمل على ما يلي:

  • التعاون بين جميع الجهات الرقابية والاشرافية في تطوير صناعة التمويل الإسلامي
لتوحيد المرجعيات وضبط الصناعة، يعتبر التعاون بين هذه الجهات أمرًا ضروريًا وملحاً، حالياً تخضع الصناعة لعدة جهات رقابية، منها هيئة أسواق المال، وبنك الكويت المركزي، وحدة تنظيم التأمين، وزارة التجارة والصناعة، فأصبح من اللازم والضروري تكوين مرجعية موحدة للإشراف الشرعي على صناعة المالية الإسلامية بشكلٍ عام، وتطوير وتحديد الضوابط والقواعد التي يجب اتباعها بما في ذلك اعتماد ضوابط للمعاملات والعقود المتكررة، مثل المرابحة والتورق والإجارة، مع مراعاة ترك مجال الإبداع للجان الشرعية في الشركات، لكن تظل للجهة المرجعية على الرقابة الشرعية السلطة في مراجع فتاوى وقرارات اللجان الشرعية واعتمادها، لضبط الصناعة والحد من الآراء التي تحيد عن القاعدة، والتأكد من أنها لا تخالف قواعد صناعة التمويل الإسلامي المعمول بها والمعتمدة في الكويت. 
  • حوكمة الرقابة الشرعية

إحدى أهم الخطوات لتطوير هذه الصناعة يتمثل بالاستثمار في تطوير وحوكمة نظام للرقابة الشرعية على غرار الآليات الرقابية على البيانات المالية، حيث يجب إلزام الشركات بنشر تقارير دورية فصلية وسنوية تفصيلية تظهر مدى التزامها بالشريعة الإسلامية، كما يجب الإفصاح عن التوافق مع أحكام الشريعة مع كل إفصاحٍ مالي أو إداري، بحيث تلزم الشركات بنشر التقارير الفصلية للهيئات الشرعية والمدقق الشرعي الخارجي في موقع البورصة والموقع الإلكتروني الرسمي للشركة، كما يجب إلزام الشركات بنشر تقاريرها الشرعية السنوية وجميع فتاوى لجانها الشرعية بصورة مطابقة لتقارير الشركات الإدارية والمالية، الأمر الذي يساعد في تعزيز الشفافية ورفع درجة ثقة المستثمرين والمتعاملين مع القطاع.

  • إنشاء أقسام خاصة في الجهات الرقابية للتدقيق والرقابة على الشركات التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية
نظراً لأن القطاع يشكل نسبةً كبيرة من السوق المحلي، فإنه يتطلب تطوير نظام الرقابة الشرعية في جميع الجهات الرقابية بما يتناسب مع حجم الرقابة وتأثيرها مع عدد وحجم الشركات، مع ضرورة إيجاد مرجعية شرعية محلية مختصة تكون لها كلمة الفصل وحسم الخلاف عند وجود خلافات أو شبهات شرعية.
  • المسؤولية القانونية والاستثمار المتوافق مع الشريعة

من الضروري توضيح المسؤوليات القانونية لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الهيئات الشرعية والإدارة التنفيذية، يتضمن ذلك تحديد عقوبات لأي انحراف عن الالتزام بالشريعة، فيجب تحديد وتوضيح المسؤوليات القانونية لجميع الأطراف المعنية، كما يجب على البنوك والشركات الاستثمارية الإسلامية الالتزام بالإرشادات الصادرة من الهيئات الشرعية، والإفصاح عنها بشكلٍ مفصل في تقاريرها المالية، لضمان تطبيق والالتزام بأحكام الشريعة.

بالإضافة لإعطاء المستثمرين واللجان الشرعية والمدقق الشرعي الداخلي والخارجي وجميع المتداولين في السوق والأطراف ذات الصلة حق الإبلاغ عن أي شبهاتٍ شرعية لهيئة أسواق المال وباقي الجهات الرقابية ذات العلاقة مع ضمان حماية المبلغ والحفاظ على سريته، مع السماح بالاعتراض وطلب مراجعة قرارات اللجان الشرعية لضمان توافقها مع أحكام الشريعة.

  • القرارات والإفصاح الشرعي قبل الاستثمار

يجب على البنوك والشركات الاستثمارية الإسلامية الالتزام بقرارات الهيئات الشرعية والافصاح عنها قبل الدخول في أي صفقات استثمارية وتوقيع العقود، وإلزامها بنشر رأي هيئاتها المعتمدة والموقعة من كل الأعضاء مع جميع الإفصاحات المرتبطة بصفقات وعقود، قبل الشروع وإبرام أية صفقة، وذلك لضمان التوافق الشرعي.

  • دعم التعليم والتأهيل

لمواجهة ضعف الكفاءات والمهارات في القطاع لابد من دعم البرامج التعليمية المشتركة بين الكليات الشرعية وإدارة الأعمال والقانون.

  • تقليص عدد عضويات اللجان الشرعية المسموح بالعمل في عضوية هيئاتها

وضع خطةٍ زمنية لتقليص عدد اللجان الشرعية المسموح بها، ووضع حدٍ أقصى مشابه لعضويات مجالس الإدارة، والاقتصار على عضوية ثلاث لجان كحدٍ أقصى (بنك وشركة تأمين تكافلي ومؤسسة استثمار) كما هو معمول به في ماليزيا، مما يمكن أن يعزز من جودة الرقابة ويعزز من كفاءة الأعضاء.

  • تأهيل الصف الثاني في الهيئات الشرعية ومكاتب التدقيق

ينبغي تشجيع التخصص في مجال الرقابة الشرعية من خلال الفصل بين ملكية مكاتب التدقيق الشرعي وعضوية الهيئات الشرعية، مما يتطلب الاستثمار في تأهيل كوادر رقابية متخصصة تُفَضّل التطوير المستدام للصناعة، ومنح الحاليين الخيار بين الاستمرار في عضوية الهيئات الشرعية أو المشاركة في ملكية مكاتب التدقيق الشرعي، وتطبيق الفصل بالملكيات حتى أقاربهم من الدرجة الأولى.

مشكلة الاستثمار في الأسهم المتوافقة مع الشريعة: محطة بحثية وفقهية لا تنتهي، ثمة أمثلة عملية تعكس التحديات في هذا الإطار حيث يعد الاستثمار في الأسهم المتوافقة مع الشريعة محط اهتمامٍ كبير لكنه يفتقر للمنظومة الشاملة والموحدة والمتكاملة، وهو ما يستدعي المزيد من البحث الأكاديمي والفقهي لتطوير معايير تحقق الامتثال والمحافظة على مبادئ الشريعة الإسلامية، وفي هذا السياق، تظل الشفافية والدقة عنصران مهمان لضمان التوافق مع الشريعة وبناء ثقة المستثمرين.

اليوم، وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين عامًا على القرار الأول الصادر عن الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي، ما يزال الخلاف قائمًا حول جواز وتعريف ومعاملة الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، على الرغم من النجاح الذي حققته صناعة التمويل الإسلامي، إلا أن الاستثمار في الأسهم المتوافقة مع الشريعة يظل يواجه تحديات فقهية ومالية.

بالنتيجة، رغم النمو الهائل في هذا القطاع، إلا إنه ما زال يواجه تحديات تتعلق بالمعايير والرقابة.

  • الحاجة لتوحيد تعريف الشركات المتوافقة ومعايير الفحص والتطهير

أحد أبرز التحديات يتمثل بعدم الاتفاق على تعريف أو معايير لتعريف الشركات المتوافقة، خاصةً مع تواجد العديد من الهيئات التي تقدم خدمات التصنيف الشرعي للأسهم، وذلك لعدم وجود معايير عالمية موحدة، حيث قد يكون لكل دولة أو شركة تعريفها الخاص، الأمر الذي يمكن له أن يثير التفسيرات المتعددة لما يعتبر "متوافقًا مع الشريعة"، ما يقدم تحدياً للمستثمرين الذين يبحثون عن الشفافية والوضوح، بينما تستخدم بعض المصارف والصناديق معايير تحليلية صارمة، يعتمد آخرون على معايير لا تعكس الواقع ولا تتماشى مع المعايير العالمية المتفق عليها، ما قد يؤدي إلى انحراف عن الأهداف الشرعية للمستثمر.

والتدقيق الشرعي فيما إذا كانت الشركة تتوافق مع الشريعة يتطلب عملية تحليلية دقيقة، فتقييم هذه الشركات يحتاج إلى رصد مستمر لضمان التوافق مع الشريعة، خصوصاً مع تغير ظروف الشركات باستمرار وقد يتطلب ذلك المراجعة وتقييمات فقهية جديدة مع المتغيرات السوقية.

لذلك يجب التنسيق والتعاون بين الجهات الرقابية والتنسيق لتنظيم ووضع ضوابط واضحة لتعريف الشركات المتوافقة، وطريقة تداولها واستخداماتها كضمانات مالية، وضبط وإصدار قوائم فصلية لتصنيف الشركات الإسلامية والمتوافقة المدرجة في بورصة الكويت والأسواق الإقليمية والعالمية، ومعتمدة من الجهات الرقابية، تكون مرجعًا موثوقًا لشركات الاستثمار والمتداولين، مع ضرورة إخضاع أي جهة لا تلتزم بالقوائم بالمسؤولية القانونية لمخالفة النظام الأساسي للشركة أو الصندوق.

  • تطهير الأسهم المتوافقة والزكاة وتحدياتها

الاستثمار في الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية يتضمن تحديات متعددة ومعقدة تحتاج إلى تفكير معمق ودراسة مستفيضة، واحدة من هذه التحديات هي عملية "التطهير"، التي تستهدف إزالة العائدات المكتسبة من مصادر غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

تعتبر عملية التطهير موضوعًا معقدًا في مجال المالية الإسلامية، إذ انها تتطلب توجيهات فقهية مفصلة لضمان الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية. كما يشكل التنوع في الآراء والمعايير مصدرًا إضافيًا للتعقيد، فكثير من الهيئات تتبع معايير مختلفة لحساب الدخل المحظور وطريقة التطهير.

يتطلب الأمر إفصاحًا واسع النطاق عن نوعية الأعمال والأصول، وهنا يكمن تحدٍ آخر يتعلق بما ينبغي تنقيته: أرباح الأسهم، أم الأرباح المرحلة، أم المكاسب الرأس المالية، ثمة انقسام في الآراء الفقهية حول ما يجب تطهيره، والتوقيت الذي ينبغي فيه القيام بذلك.

يجدر الإشارة إلى أن الاختلافات الفقهية حول معايير التطهير، وكيفية استخدام الدخل المطهر تعكس التنوع الفكري في الفقه الإسلامي، وهو ما يتطلب مزيدًا من البحث والدراسة للوصول إلى أفضل الممارسات، وتظل الحاجة ماسة لمزيدٍ من الأبحاث والمصادر الأولية التي توجه الفقهاء والممارسين في القطاع، العمل البحثي المستند إلى الدراسات الفقهية والمالية يمكن أن يقدم نظرة شاملة تساعد في التوجيه.

إحدى المعضلات التي تواجه المستثمرين تتمثل في كيفية حساب الزكاة ونسبة ومقدار الدخل المحرم للأسهم المتوافقة، فيجب على الجهات الرقابية إلزام الشركات والصناديق والمؤشرات الإسلامية الإفصاح بشكلٍ واضح ودوري عن هذه النقاط لتمكين المستثمرين من اتخاذ قرارات متوافقة مع الشريعة، مع تزويدهم بقرارات الهيئات الشرعية في هذه الشركات والصناديق نسبة التطهير ومقدار الزكاة.

بالمحصلة، أعتقد أن الأسهم المتوافقة مع الشريعة لديها القدرة على أن تكون جزءًا هامًا من النظام المالي العالمي، لكنها تحتاج إلى تنظيم ومعايير موحدة لتحقيق ذلك، فمعالجة هذه التحديات تتطلب مشاركة جميع الأطراف المعنية لضمان الالتزام بالأحكام الشرعية والشفافية المالية، وفي هذا السياق، يمكن للبحوث الأكاديمية المستقبلية أن تقدم مساهمات ذات قيمة عالية في هذا المجال، من خلال التركيز على تطوير معايير واضحة وموحدة تحقق التوافق مع الشريعة الإسلامية، وكذلك دراسة الأثر الاقتصادي لمختلف طرق التطهير على الاستثمار والنمو.

الطريق إلى للمستقبل

تعتبر الرقابة الشرعية عاملًا مهمًا في نجاح واستدامة الصناعة المالية الإسلامية. لذلك، يجب على جميع الجهات الرقابية في الكويت العمل معًا لضمان التزام الشركات، والمؤسسات بالقواعد، والضوابط الشرعية والقانونية، لتحقيق هذه الأهداف، كما يتطلب الأمر تعاونًا وثيقًا بين الجهات التشريعية والرقابية والشركات العاملة في القطاع، لينعكس ذلك إيجابيًا على الاقتصاد الكويتي بشكلٍ عام وصناعة التمويل الإسلامي بشكلٍ خاص، مع التركيز على:

  • إنشاء هيئاتٍ تنظيمية موحدة: لا بد من تكوين هيئات تنظيمية لفرض معايير موحدة والعمل على تطويرها لتواكب تطور الأسواق.​
  • التعاون المستدام: يجب على الخبراء والمتخصصين في هذه الصناعة التعاون لتطوير معايير قابلة للتطبيق والتحديث المستمر لها.
  • الشفافية والإفصاح: لابد من الإفصاح الكامل عن كيفية حساب الزكاة والتعامل مع الدخل المحظور.

     



الصناديق الاستثمارية الوقفية: منتج استثماري وقفي مقترح

يُعد الوقف مفخرة من مفاخر الإسلام، وأحد عوامل التفوق الحضاري في أزمنة الازدهار، وصمام أمان في أوقات المحن، ويمتاز الوقف عن أوجه البر الأخرى بخلوده إذ تتعاقب عليه الأيام، وينتفع به جيلٌ إثر جيل آخر. وتقدم أنظمة الاستثمار الجماعي المنظمة من قبل هيئة أسواق المال حزمة من المزايا التي تعزز قدرة الأوقاف على الاستدامة مثل الإدارة الاحترافية المتخصصة، والحوكمة والشفافية والإفصاح، والتدقيق المالي والشرعي، وتنويع الأصول، والتعامل مع المخاطر بفاعلية. 

 وتماشياً مع المبادرة رقم (3.3) الخاصة بـ "العمل على تطوير أدواتٍ استثمارية جديدة " الواردة في الهدف الاستراتيجي الثالث" تنويع الأدوات الاستثمارية في أسواق المال"، تهدف هذه الورقة الي عرض منتجٍ استثماريٍ وقفيٍ جديد مقترح يعتمد على الاستفادة من البنية التشريعية والفنية والرقابية المتينة لأنظمة الاستثمار الجماعي (الصناديق الاستثمارية) ويساهم في حفظ الأصول الوقفية، واستدامتها، ودوام تثميرها، وبقاء منافعها حسب المصارف المحددة لها.

 ونستعرض المنتج الاستثماري الوقفي المقترح – الصناديق الاستثمارية الوقفية – مع بيان أبرز خصائصه ومميزاته والإطار المقترح لآلية عمله. 

مفهوم الصناديق الاستثمارية الوقفية 

مصطلح "الصناديق الاستثمارية الوقفية "من المصطلحات الناشئة تطبيقاً وتداولاً، وهو أحد تطبيقات الهندسة المالية في الجانب الوقفي، فأصل هذا النموذج مأخوذ من أحد أهم أدوات الاستثمار المعاصرة وهي أنظمة الاستثمار الجماعي (الصناديق الاستثمارية).

وتُعرف المادة رقم (1-1-1) للكتاب الثالث عشر(أنظمة الاستثمار الجماعي) من اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال الصندوق الاستثماري بأنه : "نظام استثمار جماعي تعاقدي يتعلق بالأصول المنقولة أو غير المنقولة، يكون الغرض منه تمكين الأشخاص المشاركين في هذا النظام من المشاركة أو الحصول على الأرباح التي قد تنشأ عن حيازة، أو امتلاك، أو إدارة، أو التصرف في تلك  الأصول ".

وأما تعريف الصناديق الاستثمارية الوقفية، فقد تنوعت عبارات الباحثين فيها، إلا أنها يمكن تعريفها بأنها: نظام استثمار مشترك يتكون من وحدات موقوفة (العين الموقوفة)، تُجمع من أموال المشتركين (الواقفين) تُنشئه وتديره جهة مالية مرخص لها من هيئة أسواق المال (الناظر) مقابل رسوم محددة، ثم تصرف صافي الأرباح على جهة مستفيدة محددة (الموقوف عليهم) بشكلٍ دوري، ويخضع لسلطة تنظيمية في طريقة إنشائه وإدارته، وعلى أن تكون مدة الصندوق مفتوحة باعتبار أنه وقفٌ مؤبد.

تجارب الصناديق الاستثمارية الوقفية العالمية

تمثل الصناديق الاستثمارية الوقفية للجامعات العالمية مثالاً رائداً لأفضل ممارسات الاستثمار الوقفي، حيث تطورت آلية استثمار هذه الأوقاف على مدى الخمسين عاماً الماضية لتصبح في صدارة المستثمرين المؤسساتيين في الأسواق المالية العالمية. ويشير تقرير حديث لوكالة "بلومبيرج" إلى أنه في نهاية السنة المالية 2021 بلغت القيمة السوقية للصناديق الاستثمارية الوقفية للكليات والجامعات الامريكية 821 مليار دولار. يوضح الجدول التالي الجامعات التي لديها أكبر الصناديق الاستثمارية الوقفية في نهاية السنة المالية 2021:

وتستهدف الصناديق الاستثمارية الوقفية للجامعات العالمية الاستثمار في الأسواق المالية وتحقيق عائد سنوي على المدى الطويل يوازي حجم الإنفاق السنوي الذي تدعمه هذه الصناديق مع الحفاظ على القوة الشرائية لرأس مال الصندوق، ووفقا لتحليل وكالة "بلومبيرغ" حققت الصناديق الاستثمارية الوقفية للجامعات العالمية عوائد استثمار مجزية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية بمعدل سنوي بلغ 9٪. 

اقتراح المجلس الاستشاري للرقابة الشرعية 

استمراراً لدور هيئة أسواق المال في دعم نمو صناعة إدارة الأصول، وتعزيز الاستثمار المؤسسي، وسعياً لتنويع وتطوير الأدوات والمنتجات الاستثمارية الإسلامية بما يتفق وتوجهات وأهداف المشاركين في سوق رأس المال الشرعي، وتماشياً مع الهدف الإستراتيجي الثالث "تنويع الأدوات الاستثمارية في أسواق المال"؛ يقترح المجلس الاستشاري للرقابة الشرعية التالي: ​


إطار مقترح لآلية عمل الصناديق الاستثمارية الوقفية

يقدم الشكل التالي إطار مقترح لآلية عمل الصناديق الاستثمارية الوقفية:​

وفقاً لإطار عمل الصناديق الاستثمارية الوقفية المقترح، يتعين التالي: 

  • تتولى هيئة أسواق المال مسؤولية ترخيص والإشراف والرقابة على الصناديق الاستثمارية الوقفية طبقاً للمتطلبات الواردة في الكتاب الثالث عشر (أنظمة الاستثمار الجماعي) من اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال .
  • يتولى المجلس الاستشاري للرقابة الشرعية مسؤولية تحديد المعايير والضوابط الشرعية لآلية عمل الصناديق الاستثمارية الوقفية .
  • تخضع الصناديق الاستثمارية الوقفية لقواعد الرقابة المالية والشرعية ومتطلبات الإفصاح والحوكمة الصادرة من هيئة أسواق المال.

 الأطراف ذات العلاقة بالصناديق الاستثمارية الوقفية  ​

يقدم الشكل التالي الأطراف ذات العلاقة بالصناديق الاستثمارية الوقفية وفقاً لإطار العمل المقترح: ​



خصائص الصناديق الاستثمارية الوقفية المقترحة  

​مميزات الصناديق الاستثمارية الوقفية المقترحة  






الصكوك: أدوار استثمارية .... وتنموية!

​​​​ تعد الصكوك إحدى المنتجات الرئيسية المهمة التي ساهمت في توسع الصيرفة الإسلامية على مستوى العالم. وبعد أن نالت الصكوك القبول والتداول في الأسواق المالية العالمية فقد بادرت العديد من الحكومات والشركات العالمية الكبرى باستخدامها لتوفر ما تحتاجه من تمويلات لمشاريعها وخطط نموها، كما أصبحت معظم الصكوك مقيّمة من وكالات التصنيف العالمية الكبرى، ما جعل الصكوك أكثر من أداة تمويل، إذ تطورت وظيفتها لتصبح من أدوات إدارة السياسة النقدية، وإدارة السيولة في المؤسسات المالية الإسلامية، ومن أهم مصادر تمويل برامج التنمية في الدول من خلال ما يعرف بـ "الصكوك السيادية".

الوعي العام بالاستثمار الشرعي

الداعم الأساسي لإصدار الصكوك الإسلامية هو التوجه من قبل المستثمرين في الدول الإسلامية لدعم المنتجات ذات الطابع الشرعي، الأمر الذي ساعد على نمو هذا القطاع، وخلال السنوات الأخيرة اتجهت العديد من المؤسسات المالية والمستثمرين العالميين التقليديين إلى متابعة هذه المنتجات، مما ساعد في قياسها وتقييمها مقارنةً بمثيلاتها من المنتجات التقليدية وسهولة المقارنة من الناحية الفنية للحصول على أفضل العوائد وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى الحفاظ على الاستثمار المتوافق بالشريعة الإسلامية.

ومن الأمثلة الحديثة على هذا التوجه الشرعي، الرغبة المستمرة من قبل المستثمرين بقيام الدولة بإدراج أسهم متوافقة مع الشريعة الإسلامية في الاكتتابات الأولية لتمكيين أكبر شريحة من المستثمرين بالدخول بهذا الاستثمار.

آلية عمل الصكوك

تمثل الصكوك حصةً شائعة في ملكية الأصول - كما عرفتها الهيئات الشرعية والجهات الرقابية- قد تستخدمها الحكومات في تمويل مشاريعها، كما قد تستخدمها الشركات والمؤسسات المالية في تمويل احتياجاتها على المدى المتوسط والطويل، وقد تقوم المصارف الإسلامية بإصدار الصكوك لتحسين نسبة كفاية رأس المال سواءً من خلال الشريحة الأولى أو الشريحة الثانية فهي تلبي متطلباتٍ تنظيمية واستثمارية عدة.

وتقوم فكرة الصكوك على المشاركة في تمويل مشروع، أو عملية استثمارية قصيرة، أو متوسطة، أو طويلة الأجل.

والصكوك عبارة عن "أوراقٍ مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية"، تصدرها الجهات مقابل معدل ربحٍ يوزع بشكلٍ دوري، وفي نهاية عمر الصك المعروف بتاريخ الاستحقاق، يقوم مصدر الورقة المالية بسداد رؤوس الأموال التي تم جمعها من المستثمرين، وتحمل الصكوك قيماً متساوية يصدرها المتعهد بتنظيم وإدارة المشروع المقترح.

 حجم إصدارات الصكوك العالمية


* حتى نهاية الربع الثالث من 2023 - المصدر  بلومبيرغ 30 سبتمبر 2023

حسب تقرير "بيتك كابيتال" عن حجم إصدارات الصكوك لعام 2022، فقد بلغ حجم الصكوك المصدرة حوالي 22 مليار دولار أمريكي، واستحوذت دول الخليج العربي على النصيب الأكبر من إصدارات الصكوك لتبلغ 45% من إجمالي الإصدارات، وكانت الإصدارات الحكومية والسيادية هي المحرك الرئيسي للصكوك في عام 2022 بإصدارات بلغت 72%، مقارنةً بإصدارات الشركات والمؤسسات المالية التي بلغت نسبتها 28% من إجمالي الإصدارات لعام 2022، وحتى نهاية الربع الثالث من عام الحالي 2023 بلغ حجم إصدارات الصكوك نحو 30 مليار دولار متجاوزاً إجمالي إصدارات العام الماضي بالكامل.

أنواع الصكوك

يساهم كل نوع من أنواع الصكوك بدورٍ تنموي مستدام واستثماري فعّال في الأسواق التي يتم فيها الطرح، ولكل نوعٍ من الصكوك أهمية خاصة، ومن أبرز أنواع الصكوك المستخدمة بشكلٍ واسع في معظم الأسواق الدولية صكوك الإجارة والوكالة بالاستثمار، حيث تساهم بدور كبير في عمليات التمويل المتوسط والطويل الأجل، وتمويل عجز الموازنة من خلال قيام الدولة بإصدارها لتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى. ومن الإصدارات الشائعة بين البنوك صكوك المضاربة ويُمكن استخدامهما في مجال تمويل رأس مال البنك وتحقيق الفائدة من خلال استيفاء متطلبات البنوك المركزية.

الصكوك .... قيمة مضافة

تعتبر الصكوك ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى الاقتصاد الكلي، فمن خلال قدرتها على تمويل برامج التنمية، تُساهم الصكوك مساهمة حقيقية في زيادة الطاقة الإنتاجية الفعلية للدولة في حال تم استخدام الأصول ومتحصلاتها في مجالات التنمية ذاتها، وذلك لقدرتها على حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى.

للصكوك دور كبير في معالجة العجز في الموازنة العامة، وحل مشكلة المديونية يُمكّن الدول من أن تُصدر صكوكاً بأنواعها واستثمار حصيلتها في المشاريع المدرّة للدخل والربح، ومشروعات البنية التحتية، كالنفط والغاز والطرق والموانئ وغيرها، وبالتالي تُخفف الحمل على ميزانيتها.

هذا، وقد ساهم تطوير قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية في تمكين القطاع الخاص من دخول أسواق رأس المال بصورة منظمة وتحديداً سوق الصكوك، مع إعطاء الأمان للمستثمرين من خلال تعليمات واضحة، ومن بعض أمثلة استخدام الشركات الكبرى للصكوك لتمويل مشاريعها من خلال لوائح الصكوك في الكويت هو إصدار صكوك شركة إيكويت للبتروكيماويات والذي ساهمت شركات كويتية بإدارته وعلى رأسهم مجموعة بيت التمويل الكويتي مع بنوك عالمية أخرى، وهذه الصكوك تعتبر الإصدار الأول الذي تمت الموافقة عليه من قبل هيئة أسواق المال في الكويت لشركة كويتية وفق اللوائح الحديثة من قانون هيئة أسواق المال، وبلغ الإصدار 500 مليون دولار، وهذه التجربة قد انعكست مع العديد من الجهات في العديد من الدول و الحكومات الخليجية، ومن أكثر الجهات السيادية التي تقوم باستخدام الصكوك في تمويل احتياجاتها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان، و قد قامت العديد من الشركات العملاقة بالدخول في هذا المجال وأهمها إصدار صكوك شركة أرامكو السعودية والذي بلغ 6 مليار دولار أمريكي والذي يعكس حجم الإقبال العالمي على الصكوك.

وصكوك... خضراء أيضاً​

توجهت الشركات والحكومات مؤخراً لإصدار الصكوك الخضراء والمستدامة التي تستخدم في تمويل المشاريع الخضراء وذات الأهداف الاجتماعية، ومن أمثلة ذلك ترتيب "بيتك كابيتال" إصدار صكوك استدامة لصالح بيتك تركيا بقيمة 350 مليون دولار وهو الإصدار الأول من نوعه لمؤسسة مالية إسلامية، والأول عالميًا لغرض الشريحة الثانية لرأس المال وهذا الإصدار تمت الموافقة عليه من قبل الهيئة لغرض تسويقه داخل دولة الكويت.

أما على نطاق الإصدارات بالعملة المحلية، فقد قام بيتك كابيتال بترتيب أول إصدارين لصكوك بالدينار الكويتي، الأول بقيمة 150 مليون دينار لمؤسسة مالية وهي بنك وربة، والثاني إصدار صكوك بقيمة تجاوزت 100 مليون دينار لصالح شركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو)، وهو أول إصدار صكوك مقومة بالدينار الكويتي لصالح شركة كويتية.

من ناحيةٍ أخرى، تساهم الصكوك بدور كبير أيضاً في تدعيم وتطوير وتنشيط سوق الأوراق المالية بشكلٍ عام، من خلال دورها في توسيع قاعدة الأوراق المالية في سوق المنتجات الإسلامية من ناحيةٍ، واجتذاب المزيد من المتعاملين ورؤوس الأموال إلى الأسواق من ناحيةٍ أخرى.

وتتيح الصكوك الفرصة أمام البنوك المركزية لاستخدامها ضمن أطر السياسة النقدية وفقًا للمنظور الإسلامي، بما يساهم في امتصاص السيولة وإدارتها، ومن ثم خفض معدلات التضخم، وإتاحة الفرصة أمام المؤسسات المالية الإسلامية لإدارة السيولة الفائضة لديها، والمساعدة في تحسين ربحية المؤسسات المالية والشركات ومراكزها المالية، وذلك لأن إصدار الصكوك يتم خارج الميزانية، ولا تحتاج لتكلفة كبيرة في تمويلها وإدارتها.

الحاجة هي سبب ظهور منتج الصكوك

يذكر العديد من العاملين في قطاع الأعمال أن الصكوك هي البديل الشرعي للسندات التقليدية، حيث يحمل الصك جميع المزايا التي يحصل عليها حامل السند وأهمها الدخل الثابت مع توفر الغطاء الشرعي الذي يجنب المستثمرين التعامل بالفائدة الربوية، وبالتالي فإن الصكوك بشكلٍ عام تعد ورقة مالية منخفضة المخاطر فضلاً عن توافر السيولة في معظم الإصدارات.​

ونظراً للحاجة لمصادر تمويل مستمدة من الشريعة الإسلامية بديلة عن المصادر التقليدية الأخرى، فقد نشأت الصكوك الإسلامية لمساعدة المصارف والمنشآت المالية الأخرى على توفير السيولة لديها لتمويل مشاريعها.

وتحظى الصكوك بقبول عالمي واسع في معظم دول العالم الإسلامية وغير الإسلامية، ومن بعض هذه الدول المملكة المتحدة وجمهورية تركيا وجمهورية جنوب إفريقيا وهونج كونج وجمهورية إندونيسيا حيث قامت هذه الدول بإصدار الصكوك السيادية، بالإضافة إلى العديد من الحكومات والجهات العالمية الأخرى. 




ماهي اتجاهات أسواق الدين في عام 2024؟

​​

​الكويت دولة تجارية من خلال موقعها الجغرافي وإرثها التجاري، كانت دائمًا سخية، مجتمعها منفتحاً، شعبها يقبل المخاطرة.

لسنواتٍ كانت الكويت تتمتع بفائض السيولة من عائدات النفط واستثمرت في المستقبل من خلال استثماراتها الخارجية.


عجز الميزانية.... هل من حلولٍ مثالية؟

في السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد انهيار أسواق النفط في عام 2014، شهدت الكويت مثل باقي دول مجلس التعاون الخليجي عجزًا في الميزانية، لكنها واصلت مسار الانفاق العام في الميزانية والذي تطغى عليه "الدعوم" و"الرواتب" التي تمثل أكثر من 65% من الميزانية.

ثمة حلول عدة متاحة لسد عجز الموازنة، أحدها يتمثل في السحب من صندوق الاحتياطي العام، وهو الخيار الذي تم اعتماده منذ عام 2015 حتى نضوبه في عام 2022، أما ثانيها، فيتمثل في إعادة النظر في الإنفاق العام عن طريق إيقاف الهدر.

خيارٌ متاح آخر يتمثل بزيادة الرسوم والضرائب الحكومية، إلا أنه لا يحظى بشعبيةٍ إلى حدٍ كبير، أو جذب وتشجيع تدفقات جديدة للاستثمار الأجنبي إلى البلاد، والتي حققت نجاحًا طفيفًا. أما آخر الخيارات المتاحة، فينحو للاستفادة من التصنيف السيادي الائتماني + A والاقتراض من الأسواق الدولية.

بالنتيجة، هناك إستراتيجيات مختلفة لإدارة عجز الموازنة العامة، بما في ذلك إعادة هيكلة الديون، وإصدار السندات والصكوك، وتدابير ضبط أوضاع المالية العامة.

أما الصيغة المثالية فهي مزيج من كافة تلك الحلول بطريقةٍ مقبولة سياسيًا واجتماعيًا وماليًا.​​

تطوير أسواق أدوات الدين... الفرص والتحديات!​

مما لاشك فيه، أن تطوير سوق أدوات الدين يرتب آثاراً اقتصادية جيدة، ويقدم الحلول اللازمة ومزيدٍ من الفرص للحصول على رأس المال بما ينعكس إيجاباً على صعيد دعم مقومات الاستقرار المالي من جهةٍ، دون أن ينفي ذلك المخاطر المحتملة، كزيادة الديون ومواجهة تقلب الأسواق من جهةٍ ثانية.

إن توافر الأطر التنظيمية والقانونية اللازمة لدعم تطوير أسواق رأس المال على صعيد أدوات الدين في الكويت، يلعب دوراً حاسماً في هذا المجال، وهو الدور المنوط بهيئة أسواق المال حيث سعت لتنظيمه عبر كتبٍ عدة من كتب اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار 72 رقم لسنة 2015 لقانون إنشائها رقم 7 لسنة 2010. كذلك يمكن دمج التمويل الإسلامي من خلال إصدارات الصكوك، والاستفادة من خصائصها الفريدة في تطوير آلية التنمية المستدامة في الكويت كمصدر تمويلٍ إضافيٍ مقبول اجتماعيًا وسياسيًا.

تطوير أسواق السندات والصكوك في الكويت، سيشكل فرصاً استثمارية إضافية، وسيؤدي إلى زيادة حجم نشاط البورصة وتداولاتها، الأمر الذي يؤهلها للحصول على ترقياتٍ جديدة وفق معايير وكالات التصنيف الدولية ذات الصلة، والتي تنعكس بدورها إيجاباً على سوق المال وتؤدي إلى زيادة حجم تداول الأوراق المالية، كما تشكل مقوماً إضافياً لتعزيز المركز المالي للكويت، وجعلها سوقًا أكثر جاذبية. وبالتالي، فإنه سيجتذب المزيد من الاستثمارات المؤسسية والأجنبية إلى السوق المحلية.

هذا عن الفرص فماذا عن التحديات؟

في اعتقادي، يتمثل أكبر التحديات التي يمكن أن يواجهها التوجه المتعلق بتطوير أسواق الدين في دولة الكويت بالمعارضة البرلمانية للموافقة على قانون الدين العام، والخوف من التقلبات في أسعار النفط والمخاطر الجيوسياسية كعائق. وفي الوقت نفسه، تفتقر الكويت إلى الرغبة والإرادة للاقتراض من خلال الاستفادة من أسواق الدين وتطويرها للأسباب السابقة، يضاف لذلك قلة الخبرة في مجال الاقتراض وإدارة ادوات الدين العام.​

البنوك: مرونة .... ومؤهلات

تتركز أعمال بنوك دول مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ كبير في بلدانها المحلية وفقًا لتقرير صادر عن " المركز المالي الكويتي"، حيث يقع 45% من فروعها في دول مجلس التعاون الخليجي نفسها.

بالنسبة للكويت، يمثل القطاع المصرفي الكويتي ثاني أكبر قطاع بعد النفط ويستفيد بانتظام من إصدارات الأوراق المالية. وتتمتع البنوك الكويتية بالعديد من المزايا عندما يتعلق الأمر بخدمة أسواقها المحلية، وهذا يخلق بشكلٍ فعال سوقاً مواتية للبنوك، مما يؤدي إلى هوامش أعلى وتدفقات نقدية أفضل. كما أن الدعم الحكومي من خلال ودائع كبيرة، يمثل ميزةً كبيرة إضافية لها.

وقد أظهرت البنوك الكويتية مرونةً استثنائية في مواجهة الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي في الماضي القريب والناجمة عن الاختلافات الهيكلية والمنهجية المرتبطة بشهيتها للمخاطر . إلا أن قوة عائدات النفط، والعملة المرتبطة إلى حدٍ كبير بالدولار الأمريكي تضمن إلى حدٍ بعيد استقرار النظام المالي ضد الصدمات الاقتصادية. بالمحصلة، المرونة المشار إليها تمكن البنوك من تحقيق عوائد ثابتة لمساهميها.

توقعات عام 2024​


من المتوقع أن يشهد العام المقبل 2024 إصدارات سندات وصكوك جديدة لإعادة تمويل الأوراق المالية المستحقة خلال العام المقبل لبنك وربه وبنك برقان وشركة إيكويت وجهاتٍ ومؤسساتٍ مالية أخرى من السوق الدولية للتمويل.

ومن غير المرجح أن يتم تمرير قانون الدين العام لأسباب مختلفة، لاسيما مع تبقي أربع سنوات فقط على تاريخ استحقاق الإصدار السيادي الوحيد. ومن المتوقع إجراء تعديلاتٍ طفيفة على السياسة المالية فقط، قد تظهر بشكل زيادة الرسوم الحكومية على الخدمات العامة، وكذلك تطبيق ضرائب الشركات على الشركات الكبرى.

من جهةٍ أخرى، من المتوقع أن تظل أسعار النفط قوية نسبياً بسبب التخفيضات الطوعية لإمدادات النفط من قبل أوبك بلس. ومن المتوقع أن تظل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي متماشية مع الاتجاهات العالمية. إلا أن ذلك لا ينفي تواجد تحديات تنتظر اقتصادنا المحلي وفقاً لتوصيات صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني التي أشارت إلى أن " إدارة الاقتصاد الكويتي في خضم تقلبات أسعار النفط، والفائدة، والمخاطر الجيوسياسية ستواجه تحدياتٍ كبيرة دون إصلاحاتٍ هيكلية عميقة"... فهل نرى بوادر تلك الإصلاحات ونحن على أعتاب عام 2024... نأمل ذلك.





تقارير

نظراً لإطلاق صفحةٍ مخصصة لعرض التقارير الإحصائية للهيئة على موقعها الإلكتروني اعتباراً من شهر يناير الماضي بهدف تعزيز الشفافية، وأداء الدور المنوط بالهيئة على صعيد توعية جمهور متعاملي أنشطة الأوراق المالية، فإن المجلة تتوقف عن نشر هذه التقارير وتكتفي بعرض الروابط الخاصة بها والتي يمكن الوصول إليها من خلال الضغط على الأيقونة المخصصة لذلك تحت مسمى "التقارير" على الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني للهيئة، لتتاح بعد ذلك فرصة الاطلاع عليها، وتحميلها لرواد الموقع ومستخدمي احصائيات تلك التقارير وبياناتها.





بقعة ضوء توعوية

إذا كانت "المعرفة" مطلوبة في شتى نواحي الحياة وهي غالباً ما تكون سلعة نفيسة، إلا أنها في عوالم المال والاقتصاد وفي ميادين الاستثمار ربما تكون أكثر أهمية وأكثر قيمة وبكل تأكيد فإن ضريبة فقدانها ستكون أكثر تكلفة.​

تحاول "هيئة أسواق المال" في الأعداد المتتالية لمجلتها التوعوية الإلكترونية إلقاء بقعة ضوء على بعض المصطلحات الاقتصادية والاستثمارية بصورةٍ عامة، وتلك المتصلة بأنشطة الأوراق المالية بصورةٍ خاصة، بهدف الإسهام في التأسيس لمعرفة استثمارية مطلوبة، خاصةً وأن تلك المصطلحات تمثل بإيجاز أبجديات لغة المال والاستثمار، ولابد من إدراكها ولو في حدودها الدنيا لأي مستثمر يرغب في الاستثمار عن بينة.

مدقق شرعي

شخص مؤهل في مجال فقه المعاملات ، يقوم بمهام التدقيق الشرعي على الشخص المرخص له.​

مسؤول التدقيق الشرعي

الشخص الذي يقوم بمهام الرقابة على المعاملات التجارية والمالية لدى شخص مرخص له للتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الشرعية وقرارات الهيئة ذات الصلة.

معايير شرعية

معايير المعاملات المالية والتجارية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الصادرة عن الهيئة أو المعتمدة منها.

مكتب التدقيق الشرعي الخارجي

مؤسسة مستقلة (رخصة فردية أو شركة) تختص بالرقابة على جميع المعاملات التجارية والمالية للشخص المرخص له أو نظام الاستثمار الجماعي للتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الشرعية وقرارات الهيئة ذات الصلة.

هيئة رقابية شرعية

هيئة مستقلة من المتخصصين في فقه المعاملات لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة تعينهم الجمعية العامة أو اجتماع الشركاء للشخص المرخص له بمزاولة أنشطة الأوراق المالية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، لتقوم بالمهام المبينة بالمادة (2-2-8) من الكتاب الخامس (أنشطة الأوراق المالية والأشخاص المسجلون) من اللائحة التنفيذية.

وحدة تدقيق شرعي داخلي

وحدة إدارية تابعة للجنة التدقيق وتختص بالرقابة على المعاملات التجارية والمالية للشركة للتأكد من مدى مطابقتها للقرارات والمعايير الشرعية وقرارات الهيئة ذات الصلة.



منظمات مالية دولية إسلامية....في سطور

​​كومسيك (COMCEC)​

اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي (كومسيك COMCEC) هي واحدة من أربع لجان دائمة لمنظمة التعاون الإسلامي، تأسست سنة 1981، تجتمع سنوياً على المستوى الوزاري في مدينة إسطنبول برئاسة رئيس جمهورية تركيا. تهدف اللجنة لمواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجه المجتمعات الإسلامية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين أعضائها البالغ عددهم 57 دولة إضافةً إلى خمس دول بصفة مراقب. أنشأت اللجنة منتدى الكومسيك المعني بالجهات التنظيمية لأسواق رأس المال في عام 2011 بهدف زيادة التنسيق والتعاون على صعيد الجهود المتصلة بالبنية الأساسية التنظيمية والقانونية. هذا، وتعد الهيئة واحدةً من الأعضاء الفاعلين في اللجنة.

مجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB)​


هيئة دولية لمعايير الهيئات التنظيمية والرقابية ذات الصلة بصناعة الخدمات المالية الإسلامية بما فيها القطاعات المصرفية والتأمين وأسواق رأس المال والتكافل (التأمين الإسلامي).

تأسس المجلس في عام 2002، مقره مدينة كوالالمبور الماليزية، يعد عمله مكملاً لعمل كلٍ من لجنة بازل للرقابة المصرفية، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، والاتحاد الدولي للمشرفين على التامين. يضم المجلس في عضويته 187 عضواً من 81 سلطة تنظيمية ورقابية و10 منظمات حكومية دولية و96 مؤسسة فاعلة في السوق، ويعمل في 57 دولة.

وقد قام المجلس منذ تأسيسه بإصدار 34 معياراً ومبدأً إرشادياً تناولت قضايا مختلفة، كان من أبرزها إدارة المخاطر، وكفاية رأس المال، والشفافية، وتنظيم التمويل الإسلامي، ومنتجات الإفصاح لمنتجات سوق رأس المال وغيرها. تعد الهيئة عضواً منتسباً في المجلس.​

هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي AAOIFI)


منظمة دولية مستقلة غير ربحية، تتولى مهام إعداد وإصدار معايير المحاسبة المالية والمراجعة والضبط وأخلاقيات العمل والمعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية خاصةً، والصناعة المصرفية والمالية الإسلامية عامةً. كما تنظم برامج التطوير المهني. تأسست عام 1991، وتضم في عضويتها نحو مئتي عضواً من أكثر من 45 دولة بما فيها مصارف مركزية ومؤسسات مالية إسلامية وغيرها من الجهات العاملة في الصناعة المالية الإسلامية. مقرها الرئيسي في مملكة البحرين. ينبثق عن الهيئة مجلس الأمناء.

تهدف الهيئة لتطوير فكرة المحاسبة والمراجعة والمجالات المصرفية المتصلة بأنشطة المؤسسات المالية الإسلامية، وإصدار ومراجعة معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.

السوق المالية الإسلامية (IIFM)


تم تأسيس السوق المالية الإسلامية في عام 2002 من قبل عدة مصارف ومؤسسات مالية تمثل دولاً عدة (البحرين، ماليزيا، السودان، المملكة العربية السعودية، بروناي)، مقرها في مملكة البحرين.

تهدف السوق للتوصل إلى بيئة نشطة ومنظمة مواتية دولياً لتدفقات رؤوس الأموال التجارية عبر مجموعاتٍ متكاملة من الأدوات والخدمات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. مع التركيز على نشر وثائق مالية عملية، والإسهام في إيجاد منتجات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة ذات قابلية للاستخدام الدولي، وخلق وعي عام بالصناعة المالية الإسلامية.

المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية (CIBAFI)


منظمة دولية تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، تأسست عام 2001، مقره الرئيسي في مملكة البحرين، يمثل المظلة الرسمية للصناعة المالية الإسلامية على مستوى العالم، ويهدف لدعم وتطوير تلك الصناعة وحمايتها، ودعم التعاون بين أعضائه والمؤسسات المالية ذات الصلة. يضم في عضويته 130 مؤسسة مالية فاعلة في مجال الصناعة المالية الإسلامية تمثل 30 دولة حول العالم، وتتلخص المستهدفات الإستراتيجية للمجلس بدعم القيمة المضافة للصيرفة الإسلامية والسياسات والنظم الرقابية، ودمج الابتكار والاستدامة، وإصدار البحوث والمنشورات المتعلقة بالتمويل الإسلامي، إضافةً للتطوير المهني. ​

مجموعة البنك الإسلامي للتنمية (IsDB)


تضم مجموعة البنك الإسلامي للتنمية كيانات عدة، أهمها البنك الإسلامي للتنمية، وهو بنك تنموي متعدد الأطراف، يسعى لتحسين حياة الناس في الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. واحد من أكثر بنوك التنمية متعددة الأطراف فاعلية في العالم، رؤوس أمواله تتجاوز 70 مليار دولار، مقره مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، يضم في عضويته (57) بلداً عضواً في أربع قارات، له عديد المكاتب الإقليمية. يرأس المجموعة حالياً الدكتور محمد سليمان الجاسر. تأسست المجموعة في عام 1975.

كما تضم المجموعة إضافة ً للبنك آنف الذكر معهداً وهيئة وعديد المؤسسات، نعرف بها بإيجاز وفق الآتي:

المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار  وائتمان الصادرات

وتهدف لتوسيع نطاق المعاملات التجارية وتدفقات الاستثمار بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، تأسست عام 1994.

المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص

 وتهدف لاستكمال دور البنك على صعيد تطوير وتحرير القطاع الخاص كوسيلة تنموية وتوفير مجموعةٍ واسعة من المنتجات والخدمات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. تأسست في عام 1999.

 المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة

تهدف المؤسسة لتعزيز التجارة بين الدول الأعضاء في البنك وتوفير التمويل اللازم للتجارة والمشاركة في الأنشطة التي تساعد على نمو التجارة البينية والدولية. تم إقرار بنود اتفاقية تأسيس المؤسسة خلال الاجتماع السنوي للبنك الإسلامي للتنمية في اجتماعه في الكويت عام 2006.

الهيئة العالمية للوقف

تهدف الهيئة لتعزيز وتفعيل الأوقاف للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدى الدول الأعضاء في البنك ولدى المجتمعات الإسلامية على حدٍ سواء، وتخفيف حدة الفقر ودعم مؤسسات الوقف ودعم المنظمات والمشاريع ذات الصلة، ومساعدة الدول على صياغة التشريعات الوقفية. تأسست في عام 2001.

المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب

المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب الذي يتولى مهام إجراء البحوث وتوفير التدريب والمعلومات للدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء لتوفيق أوضاع الأنشطة الاقتصادية والمالية والمصرفية مع الشريعة الإسلامية. تم إنشاؤه في عام 1981.

معهد البنك الإسلامي ... منارة المعرفة بالخدمات المالية الاسلامية

انطلاقاً من دور البنك في تمكين المجتمع من اجل مستقبل مستدام، يقوم البنك الإسلامي للتنمية ببناء شراكات قوية بين المجتمعات والدول لدعم القطاعين العام والخاص، كما يؤمن البنك الإسلامي للتنمية بأن رعاية النمو الاقتصادي أفضل السبل لمحاربة الفقر.

قيم إنسانية ... وحلول مستدامة!

ثمة العديد من القيم الأساسية التي يتبناها البنك يمكن اعتبارها إنسانية الطابع في عمومها، وهي:

  • ​​​​الإيمان بأن لجميع الناس الحق في العيش في ظل الكرامة والرخاء، وأن تعزيز النمو الاقتصادي هو أفضل السبل لمحاربة الفقر.
  • تمكين المجتمع لدفع الاقتصاد الخاص بهم على نطاقٍ واسع وتمكين البنية التحتية الملائمة لتحقيق إمكانياتهم.
  • بناء شراكات تعاونية بين المجتمعات والدول في القطاعين العام والخاص.
  • ​رعاية حلول مبتكرة ومستدامة لمواجهة التحديات العالمية والمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ووفقاً لهذه المبادئ، تم إنشاء معهد البنك الإسلامي للتنمية في عام 1981 م ليكون منارة المعرفة والعلم الخاصة بمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وأن يقود تطوير الحلول المبتكرة القائمة على المعرفة، إضافةً لدعم التقدم الاقتصادي المستدام للدول الأعضاء وذلك مصحوباً بالاسترشاد بمبادئ الاقتصاد والتمويل الإسلامي.

خدمات المعهد ..... بلغة الأرقام

يقدم معهد البنك الإسلامي خدمات متعددة للدول الأعضاء، وكذلك للدول الأخرى، يمكن الإشارة إلى أبرزها ما قدمه المعهد من خدمات حتى الآن، بالآتي:

  • خدمات دعم فني استفاد منها 44 بلداً حول العالم.
  • ثلاث جوائز لبراءات الاختراع.
  • ​أكثر من خمسمائة مطبوعة متنوعة بين بحث وورقة عمل.
  • أكثر من ثمانمائة مادة تدريبية وورشة عمل استفاد منها أكثر من 25 ألف طالب وموظف من 64 بلداً مختلفاً.
  • ​ ثمانية كورسات تقدم عبر التعلم عن بعد (أونلاين) شارك فيها أكثر من 60 ألف طالب ومتدرب من حوالي 151 بلداً حول العالم.
  • ​أكثر من خمس واربعين جائزة مقدمة من المعهد، وغيرها الكثير، الجدول التالي يعرض أرقاماً توجز أبرز خدماته المقدمة.​

شراكات إستراتيجية

على صعيد الخدمات المتصلة بخدمات الدعم الفني والتي تقدم عبر المنح الخاصة بدعم صناعة المالية الإسلامية، فقد قدم معهد البنك الإسلامي هذه المنح لمساعدة 44 دولة حول العالم بقيمة إجمالية بلغت حتى تاريخه 17 مليون دولار لـ 120 مشروعاً في هذه الدول. كما يقوم البنك الإسلامي ممثلاً بمعهد البنك الإسلامي برعاية مؤسسات الصناعة المالية الإسلامية مثل (أيوفي، مجلس الخدمات المالية الإسلامية، سيبافي, السوق المالية الإسلامية الدولية, وغيرها) حيث يعتبر البنك شريكاً مؤسساً في معظم هذه المؤسسات، إضافة إلى المساهمة في مجالس اداراتها، والمشاركة في صنع المعايير وأوراق العمل الخاصة بتلك المؤسسات.

كل هذه الأرقام والإنجازات ترجمت في حصول معهد البنك الإسلامي على عددٍ من الجوائز المرموقة والشهادات التقديرية من ضمنها جائزة أفضل مؤسسة أبحاث إسلامية للأعوام 2020-2021-2022م.

مؤخراً، اتفق معهد البنك الإسلامي وهيئة أسواق المال في دولة الكويت على تقديم دعم فني للهيئة بهدف التعاون لتطوير صناعة أسواق رأس المال الإسلامية، ومن المتوقع بعد تطبيق ما تم الاتفاق بشأنه بين الجهتين على صعيد الدعم الفني وتطبيق مخرجاته تمكين هيئة أسواق المال في دولة من امتلاك المقومات المطلوبة للتحول واحدةً من الجهات الرائدة في الشرق الأوسط على صعيد صناعة المالية الإسلامية.​




أدوات مالية استثمارية ... في سطور

يمكن تصنيف الأدوات المالية الإسلامية في مجموعتين رئيسيتين، إحداهما لا تستهدف الربح (عقود التمويل المجاني والتبرع والارتفاق)، والثانية تضم أدوات التمويل الإسلامي الاستثمارية التي تختلف أسس تصنيفها، والتي قد تختلف وفقاً لـطبيعة:

  • العلاقة بين طرفي عقدها (أدوات دين كالمرابحة والسلم الاستصناع،...، وأدوات مشاركة كالمضاربة وغيرها، وأدوات شبه دين كالإجارة).
  • أساسها (أدوات تقوم على الأصول، وأدوات تقوم على المشاركة، وأدوات تمثلها الصكوك والمحافظ والصناديق الاستثمارية).


أدوات قائمة على الأصول (الموجودات)

يمكن تعريف هذه الأدوات بأنها أدوات مالية قائمة على بيع وشراء الأصول المالية ذاتها أو بيع منافعها،  والعائد فيها يمثل الفرق بين قيمة الأصل والمبلغ الذي يمكن استرداده من بيعه او تأجير، ومن أهم هذه الأدوات:

المرابحة

عقد بين طرفين، يتم بمقتضاه قيام أحدهما ببيع أصل ٍ ما (بحوزته فعلاً أو يقوم بتملكه بالشراء) للطرف الثاني بسعر  يعادل قيمة الأصل مضافاً إليه التكاليف وهامش ربح مقبول شرعاً يتم الاتفاق بشأنه بينهما. وتنقسم بيوع المرابحة إلى مرابحة عادية (حين امتلاك المبيع) ومرابحة للآمر بالشراء (في حال عدم امتلاك المبيع والقيام بشرائه مقابل وعد قد يكون ملزماً او غير ملزم بالشراء من الطرف الثاني).

التورق

يقصد بالتورق طلب الورق (المال) من خلال قيام المؤسسة المالية الإسلامية بناء على طلب المتورق (طالب النقد) بشراء سلعة ما نقداً من مصدرها وإعادة بيعها مع هامش ربح محدد إلى المتورق بالأجل وقيد ثمنها في حسابه بعد خصم المصاريف المترتبة وهامش الربح على أن يقوم الأخير بدفع ثمن الشراء وفق الاتفاق.

السلم يعرف بأنه بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً، ووفقاً لآلية التمويل هذه تتلقى المؤسسة المالية طلباً من العميل لتمويل سلعة معينة بمواصفات محددة على أن تدفع المؤسسة المالية للعميل ثمنها معجلاً ويكون استلامها مؤجلاً.

الاستصناع

يعرف بـ (طلب عمل صنعة) ويقصد به عقد يشترى به شيءٌ ما في الحال (مما يتم صنعه) يلتزم البائع بتقديمه مصنوعاً بثمن محدد.

الإجارة

تعني بيع المنفعة، ويقصد بها عقد اتفاق على منفعة معينة مقبولة شرعاً لفترة محددة من عينٍ معلومة أو موصوفة في الذمة، أو عمل بأجر.

الجعالةالاتفاق بين طرفين، يلتزم بموجبه أحدهما (الجاعل) بأن يجعل أجراً محدداً (الجعل) للثاني (العامل) مقابل عمل يقوم به الثاني في وقت ما مستقبلاً (محدداً او غير محدد) بما فيه منفعة للجاعل، فإن أكمله كان له الجعل وإلا فلا. ويمكن للمؤسسات المالية أن تلعب كلا الدورين (الجاعل، العامل) على صعيد هذه الأداة المالية.

أدوات قائمة على المشاركة في الأرباح والخسائر

المشاركة

التعاقد بين أطراف عدة على الاشتراك في رأس المال والعمل على أن يتم تقاسم الأرباح والخسائر بنسبة مساهمة كلٍ منهم. المؤسسات المالية الإسلامية تستخدم هذه الأداة للمساهمة في رأس مال مشروعات جديدة أو قائمة حيث تصبح مالكةً لحصة في رأس المال وتستحق حصةً من الأرباح.

المضاربة

تمثل هذه الأداة عقد اتفاق بين طرفين أحدهما يقدم المال (صاحب المال) والثاني العمل (المضارب) على أن يتم تقاسم الأرباح بينهما، كما يتحمل كل منهما نصيباً من الخسارة (مما قدمه) في حال عدم وجود تعمد أو تقصير أو إهمال من الطرف الثاني.​

المزارعة

إحدى آليات استثمار الأراضي، وهي عبارة عن عقد بين طرفين لاستزراع أرضٍ زراعية، أحدهما يقدم الأرض ومستلزمات زراعتها من بذار وغيره، مقابل العمل الذي يقدمه الطرف الآخر، وذلك خلال مدة محددة، مقابل نسبة معينة متفق عليها بينهما.

المساقاة


كسابقتها إحدى آليات استثمار الأراضي، اتفاق بين طرفين، أحدهما يقدم الشجر والزرع، والثاني يتولى مهام سقايته ورعايته وإصلاحه، مقابل حصة من الناتج يتفق عليه بينهما. تتم المساقاة في المؤسسات المالية من خلال قيامها بتمويل مشروعاتٍ متصلة بمياه الشرب أو الري أو استصلاح الأراضي لزراعتها.

الصكوك (الأوراق المالية) والمحافظ والصناديق الاستثمارية​

باعتبارها الأداة المالية الاستثمارية الأبرز، نخصها بمزيدٍ من التفصيل، ونظراً لقيامها على الأصول واعتمادها على وجود علاقة بين الأصل والتدفقات الناتجة عنه، فقد تعددت أنواعها.

ويمكن تعريف الصكوك بأنها وثائق متساوية القيمة، تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان، أو منافع، أو خدمات، أو موجودات مشروع معين، أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب، وبدء استخدامها فيما اصدرت من أجله.

خصائص صكوك الاستثمار

  • وثيقة تصدر باسم مالكها أو حاملها، بفئاتٍ متساوية القيمة، لإثبات حق مالكها.
  • تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار، أعياناً أو منافع أو خدمات أو خليطاً منها، ومن الحقوق المعنوية والديون والنقود، ولا تمثل ديناً في ذمة مصدِّرها لحاملها.
  • تصدر على أساس عقد شرعي، بضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها.
  • مالكوها يشاركون في الغنم والغرم، حسب الاتفاق، بنسبة ما يملك كل منهم من صكوك

أنواع صكوك الاستثمار

  • صكوك ملكية الموجودات المؤجرة. مُصدّر الصكوك بائع عين مؤجر، والمكتتبون مشترون.
  •  صكوك ملكية منافع الأعيان الموجودة. مصدر الصكوك بائع لمنفعة العين الموجودة، والمكتتبون مشترون.
  •  صكوك ملكية منافع الأعيان موصوفة في الذمة. مصدر الصكوك بائع لمنفعة العين الموصوفة في الذمة، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك ملكية الخدمات من طرف معين. مصدر الصكوك بائع الخدمة، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك ملكية الخدمات من مصادر موصوفة في الذمة. بائع الخدمة، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك السلم مصدر الصكوك. بائع الخدمة، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك الاستصناع. مصدر الصكوك البائع (الصانع)، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك المرابحة. مصدر الصكوك البائع (لبضاعة المرابحة)، والمكتتبون مشترون.
  • صكوك الشركة. مصدر الصكوك هو طالب المشاركة معه في مشروع معين أو نشاط محدد، والمكتتبون هم الشركاء في عقد المشاركة.
  • صكوك المضاربة. مصدر الصكوك (هو المضارب)، والمكتتبون هم أرباب المال.
  • صكوك وكالة الاستثمار. مصدر الصكوك هو الوكيل بالاستثمار)، والمكتتبون هم الموكلون.
​​

الضوابط العامة لإصدار الصكوك

  • ضرورة الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ووجود هيئة شرعية تعتمد آلية الإصدار وتراقب تنفيذه.
  • يجوز تصكيك (توريق) الموجودات من الأعيان والمنافع والخدمات، وذلك بتقسيمها إلى حصص متساوية، وإصدار صكوك بقيمتها، أما الديون في الذمم: فلا يجوز تصكيكها لغرض تداولها.
  • يكون إصدار صكوك الاستثمار على أساس عقد استثمار شرعي، مستوفياً للأركان والشروط.
  • طرفا عقد الإصدار هما مصدّر الصكوك والمكتتبون فيه.
  • تترتب آثار هذه العقود من حقوق والتزامات بين طرفيها بمجرد انعقاد العقد.
  • يجب أن تنص النشرة على مشاركة مالك كل صك في الغنم والغرم بنسبة ما تمثله صكوكه.
  • تتضمن نشرة الإصدار شروط التعاقد والبيانات الكافية عن المشاركين في الإصدار، وصفاتهم الشرعية، وحقوقهم، وواجباتهم.
  • لا يجب أن تتضمن نشرة الإصدار أي نص يضمن به مصدّر الصك لمالكه قيمة الصك الاسمية في غير أحوال التعدي أو التقصير، ولا قدراً معيناً من الربح.
  • يجوز أن يُنظِّم مصدر الصكوك طريقة مشروعة للتحوط من المخاطر، أو للتخفيف من تقلبات العوائد الموزعة (احتياطي معدل التوزيع) مثل إنشاء صندوق تأمين إسلامي بمساهمات من حملة الصكوك، أو الاشتراك في تامين إسلامي (تكافلي) بأقساط تدفع من حصة حملة الصكوك في العائد أو من تبرعات حملة الصكوك، أو من العائد.

الإطار التشغيلي لدورة الصكوك: ​

دورة صكوك الإجارة: (نذكره كمثال مما سبق من أنواع الصكوك).

الإصدار والاكتتاب: صكوك الإجارة أنواع هي:

  • الأولى: صكوك ملكية موجودات مؤجرة، بحيث يصدر مالك العين بقيمتها صكوكًا متساوية القيمة يبيعها، ويصبح حملة الصكوك مالكين للعين، ويتحصلون على قيمة الأجرة التي توزع بينهم بحسب قيمة الصكوك التي يحوزونها.
  • الثانية: صكوك ملكية منافع أعيان حيث يستأجر شخص عيناً، وله حق إعادة تأجيرها للغير، وبالتالي يملك منفعتها مدة الإجارة فيصدر صكوكاً بقيمة الأجرة الملتزم بدفعها لمالك العين، أما الأجرة الجديدة: فتوزع على حملة الصكوك، والمستأجر الأصلي يحصل على عائد مقابل إدارة العملية.
  • الثالثة: أن يطلب شخص من مصرف إسلامي تمويل إنشاء أو شراء عين ليستأجرها منه تأجيراً منتهياً بالتمليك، فيقوم المصرف بتجميع التمويل اللازم للعملية بإصدار صكوك إجارة وبيعها للمكتتبين الذين يصبحون ملاكًا للعين ويحصلون على الإيجار.

التداول والتصفية: 

  • يجوز تداول صكوك الإجارة ببيعها للغير بسعر السوق الذي يتراضيان عليه، وذلك بعد تملكها بالتخصيص للصكوك وقفل باب الاكتتاب، سواء أتم القبض بالبيع الفوري للصكوك أم بالقيد في السجلات والوسائل الإلكترونية.
  • يمكن أن ينص في نشرة الاكتتاب على أحقية مالك العين في استرداد ملكيتها عن طريق شراء عدد من الصكوك كل سنة مثلاً بسعر السوق عند كل عملية بيع.
  • لا يجوز الاتفاق على البيع بالقيمة الاسمية، كما لا يجوز الاتفاق على أيلولة ملكية العين للمستأجر بشراء الصكوك كل سنة أو في نهاية المدة طبقاً لأحكام الإجارة المنتهية بالتمليك للمستأجر.​



الصناعة المالية الإسلامية الأجدر في مواجهة الأزمات المالية... ولكن

مما لا شك فيه، أن الصناعة المالية الإسلامية "حديثة العهد" نسبياً مقارنةً بنظيرتها التقليدية إذ أن بداياتها الحقيقية تعود لنصف قرن مضى لا أكثر، رغم أن بداياتها الأولى تعود – برأي البعض- لأربعينات القرن الماضي مع قيام ماليزيا بإنشاء صناديق ادخار بلا فائدة، وقيام باكستان بعد ذلك باعتماد طرق تمويل تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، لتبدأ بعدها مصر بتأسيس مصارف ادخار محلية تعتمد أدواتٍ إسلامية. قبل أن تصل هذه الصناعة مرحلة نضج مع تأسيس البنك الإسلامي في المملكة العربية السعودية في منتصف سبعينات القرن الماضي، تلاه تأسيس بنك دبي الإسلامي لتنتشر بعد ذلك المصارف الإسلامية في الكويت ومصر والأردن وغيرها في الكثير من دول العالم، وانتعاش تلك الصناعة لدرجةٍ دفعت عديد البنوك التقليدية لافتتاح بنوك إسلامية أو فروعٍ لها على الأقل.​

صناعة وليدة.... توقعات متفائلة

النمو المتسارع للصناعة المالية الإسلامية-لاسيما في جانبها المصرفي خلال العقود الأخيرة- ( بمعدل سنوي يقارب 10 % خلال السنوات الثلاث الأخيرة وفقاً لمجلس الخدمات المالية الإسلامية) أعتبره البعض بمثابة رد فعل عن حالٍ من عدم الرضا عن أداء الصناعة المالية التقليدية عموماً لاسيما في أوقات الأزمات المالية والاقتصادية – وما أكثرها- إضافةً إلى ارتباط تلك الصناعة الأكثر وضوحاً بالاقتصاد الإنتاجي الحقيقي.

وشيئاً فشيئاً احتلت الصناعة المالية الإسلامية مكانةً ما على خارطة النظام الاقتصادي العالمي -وإن كانت دون الطموح-، إلا أن التوقعات المتفائلة بمستقبلها تتخطى إسهامها المتوقع بما يقرب من 4% من الناتج الإجمالي العالمي و150 مليون فرصة عمل مع نهاية العقد الحالي، لتصل حد اعتبارها طوق نجاة للاقتصاديات العالمية من براثن الأزمات المالية المتعاقبة التي تثبت حقيقة ما تعانيه الصناعة المالية العالمية التقليدية من جوانب قصور تمهد لأزمات متوالدة لم تكن أزمتا: 2008 وجائحة كورونا إلا حلقات متجددة في سلسلة تكاد لا تتوقف، فماذا عن الأزمات المالية ومسبباتها؟ وماذا عن دور الهيكلية البنيوية للاقتصادات المعاصرة في ذلك؟ وهل الصناعة المالية الإسلامية هي الحل بالفعل؟

الأزمات المالية

يمكن تعريف الأزمة الاقتصادية بأنها اضطراب حاد في التوازن الاقتصادي بين الإنتاج والاستهلاك في دولة أو إقليم ما. أما الأزمة المالية فتعني تدهوراً حاداً واضطراباً شديداً في القطاع المالي لدى دولةٍ ما أو مجموعة دول تنعكس فشلاً في نظامها المصرفي المحلي وانهياراً في أسواقها ومؤسساتها المالية، وتدهوراً في عملتها، وتدنياً في معدلات الإنتاج والدخول لديها، ومواجهاتها لمشاكل سيولة وتمويل، وانعكاس ذلك كله على العمالة أولاً، ثم على المجتمع تالياً من خلال اضطرابات اجتماعية وسياسية. ​

والأزمة المالية، قد تكون أزمة مصرفية، أو أزمة عملة، أو أزمة ميزان مدفوعات ومديونية، أو أزمة هيكلية تتمثل بانهيار أسواق مال، وغالباً ما تتطور لأزمة اقتصادية تتمثل بركودٍ اقتصادي ونمو ٍ سلبي للناتج المحلي الإجمالي.

الأزمات المالية العالمية أصبحت حدثاً دورياً معتاداً يشهده الاقتصاد العالمي بمعدل أزمة واحدة على الأقل خلال العقد الواحد -ناهيك عن عشرات الأزمات المصرفية وأزمات العملة الأقل حدة- ، ومما لا شك فيه أن أزمات الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي كانت الأعنف والأشد وطأة.

مسببات الأزمات المالية من منظور تقليدي

 ثمة مسببات خاصة بكل أزمة مالية مرَ - ويمر- بها الاقتصاد العالمي، كما أن هناك نوع من التداخل والتشابك المعقد بين تلك المسببات، والتي غالباً ما تترافق بتصاعد متسارع للأحداث بصورة ٍ لا تتيح فرصة لمواجهتها، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سيادة القلق والاضطراب والخوف وضبابية المشهد عموماً. ​

يصورةٍ عامة، يمكن أن تعزى مسببات الأزمات المالية - وفقاً لرواد الاقتصاد التقليدي- للسياسات الاقتصادية الخاطئة- أو غير الملائمة على الأقل - (السياسة النقدية، السياسة المالية، أسعار الصرف، ضعف وهشاشة القطاع المالي والمصرفي بفعل التدخل الحكومي لتخصيص الائتمان، التحرر المالي غير المحسوب، عدم كفاية الضوابط الرقابية التي تتبعها الجهات الرقابية والإشرافية على مؤسسات القطاع المالي، عوامل خارجية كالتحولات المفاجئة في معدلات التبادل التجاري وتقلبات أسعار الفائدة والتدفقات الرأسمالية)، إضافةً إلى عوامل أخرى تتعلق بارتفاع معدلات الديون بصورةٍ مبالغة، والمنتجات المالية المعقدة، وسوء إدارة المخاطر، والإفراط في المخاطرة بالاستثمار، والفساد، والأخطاء التنظيمية.

بالنتيجة، الأزمة المالية تعني اختلالاً هيكلياً متراكماً في الاقتصاد، كما تعني اضطراباً في أسعار الأصول ومعدلات الصرف، وتشوهاً في القطاع المالي.

مسببات الأزمات المالية من منظور  إسلامي

من وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي، تتمثل أسباب الأزمات المالية العالمية بالعوامل الهيكلية للنظام التمويلي التقليدي المعتمد بصورةٍ رئيسية على الإقراض بفائدة على حساب التمويلات السلعية والإنتاجية مما يحول عملية التمويل بيعاً للمال الحالي بسعرٍ آجل مستقبلي. أما وظيفة المؤسسات المالية في هذا النظام فترتكز إلى اقتراض المال بفائدة وإقراضه بفائدة أكبر مما يفاقم الهوة بين حجم الإقراض والإنتاج. البطاقات الائتمانية على سبيل المثال لاسيما تلك التي بلا رصيد تتحول إلى أداةٍ تمويلية للحصول على قروضٍ ربوية أو الحصول على ديون مؤجلة بفائدة. إضافةً إلى ارتفاع معدلات الديون الرديئة نتيجة التسويق المبالغ فيه للقروض من قبل المؤسسات المالية دون الإشارة إلى مخاطرها، الأمر الذي يولد حالات إعسار واختلالات مالية.

على المستوى الدولي - ودائماً وفق وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي- تظهر مشكلة مثيلة نتيجة لتوريق الديون وإفلاس المصارف عن الوفاء بالالتزامات المترتبة عنها.

وتبقى النقطة الأبرز في هذا المجال في تحول الاقتصادات العالمية من اقتصاداتٍ حقيقة تعتمد على الإنتاج والعمل والاستثمار إلى اقتصادات مالية رقمية بعيدة عن الإنتاج الحقيقي. ومع إضافةً تجاهل الاقتصادات التقليدية للأبعاد الأخلاقية في معاملات المالية، وسيادة نوازع الجشع والطمع والفساد وغيرها من الممارسات غير الأخلاقية. الأمر الذي يجعل من ضعف مقدراتها لاحتواء تداعيات الأزمات – أياً كان نوعها- أمراً متوقعاً.

الصناعة المالية الإسلامية... إطار فكري أخلاقي

الالتزام بمبادئ وقواعد وأحكام الشريعة الإسلامية في مختلف التعاملات والخدمات المالية والمصرفية والاستثمارية، ومراعاة غرس القيم والمثل ومبادئ الأخلاق في تلك التعاملات، والارتكاز على الإنتاج الحقيقي، والإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تمثل الإطار العام لنهج العمل في الصناعة المالية الإسلامية.

وكما هو معروف، وعلى خلاف الصناعة المالية التقليدية، يمثل منع التعامل بالربا (الفائدة أخذاً وعطاءً) مبدأ أساسياً في الصناعة المالية الإسلامية استناداً لقوله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا)، وينسحب هذا المنع بطبيعة الحال على المعاملات المالية ذات الصلة التي تنطوي على بيع دينٍ بدين.

ثاني مبادئ تلك الصناعة يتمثل في نظرية الاستخلاف التي ترى الإنسان مستخلفاً من قبل المولى عز وجل في الأرض. هذا الاستخلاف ينسحب على كسب المال والتعامل به (قال تعالى: وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه).

أما ثالث تلك المبادئ فيعتبر العمل (لا المال) مصدراً لكسب المال الذي يعد وسيلة تبادل ومقياس قيمة الأشياء لا سلعة.

قاعدة (الغنم بالغرم) والتي تعني المشاركة في نتائج الاستثمار من ربحٍ أو خسارة، إضافةً إلى الالتزام بعدم المشاركة في الأنشطة المحرمة أو تلك تنطوي على شبهة حرام (الخمر، القمار،....، الخ، وكذلك عدم انتهاج وسائل محرمة في أنشطة غير محرمة كالغش والاحتكار، والرشوة ....)، تمثل أحد مرتكزات الإطار الفكري لهذه الصناعة، إضافةً إلى مراعاة الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية في العمليات المالية - لا الأبعاد المادية فقط - (الإسهام في معالجة مشاكل مجتمعية كالبطالة والفقر، وغيرهما).

كفاءة في مواجهة واحتواء الأزمات المالية العالمية

إضافةً إلى المرتكزات آنفة الذكر، فإن الصناعة المالية الإسلامية تتمتع بالكفاءة المطلوبة في جوانب عدة من مجالات نشاطها تساعد كثيراً في تحقيق الاستقرار والتحوط من الأزمات. تبدأ بالكفاءة المتعلقة بطبيعة الموارد المالية ومجالات استخدامها، فعلى سبيل المثال نجد غلبة الودائع بالمشاركة في المصارف الإسلامية والتي تتنوع بين تمويل قصير الأجل وآخر طويل الأجل وتتوجه عادةً لتمويل استثماراتٍ حقيقة ولا تتوجه للائتمان الأمر الذي يساعد في ضبط المعروض النقدي، ويمنع حدوث التضخم وبالتالي حدوث أزماتٍ أياً كان نوعها، مقابل ذلك نجد الودائع تحت الطلب في المصارف التقليدية التي تستهدف الائتمان أولاً والذي عادةً ما يكون مصحوباً بمخاطر الإعسار وحالات الذعر المالي، دون إغفال المخاطر المرتبطة بزيادة المعروض النقدي بطبيعة الحال.

من ناحيةٍ ثانية، ترى الصناعة المالية الإسلامية في تحريم الفائدة أداةً بالغة الأهمية لتحقيق الاستقرار المالي، لاسيما مع التداعيات المترتبة للفائدة على المستهلكين والمستثمرين مع دخولها في حسابات تكاليف الإنتاج وتحميلها بالتالي للمستهلكين، الأمر الذي قد ينعكس ارتفاعاً في الأسعار والدخول في حالة تضخم وبالتالي تحجيماً للطلب وتشجيعاً للادخار على حساب الاستثمار ، ومع تراجع الاستثمار وزيادة حجم الكتلة النقدية وتفاقم المديونية وتضاعفها دون أن يقابلها تطور مماثل في الإنتاج أو نمو معادل في الثروة الحقيقة، كل ذلك يدخل الاقتصادات مرحلة ركود قد تنتهي بأزمة مالية. وبتحريم الربا (الفائدة) يمكن التوصل لنظامٍ اقتصادي يجمع بين الاستقرار والإنتاج، كما يضمن نمواً مستداماً للتوازن المطلوب بين الاقتصادين: الحقيقي والمالي.​

من ناحيةٍ ثالثة، فإن تنوع أدوات تمويل الاستثمارات في الاقتصادات الإسلامية (مضاربة، مشاركة، مرابحة، إجارة، استصناع، سلم، قرض حسن، رهن،...)، وكذلك تعدد مجالاتها (صناعة، زراعة، تجارة،...) يساعد كثيراً في الحد من المخاطر المحتملة.

أدوار متكاملة ... أم بدائل؟

بالنتيجة، هناك أدوار متشابهة بلا شك بين الصناعتين الماليتين: التقليدية والإسلامية، إلا أن لكل منهما، فلسفته وأدواته وآلياته الخاصة. والأزمات المالية المتعاقبة تركت – كما أسلفنا- تداعياتها على كلتا الصناعتين، إلا أن تأثيراتها على "الإسلامية" كانت أقل ضرراً. 


صندوق النقد الدولي، قام بإعداد ورقة عمل إضافةً إلى دراسةٍ مقارنة حول تأثيرات أزمة عام 2008 على جوانب عدة في الصناعتين التقليدية والإسلامية (الأرباح، الإقراض، نمو الأصول المالية) توصل بموجبهما إلى نتيجةٍ مفادها أن المصارف الإسلامية – وإن تعرضت لخسائر كما التقليدية يعزى جانب منها لهبوط وتيرة النشاط الاقتصادي بفعل الأزمة- فإنها قد أظهرت قدرة أكبر على تجاوز  آثار الأزمة المالية العالمية ومواجهة تداعياتها، وأعاد مسببات ذلك للحجم الكبير لاحتياطيات رأس المال والسيولة وتقاسم المخاطر في عمليات المصارف الإسلامية. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى لم تذكرها الدراسة المشار إليها، كالطبيعة الخاصة للصناعة المالية الإسلامية، وتجنبها بيع الديون والمخاطرة، ومنعها التعامل الربوي، وتشجيعها التعاملات المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي.

بالنتيجة، البعض يعتقد أن أدواراً تكاملية مطلوبة من كلتا الصناعتين لتجاوز تداعيات الأزمات المالية، في حين يرى البعض الآخر أن تلك الأزمات أعادت تسليط الضوء على الصناعة المالية الإسلامية واعتبرتها البديل الناجع لنظيرتها التقليدية للتوصل إلى الاستقرار المالي والاقتصادي المطلوب، دون أن ينفي ذلك - وفقاً لرأيهم- ضرورة تجاوز جوانب القصور في تلك الصناعة، ومزيداً من التطوير والمعالجة والتفعيل لجوانب تعد أساسية للإطار الفكري والأخلاقي لتلك الصناعة والتي - رغم نجاحها - فإنها لم تفض إلى المستوى المطلوب من الرفاهية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، كتلك المتعلقة بالتعامل مع الزكاة، وغلبة المرابحة -والتي تركز على التمويل مقابل عائد- على حساب المضاربة والمشاركة وفق آلية تقرب التمويل الإسلامي من التقليدي، وبالتالي إدارة الظهر لقاعدة الغنم بالغرم، وعدم وضوح الدور التنموي لتلك الصناعة.​


عبد العزيز الرشيد البدر: أكاديمية أسواق المال على وشك الانطلاق وبرامج الاختبارات التأهيلية محطتها الأولى

​​ يمكن القول بأن جهود هيئة أسواق المال المستمرة منذ سنوات ثلاث في إطار مشروعها الإستراتيجي لإنشاء كيان معرفي متخصص بأسواق المال، والذي تم لاحقاً اعتماد "أكاديمية أسواق المال" مسمى له، قد بدأت تؤتي ثمارها، ومن المنتظر للسنة المالية القادمة (2024-2025) والتي تفصلنا عنها شهور قليلة أن تشهد مخرجات عدة لأولى مراحل المشروع تنقله من الإطار النظري المخطط إلى الواقع العملي.

فماذا عن التطورات المنتظرة لأكاديمية هيئة أسواق المال خلال الفترة القادمة؟ وما هي أبرز مخرجاتها التي ستأخذ طريقها للتنفيذ على أرض الواقع؟ وقبل هذا وذاك، ماذا عن مسار الإعداد المطول لهذا التوجه الإستراتيجي؟ وما هي مستهدفاته؟ ​

السيد عبد العزيز الرشيد البدر المستشار الأول للهيئة ومدير عام أكاديمية أسواق المال – الكويت يقدم الإجابات عن هذه التساؤلات وسواها.

توجه معرفي إستراتيجي

يشير السيد "البدر" بدايةً إلى أن مشروع أكاديمية هيئة أسواق المال يمثل توجهاً معرفياً للهيئة ذي مستهدفاتٍ إستراتيجية بعيدة المدى للارتقاء بالواقع التأهيلي والمعرفي والتوعوي المتصل بأنشطة الأوراق المالية، والذي سيترك انعكاساته الإيجابية بطبيعة الحال في واقعنا الاقتصادي والمجتمعي على وجه العموم.

وأكاديمية أسواق المال هي مؤسسة تعليمية وتدريبية في مجال أسواق الأوراق المالية، تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة غير هادفة للربح، تخضع لرقابة الهيئة وإشرافها. كما تهدف إلى تنمية الاقتصاد المعرفي ذي الصلة بقطاع أنشطة الأوراق المالية، و تأهيل الكوادر البشرية العاملة في ذلك القطاع والارتقاء بقدراتها بما يساعد على رفع كفاءة أسواق المال المحلية، ويمًّكن الهيئة من تحقيق أحد أبرز  أهدافها المتصل بتوعية الجمهور بنشاط الأوراق المالية والمنافع والمخاطر والالتزامات المرتبطة بالاستثمار في هذا النشاط وتشجيع تنميته، كما يمثل استجابة لاستحقاقات عدة على الهيئة: استحقاقات قانونية وفقاً لأحكام بعض مواد قانون إنشائها، واستحقاقات تنموية تتصل بتحقيق بعض أهداف إستراتيجيتها الراهنة ويخدم التوجهات التنموية للدولة المنبثقة من رؤيةٍ سامية في التحول إلى مركز مالي إقليمي رائد ذي بيئة استثمارية مواتية تمتلك المقومات المطلوبة، لاسيما الكوادر المؤهلة، وفي هذه النقطة بالذات تبرز أهمية دور الأكاديمية.

اتفاقية الخدمات الاستشارية لأكاديمية أسواق المال - الكويت

بين السيد عبد العزيز الرشيد البدر – مدير عام أكاديمية أسواق المال بأن الهيئة قد ابرمت اتفاقية خاصة لتقديم الخدمات الاستشارية للتنظيم الإداري والمالي والتشغيلي لأكاديمية أسواق المال مع كبرى الشركات الاستشارية العالمية، كما تم تشكيل فريق عمل مشترك بين الهيئة وشركه أرنست ويونغ الاستشارية (E&Y) والذي من خلاله سوف يتم وضع الأسس الإدارية والمالية للأكاديمية وذلك استعداداً لبدء أعمال أكاديمية أسواق المال.

كما أشار "البدر" إلى أن الخدمات الاستشارية للتنظيم الإداري والمالي والتشغيلي لأكاديمية أسواق المال جارية التنفيذ وتم الانتهاء من المرحلة الاولي والثانية طبقاً للجدول الزمني لإنجاز الأعمال.​

مسار مطول

نقطة بداية المشروع -عملياً- كما يشير "البدر" تعود لسبتمبر من عام 2020 مع تشكيل اللجنة التوجيهية لمشروع إنشاء أكاديمية متخصصة بأسواق المال، ثم تشكيل فريق لتنفيذ المشروع حيث تولت فرق ولجان العمل المتخصصة هذه وضع التصورات العامة للمشروع، واستكمال المتطلبات والإجراءات والمستلزمات اللازمة لتأسيس هذا الكيان المعرفي بشتى أنواعها: التشريعية، والتقنية، والفنية، واللوجستية. كما وضعت تصوراً متكاملاً للمشروع شمل تعريفه وتحديد أهدافه، وإدارته، وتحديد موازنته وأنشطته، والفئات المستهدفة بخدماته وسوى ذلك من مهام.

مؤخراً، وتحديداً في السادس من شهر نوفمبر الماضي أصدرت الهيئة قرارها رقم 5 لسنة 2023 بإعادة تشكيل فريق استكمال إجراءات تأسيس الأكاديمية، وأناطت به مهام عدة من بينها تنفيذ توجهات مدير عام الأكاديمية ومجلس أمنائها، وإعداد المتطلبات والمواصفات اللازمة لتوفير الكادر الإداري الخاص بالأكاديمية.

أول الغيث... مهام تتصل بالاختبارات التأهيلية وحديثي التخرج

يؤكد البدر أن مجلس أمناء الأكاديمية وفرق ولجان العمل الخاصة بالمشروع دخلت في سباق مع الوقت لاستكمال الإجراءات المتعلقة بمخرجات مبادراتٍ عدة للأكاديمية من المنتظر ان ترى النور وتظهر للعلن خلال الشهور القليلة القادمة بعدما تم قطع أشواط مهمة على صعيد المهام الاستشارية الخاصة بالأكاديمية. وكذلك الحال بالنسبة لإلحاق البرامج التدريبية الخاصة بالاختبارات التأهيلية للوظائف واجبة التسجيل في إطار أعمال الأكاديمية بعد وصول إجراءات إعداد المقر المطلوب لبرامج الاختبارات التأهيلية لمراحله النهائية، ومن المتوقع أيضاً إدراج برامج الهيئة لحديثي التخرج ضمن برامج الأكاديمية، خاصةً مع اعتماد ميزانية تقديرية للبدء بتنفيذ المراحل التأهيلية والتدريبية للبرنامج اعتباراً من السنة المالية القادمة (2024-2025).

نقطة فاصلة ... في المسار التأهيلي والتوعوي

يختم السيد "البدر" حديثه بالتأكيد على أن تغييرات جذرية يتوقع أن يشهدها الجانب التأهيلي والتوعوي المتصل بأنشطة الأوراق المالية مع انطلاق عجلة مبادرات الأكاديمية وبرامجها والتي يعتقد جازماً أنها مع مبادراتٍ أخرى للهيئة، كإستراتيجيتها للتحول الرقمي، ومشروعها الوطني لتعزيز الشمول المالي، وتوجهها للارتقاء بالصناعة المالية الإسلامية، ستؤسس بكل تأكيد لواقعٍ مغاير مع انتهاء إستراتيجية الهيئة الحالية في عام 2027.  


معيار المحاسبة الدولي رقم 12 " ضرائب الدخل" "الضرائب المؤجلة"

​​​يهتم العديد من المحللين الماليين وكبار المستثمرين في تحليل الضرائب المؤجلة (Deferred Tax)، وأسباب حدوثها، والاعتراف المحاسبي بها، حيث تخضع المعالجة المحاسبية للضريبة المؤجلة لأحكام المعيار المحاسبي الدولي رقم 12
"ضرائب الدخل". فماذا عن هذه الضريبة؟ وماهي الأحداث التي قد تتسبب بنشوئها؟ وأين تكمن أهمية تحليل هذه النوعية من الضرائب؟

الضريبة المؤجلة... بين الاعتراف المحاسبي والضريبي

يمكن تعريف الضريبة المؤجلة بشكلٍ عام، بأنها مصطلح محاسبي وليس مبلغ مستحق الدفع للحكومة كما هو الحال بالنسبة للضرائب الحالية (Current Tax)، حيث تتمثل الضرائب المؤجلة بمبالغ واجبة السداد أو الاسترداد في المستقبل نتيجةً لاختلاف الربح المحاسبي عن الربح الخاضع للضريبة. أي أن الضريبة المؤجلة هي الضريبة الناتجة بشكل أساسي عن الفروقات المؤقتة (Temporary Differences) بين الاعتراف المحاسبي للعمليات المتعلقة بالمصاريف، والإيرادات، والأصول، والخصوم خلال الفترة، والاعتراف الضريبي لها.​

مثال .... عملي

يمكن إيضاح بعض الظروف والأحداث التي قد تنشئ الضريبة المؤجلة بالمثال التالي ، عندما تستخدم شركة ما طريقة القسط الثابت (Straight Line Depreciation) عند احتساب الاستهلاك السنوي، في حين تستخدم مصلحة الضرائب طريقة الاستهلاك المسرع (Accelerated Depreciation) مما ينتج عن ذلك مصروف محاسبي أقل من ذلك المحتسب وفق مصلحة الضرائب الأمر الذي يجعل الربح المحاسبي أعلى من الربح الخاضع للضريبة، إلا أنه خلال عمر الأصل الثابت سينعكس آثر هذا الفرق المؤقت، ويصبح الربح المحاسبي أقل من الربح الضريبي. وفي ضوء ذلك، ستتحمل الشركة في السنوات الأولى للأصل مصروف ضرائب أقل، إلا أن الفرق بين الضرائب المدفوعة وفق التعليمات الضريبية وتلك التي كان يجب تدفع وفق المعالجة المحاسبية المتبعة لدى الشركة لن يتلاشى ويزول بشكلٍ نهائي، بل سيتأجل ويدفع في السنوات اللاحقة. وعليه، وتطبيقًا لمبدأ المحاسبة على أساس الاستحقاق (Accrual Basis)، يجب أن تتم المحاسبة عن الحدث المشار إليه أعلاه وآثاره المستقبلية في الفترة الحالية، أي أن يتم الاعتراف بمصروف ضريبة مؤجل في قائمة الأرباح والخسائر والتزام ضريبي مؤجل في قائمة المركز المالي، كما أن ذلك الاعتراف سيلغي التذبذب (Fluctuation) في قيمة صافي الدخل الذي كان سيحصل خلال فترات عمر الأصل في حال لم يتم الاعتراف بالضريبة المؤجلة.

تحليل الضرائب المؤجلة
تبرز أهمية تحليل الضرائب المؤجلة بالنسبة للمحللين المالين والمستثمرين من جانبين اثنين:​

نوعية العائد

يهتم العديد من المحللين والمستثمرين الكبار   بفحص نوعية العوائد المتحققة من خلال دراسة التسوية (Reconciliation) بين الدخل قبل الضريبة والدخل الخاضع للضريبة. على سبيل المثال، الاعتراف بـ(العائد الناتج عن التغير في قيمة الاستثمار في الأسهم) في قائمة الأرباح والخسائر، يزيد الربح المحاسبي، إلا أن هذا العائد لا يخضع للضريبة إلا عند بيع الاستثمار  فينشأ فرق مؤقت ينتج عنه الاعتراف بالتزامٍ ضريبي مؤجل على هذا العائد من الاستثمار لأنه سيتم دفع ضريبة عليه في المستقبل عند البيع، وهذا الفرق المؤقت يخفض صافي الربح الخاضع للضريبة. ويستفيد مستثمرو القيمة (Value Investors) من هذا الوفر الضريبي لأن هؤلاء المستثمرين لا يقومون ببيع هذه الاستثمارات، إنما يتم الاحتفاظ بها إلى الأبد، وبالتالي هذا الفرق المؤقت قد لا ينعكس أبداً، وسوف تستمر الشركة بالاستفادة من الوفر الضريبي إلى أطول مدة ممكنة.​

التنبؤ بالتدفقات النقدية المستقبلية
تعطي عملية تحليل الضرائب المؤجلة الكثير من المعلومات عن الضرائب التي ستسدد في المستقبل، كما تظهر فيما إذا ما ستكون أكبر أم أقل، مما يمكن المحللين من التنبؤ بمستوى السيولة في المستقبل. فيقومون بدراسة وتحليل سياسات الشركة المتعلقة برسملة التكاليف، والاعتراف بالإيرادات والمصروفات، وما إلى ذلك من السياسات المحاسبية ذات الآثار الضريبية في المستقبل للتنبؤ بمسار الالتزامات الضريبية، والتي قد تؤدي إلى فقد جزء من السيولة نظراً لأن المدفوعات الضريبية الفعلية ستكون أعلى في المستقبل من مستواها الحالي.
الضرائب المؤجلة... والقرار الاقتصادي السليم
في الختام، أعتقد أن الاعتراف بالضرائب المؤجلة سواءً في قائمة الأرباح والخسائر أو في قائمة المركز المالي قد جاء منسجماً مع أساس الاستحقاق المحاسبي المتعارف عليه، كما يعطي هذا الاعتراف مستخدم البيانات المالية معلومات أكثر ملاءمة تساعده في تحليل العوائد التي تحققها الشركة، والتدفقات النقدية، ومستويات السيولة المتوقعة مما يعزز من عملية اتخاذ القرار الاقتصادي السليم. 





الشركات ذات الغرض الخاص وإصدار أدوات الدين: الفرص والتحديات

​​​​استكمالاً، وإضافةً لما ذكره الزميل محمد مشاع الهاجري بتفصيلٍ وافٍ في بحثه المنشور في عدد مجلة الهيئة السابق حول النظام القانوني للشركات ذات الغرض الخاص (زاوية آفاق وتوجهات)



نورد في القادم من السطور نظرةً فنية من واقع تجربةٍ عملية حالية وسابقة بشأن دور الشركات ذات الغرض الخاص في مجال إصدار أدوات الدين بصورةٍ عامة والصكوك على وجه الخصوص، وأبرز الفرص والتحديات التي تواجه استخدام هذا النوع من الشركات في دولة الكويت.  

ومن الضرورة بمكان الإشارة إلى أننا في نطاق بحث الشركة ذات الغرض الخاص المراد بها إصدار أدوات الدين تحديداً، وليس أي نوع آخر من أنواع الشركات ذات الغرض الخاص المستخدمة مثلاً لأغراضٍ ضريبية أو كشكلٍ من أشكال أنظمة الاستثمار الجماعي. 

أدوات الدين في التشريعات القانونية الكويتية


النهج المتبع في إصدار أدوات الدين، لا سيما الصكوك وعمليات التوريق Securitization يتطلب حتماً وجود كيانٍ مستقل يُعد بمثابة الوعاء أو الجهة المنوط بها استقبال وتسجيل الأصول أو المنافع المراد تصكيكها أو توريقها، وذلك لعدة اعتباراتٍ قانونية، وشرعية، وفنية، ومحاسبية. هذا الكيان المستقل في الغالب يأخذ شكل الشركة ذات الغرض الخاص. ومن المهم جداً الإشارة إلى ضرورة عدم قراءة أو دراسة التشريعات الخاصة بالشركات ذات الخاص المذكورة في قانون الهيئة ولائحته التنفيذية (الفصل السابع من الكتاب الحادي عشر) بمعزلٍ عن التشريعات الأخرى ذات العلاقة المباشرة بعمليات إصدار الصكوك أو التوريق، لا سيما الفصل الحادي عشر من الكتاب الحادي عشر من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة، إذ أن تلك الفصول تكمل بعضها بعضاً، وتوفر الأرضية القانونية اللازمة وتفاصيل آليات إصدار أدوات الدين أو التوريق وفقاً لأفضل الممارسات الدولية المعمول بها حالياً في أسواق الدين.

ونرى في هذا السياق أن المشرع الكويتي قد وضع في عين الاعتبار أهمية حماية حقوق حملة السندات أو الصكوك من خلال وضع تشريعاتٍ مفصلة خاصة بعملية إنشاء العهدة المالية Financial Trust وإدارتها، على الرغم من أن العهدة المالية مفهومٌ قانوني شائع في الأنظمة القانونية التي تتبع مبدأ قانون العموم أو الشمول Common Law كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، في حين لا نجد لهذا المفهوم صدىً أو تجلياً ملموساً في الأنظمة العربية التي تتبع مبدأ القانون المدني Civil Law ومنها دولة الكويت، بالإضافة إلى ما تقدم، حرص المشرع الكويتي على وضع التشريعات الخاصة بهيئة حاملي السندات أو الصكوك والتي تكفل قدراً جيداً من الرقابة والحماية.   

الواقع العملي لإصدارات أدوات الدين في دولة الكويت

إن منظومة التشريعات المتعلقة بإصدار أدوات الدين التي قامت الهيئة بإعدادها وتعكف على مراجعتها وتطويرها بصورةٍ مستمرة، تعد من أفضل ما توصلت إليه الممارسات الدولية في أسواق المال التقليدية وتلك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن واقع الإصدارات للشركات الكويتية لأدوات الدين لا يعكس مدى الاستفادة المثلى من تلك التشريعات، إذ نرى أن الممارسة الحالية للشركات الكويتية تستعين بالشركات ذات الغرض الخاص لسلطات قانونية Legal Jurisdictions لدولٍ أخرى، وبالتالي الخضوع لمنظومة قوانين أخرى، مثال ذلك قيام شركة كويتية (الملتزم) بإصدار صكوك من خلال شركة ذات غرض خاص في جزر الكايمان (المصدر)، وباستخدام أصول محلها دولة الكويت، من خلال إبرام عقود تخضع للقانون الإنجليزي. نرى في هذا المثال تعرض الإصدار وخضوعه لعدة أنظمة قانونية (الكويتي، جزر الكايمان، الإنجليزي) مما من شأنه زيادة المخاطر المحتملة، وتعقيد وتشتت عملية الإصدار والهيكلة المالية فضلاً عن تحمل أعباء ومصروفات مالية إضافية.

أسباب الاستعانة بأنظمة قانونية أخرى

لكي نكون على بينة من الأمر، لا بد من الوقوف عند هذه الظاهرة أو الممارسة الشائعة في سوق إصدارات أدوات الدين في دولة الكويت، ومحاولة معرفة أسبابها حتى يتسنى لنا كجهةٍ رقابية معنية بالأمر التعاطي معها بصورةٍ مهنية بهدف تذليل الصعوبات والتعامل مع التحديات التي تواجه الشركات والمؤسسات الكويتية عند رغبتها إصدار أدوات الدين في دولة الكويت. ولعل من أهم أسباب شيوع تلك الممارسة في نظرنا الآتي:   

  • الاعتياد على -والركون إلى- سجلٍ تاريخي طويل من الممارسات المتعارف عليها دولياً.
  • ملاءمة تلك الممارسة للمستثمرين الدوليين خارج نطاق دولة الكويت.
  • الاطمئنان لوجود نظام قضائي ضامن للحقوق إلى حدٍ كبير، وعالي الثقة كالقانون الإنجليزي على سبيل المثال.
  • عدم وجود سوابق لاستخدام هذا النوع من الشركات (شركات الغرض الخاص) في المحاكم والنظام القضائي الكويتي، بالإضافة لعدم وجود محاكم فنية متخصصة، وقضاة يملكون الخبرة الفنية اللازمة للفصل في المنازعات التي قد تنشأ عن استخدام هذا النوع من الشركات في إصدارات أدوات الدين.
  • من الصعب التأكد من جاهزية الأطراف الأخرى الحكومية التي قد يكون لها دور في عملية إصدار أدوات الدين في دولة الكويت، ومثال ذلك نقل الأصول وتسجيلها باسم الشركة ذات الغرض الخاص في وزارة العدل. 

الخلاصة والتوصية

بالإضافة إلى ما تم ذكره سابقاً من مميزات وخصائص للشركات ذات الغرض الخاص من قبل الزميل محمد الهاجري، استعرضنا بإيجاز -نرجو أن يكون غير مخل- أهم مميزات التشريعات القانونية الكويتية المتعلقة بإصدار أدوات الدين، وتطرقنا إلى أسباب عزوف الشركات والمؤسسات الكويتية عن الاستعانة بالشركات ذات الغرض الخاص المحلية في عملية إصدارها لأدوات الدين بالرغم من وجود تلك المميزات.

وعلى أهمية ما ذُكر من أسباب لهذا العزوف وهو أمر مشروع وموضع تفهم، إلا أننا لا نستطيع التسليم بصحة ودقة تلك الأسباب أو المخاوف دون إخضاع تلك العناصر للاختبار العملي. وهذا الأمر لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال تجربةٍ عملية لإصدار باستخدام شركة ذات غرض خاص كويتية. وتأتي أهمية وجود هكذا تجارب من إمكانية معرفة أوجه القصور والخلل إثر استخدام هذه الآلية ومن ثم وضع الحلول المناسبة لتفادي أية معوقاتٍ مستقبلية.

وكان لبعض المكاتب القانونية المحلية والشركات الكويتية دوراً إيجابياً مشكوراً في محاولة الاستكشاف أو المغامرة - إن صح الاصطلاح – لإصدار أدوات دين كويتية خالصة (أي بعدم اتباع أي نظام قانوني آخر خارج دولة الكويت)، ولكن مع الأسف لم يتم المضي في هذا الشأن على الرغم من ترحيب وتشجيع إدارة تمويل وحوكمة الشركات لتلك المبادرات. 

وكما ألمحنا سابقاً، نرى أن من المناسب والمنطقي جداً، لا سيما عند طرح الإصدار على مستثمرين محليين، استخدام الشركات ذات الغرض الخاص المحلية للإصدارات الكويتية نظراً لوجود جميع أطراف الإصدار (الملتزم، المصدر، الأصول، المستثمرين) داخل النطاق الجغرافي والقانوني لدولة الكويت.

وسعياً لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والجهود المستمرة للهيئة المتمثلة بتطوير كفاءة البنية التشريعية لأسواق المال وتعزيز كفاءة السوق المالي من خلال تشجيع واستقطاب الشركات والمؤسسات لتأسيس شركاتٍ ذات غرض خاص في دولة الكويت بهدف إصدار أدوات الدين من خلال هيكل الصكوك والسندات القائمة أو المدعومة بالموجودات وعمليات التوريق، وتفعيلاً لهذه الجهود، ستستمر إدارة تمويل وحوكمة الشركات في نشاطها التوعوي (النخبوي) للأطراف المعنية بهذا النوع من الإصدارات من خلال التواصل مع المكاتب القانونية ومستشاري الاستثمار والشركات الراغبة في إصدار أدوات الدين لترغيبهم وتشجيعهم للإقدام على إصدارات، ولو بحجمٍ صغير مبدئياً، بالاستعانة بشركة ذات غرض خاص كويتية نظراً للمنافع الكبيرة المرجوة المتوقعة من ذلك.   


Standardisation of Shariah Norms: Scope for Cross-Border Investments in OIC Member Countries


Introduction

Over the last decade and half the world's economic centre of gravity has significantly shifted away from the established west to the emerging east. Economies like China and India have become the two most significant economies where the world is pinning its hope for the coming decades. Economies of the Middle East are making great strides in diversifying their economic structure away from traditional fossil-fuel based economy to one that is modern, diversified, futuristics and climate friendly. The concerns for climate have been an important factor motivating economic policies in the GCC region.

During the same period Islamic Finance has been increasing its share of financial landscape in the Islamic world. Currently its market share ranges from anything between 10% to 100% in the OIC countries. To encourage cross-border investments in the region there is a call for standardising Shariah compliance norms, allowing free movement of people, technology and capital and reducing dependency on the established markets to avoid geo-political risks.

This article, while analysing various Shariah screening norms, aims to highlight the need for and importance of standardised Shariah compliance norms for greater investments in the regional economies based on common shared values and ethics.

Global Equity Capital Markets vs Islamic Equity Capital Markets

Global equity capital markets provide an exciting and regulation neutral avenue for Islamic investors to build wealth. More than 20000 companies listed on various stock exchanges in the world are Shariah Compliant. The current market cap size of the global equity market is USD 109 Trillion plus, of which 57% of the global market cap is Shariah compliant taking the total global Shariah compliant market cap to USD 63 Trillions.

Despite listed equities being structurally Shariah compliant the current size of Islamic funds in equities is only around USD 100 billion globally, which is just USD 55 per every Muslim in the world. Almost 16% of the Global Muslim population in 47 Countries having 300 million plus population has a negligible access to Shariah Compliant Financial & Lifestyle Products.

The Opportunity of Shariah Compliant Equity in Western Markets

  • Top 3 Open equity markets comprise 50% of the global equity market cap.
  • 52% of Stocks in the US equity markets are Shariah Compliant as compared 50% in the UK and 45% in German equity market.
  • 61% of Mcap of the TOP 3 Global Equity Markets is Shariah Compliant.
  • 20,000 plus stocks are Shariah Compliant in the global market.

The Opportunity of Shariah Compliant Equity in Selected Muslim Countries

The Top 7 Muslim countries have 1,676 stocks listed with Mcap of USD 0.4 Trillion. Indonesia, the largest Muslim populated country in the world has 333 stocks listed of which 148 stocks are Shariah compliant. Bangladesh, Turkey, and Pakistan all have roughly 1,000 stocks listed of which 428 stocks are Shariah compliant. The equity market in major Muslim economies is too small and too fragmented for attracting global investors even with Shariah compliance intention.​

Importance of Shariah Compliant Cross Border Investments

Out of 57 OIC countries 47 countries allow cross border remittances with various thresholds and 48 countries have a functioning stock market. Only about 300 Companies in the world can be considered pure or fully Islamic. These companies are concentrated in the Middle East - more specifically GCC and some in the Far East in Malaysia and Indonesia.

If Muslim countries can allow cross border investments and cross listing of their companies, it can provide good opportunity for investments and increase liquidity in the market. There is a good case for Muslims to build wealth through cross border investments through the OIC countries platform to create local wealth, diversify their economies and provide greater employment opportunities.

Due to relatively smaller sizes of domestic capital markets, there is massive opportunity for cross border investments in Shariah compliant equities.

What is Shariah Compliance of Equities?

The preferred Islamic investment format is equity. However, equity comes along with ownership. Hence Islamic investors must ensure that the selected company's activities and structuring are not repugnant to Shariah requirements. Due to exigencies of modern business and particularly the pervasiveness of interest transactions, fully Shariah compliant equities are extremely rare. So, Shariah scholars have arrived at minimum compliance criteria which, while excluding companies in gross violation, yet provide investors a reasonably wide choice of Shariah compliant investments.

What is Shariah Screening?

Shariah Screening is a process through which stocks are filtered for investments by a Shariah compliant investor or his manager.

Why is it Needed?

100% Shariah compliant stocks are hardly available anywhere. And when they are either they are not liquid enough or sufficient to make a viable investment portfolio.

What is its importance?

Stocks are the best available option for investments on Islamic principles by individuals, portfolio managers, banks, insurance and reinsurance companies, pension funds, etc.


Shariah Screening Process

The stocks under consideration for Shariah scrutin​y are first checked on the parameter of the business they are into or the product(s) they manufacture or the service(s) they provide. Sometime revenue criteria are used to identify a company's business. From where the revenue comes determines business of the company. If the company under consideration has a business or activity that is prohibited by Shariah such as alcohol, gambling, swine, tobacco, interest-based financial services, or vulgar entertainment or anything that is disapproved in Shariah, it is rejected from the list of perspective list of Shariah compliant stocks.

Once the business screening is done then companies are made to undergo further screening which is known as financial screening. This financial screening is conducted to determine the level of violation of the part of company as far as its financial operations are concerned such as how much company has borrowed on interest to run its business or how much investment or lending the company has done where the underlying sources are disapproved such as investments in interest-based instruments (bond, fixed income mutual funds, treasury operations etc.). If the company has income from sources that are disapproved in Shariah, then there is a maximum tolerance limit allowed by scholars. This maximum tolerance is allowed keeping in view the ground reality that there is lack of adequate Shariah compliant funding or investing. The diagram below sums up the Shariah screening process.​

​​Comparative Analysis of Business Screening:

If we look at the Shariah screening criteria used by Dow Jones, S&P, FTSE, MSCI. Securities Commission, Malaysia and AAOIFI, the Shariah and Accounting Standard setting body based out of Bahrain, we find some sort of convergence not only on the businesses to be excluded but also on the maximum permissible threshold. For example, all the screeners are common in maximum 5% tolerance limit, which means that at least 95% of the revenue of the company under consideration has to be pure from Shariah point of view. Only Malaysian regulator adopts a double filter of 5% and 20%. 5% for clearly prohibited activities and 20% for companies which drive their income from multiple sources including some component through prohibited source.​


Comparative Analysis of Financial Screening:

When we analyse the financial screening criteria we notice that on non-compliant debt criteria all have agreed for maximum 33%, except Pakistan. Cash and receivables were a criterion before, but many organisations are now phasing it out. Another important thing to notice in the financial screening criteria is the use of denominator. Some organisations use total assets as a denominator while many other organisations including AAOIFI use marketcap as a denominator. This is a debateable issue and Shariah scholars have to come to a conclusion whether they want to really use marketcap which is nothing but an opinion about market players about the company under consideration. Many scholars are of the view that total assets is a better reflector when it comes to adjudging Shariah violations done by the company management or its existing shareholders. This is one criterion where convergence is yet to be achieved.


SWOT Analysis

Strengths

  • Partnership Approach.
  • Spans a large fields of venture capital, private equity.
  • Confluence of views of Shariah scholars and finance professionals Emergence of various Shariah screening institutions and their methodology has led to healthy debate about the theoretical basis of Shariah screening.

Weaknesses

  • Lack of proper understanding of the true basis of Shariah screening.
  • Lack of standardisation of the methodology causes confusion.
  • Some screening norms differ widely in certain respects from each other.
  • There is a tendency on the part of some institutions to make changes in norms merely to suit commercial interests rather in response to a desire for greater compliance with Shariah.

Opportunities

  • Stock market occupies a pivotal role in the universe of investment. This is even more so in the case of Islamic Finance, for which the conventional money market is debarred.
  • Through stock market Islamic Finance can operate in such major areas of financial activity such as mutual funds, pension funds, and insurance.
  • Capital market provides liquidity, diversification, scalability, assurance of acceptable levels of
  • governance and availability of expertise.
  • The growth of Islamic Finance industry is not possible without the development of Islamic capital market.
  • Huge opportunity – 20,000+ stocks are considered Shariah compliant having a Mcap of USD63 Trillion.

Threats

  • Slow growth and development of stock markets in Muslim countries
  • Considering the Shariah importance of profit-sharing based operations, it is essential for society to develop institutions to provide exit routes and thus liquidity to investors in profit-based operations
  • Poor representation of local institutions (as against western market data providers) in the field of Shariah screening norms and their poor credibility among independent users of such norms
  • Lack of institutions and genuine credibility of Shariah screening norms act as a drag on the development of equity markets and Islamic investment in stock markets.

Conclusion

  • There is near convergence in Shariah screening standards on the Business Sector exclusions as well as on the tolerance threshold.
  • There is emerging convergence on the financial screening ratio tolerance.
  • Thresholds applicable to Shariah equity screening norms worldwide may differ in some aspects but there is clear convergence in their fundamental approach.
  • Convergence and standardisation bring trust. This trust will foster cross country and cross platform investments.

Suggestions

In Muslim countries overall investment climate needs to be overhauled with special focus on the following:

  • Improving Financial Literacy
  • Inculcating Listing Culture
  • Strengthening Capital Market Regulation
    • Improving reporting and Data quality 
    • Enforcing Relevant and Timely Disclosure
  • Encouraging and Developing Entrepreneurial Culture

These strategies will help improve overall invstments climates  – allowing greater movement of people, capital, technology and information).



أحداث وفعاليات الهيئة في سبتمبر

                  2023/09/04                  

الهيئة توقع مذكرة تفاهم مع وحدة تنظيم التأمين

وقعت هيئة أسواق المال في الرابع من شهر سبتمبر 2023 مذكرة تفاهم مع وحدة تنظيم التأمين، وقد مثل الهيئة في توقيعها السيد/ أ.د أحمد عبد الرحمن الملحم – رئيس مجلس المفوضين والمدير التنفيذي. في حين مثل وحدة تنظيم التأمين رئيسها السيد/محمد سليمان العتيبي.

هذا، ويندرج توقيع هذه المذكرة في إطار  توجهات الجهتين لتنسيق جهودهما المتصلة بشركات التأمين المرخص لها ومراقبي الحسابات المسجلين. إضافةً إلى حوكمة الشركات في مجال أنشطة التأمين على الحياة وعمليات تكوين الأموال، ومجالات التفتيش والضبطية القضائية، ومجالات التقارير المالية لشركات التأمين المدرجة، وإجراءات متابعة الجمعيات العامة، وعمليات الاندماج والاستحواذ، وعرض الشراء الجزئي والانقسام.

                  2023/09/06-04                  

"قوانين ولوائح هيئة أسواق المال" في برنامجٍ تأهيلي

نظمت الهيئة برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها تناول موضوع " قوانين ولوائح الهيئة"، هدف لقياس ومراقبة وتحسين أداء الأعمال لمنظمي الأوراق المالية على المستويين التنظيمي والوظيفي، إضافةً إلى التعرف على أخلاقيات العمل، والإفصاح والشفافية، كما تم استعراض قوانين الهيئة ولوائحها التشريعية ذات الصلة.

 

                  2023/09/11                  

"تبرعك... ينقذ حياة"

في إطار مسؤوليتها الاجتماعية، نظمت الهيئة بالتعاون مع بنك الدم المركزي الكويتي يوماً للتبرع بالدم تحت شعار " تبرعك ينقذ حياة".

وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم الهيئة لمثل هذه الفعاليات ينبثق من استشعارها لأهمية المساهمة المجتمعية المشتركة وتعزيز مبادئ التكافل والعطاء بين أفراد المجتمع، إضافةً لما تعود به من فائدة على المتبرعين أنفسهم من زيادة حيوية أجسامهم، وتنشيط دورتهم الدموية، وتقليل الإجهاد التأكسدي. وسبق للهيئة تنظيم حملاتٍ مماثلة في أعوامٍ سابقة.

 

                  2023/09/13-11                  

برنامج تأهيلي للهيئة
 
خاص بـ "مهارات العرض والتقديم"

نظمت الهيئة برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها، تناول موضوع " مهارات العرض والتقديم"، هدف لتعريف المشاركين بمفهوم العرض والتقديم، وخصائصه، وكيفية استخدام كافة الموارد المتاحة لتحسين مستوى العرض التقديمي، والإحاطة بمزايا العرض الفعال، ومراحل الإعداد والتخطيط له. كما تم إجراء تطبيقاتٍ عملية.

 

                  2023/09/24                 

الهيئة تمدد فترة نفاذ قرارها رقم (56) لسنة 2023

أصدرت الهيئة قرارها رقم (130) لسنة 2023 بشأن تمديد نفاذ قرارها رقم (56) لسنة 2023، وذلك لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ 2023/10/15.

هذا، وكانت الهيئة قد أصدرت بتاريخ 16 أبريل قرارها رقم (56) بشأن تطوير أحكام تجديد الترخيص وإلغائه بناءً على طلب الشخص المرخص له، حيث تضمن هذا القرار تعديلاتٍ عدة شملت كلاً من الكتاب الخامس من كتب اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة، والملحقين (6) و (7) للكتاب الخامس ذاته، وإضافة الملحق (27) لذات الكتاب.


https://www.cma.gov.kw/ar/web/cma/cma-board-releases/announcements-and-circulars/-/cmaboardreleases/detail/1409175


https://www.cma.gov.kw/ar/web/cma/cma-board-releases/announcements-and-circulars/-/cmaboardreleases/detail/1350481


                  2023/09/25                  

الهيئة تصدر قرارها بشأن معايير النزاهة والسلامة المالية

أصدرت الهيئة قرارها رقم (131) لسنة 2023 بشأن معايير النزاهة والسلامة المالية، إضافةً إلى بعض الأحكام الخاصة بتسجيل المناصب والوظائف واجبة التسجيل.

هذا، وقد تضمن القرار المذكور إجراء تعديلاتٍ عدة شملت كلاً من الكتاب الخامس (أنشطة الأوراق المالية والأشخاص المسجلون) من كتب اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة، وتعديل العديد من الملاحق الخاصة بذات الكتاب، كالملحق4 (آلية تقديم طلب الترشح والتسجيل)، والملحق10 (نموذج طلب الترشح للمناصب والوظائف واجبة التسجيل لدى الشخص المرخص له وفق تعليمات الكفاءة والنزاهة)، والملحق11 (نموذج طلب الموافقة على سيطرة فعلية على الشخص المرخص له)، والملحق15 (نموذج طلب تسجيل الوظائف واجبة التسجيل لدى الشخص المرخص له).


https://www.cma.gov.kw/ar/web/cma/cma-board-releases/announcements-and-circulars/-/cmaboardreleases/detail/1409448


أحداث وفعاليات الهيئة في أكتوبر

                  2023/10/03-02                  

"الرقابة على التقارير المالية الصادرة وفق المعايير الدولية IFRS"

موضوعاً لبرنامجٍ تأهيلي

نظمت الهيئة برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها، امتد على مدار يومين متتاليين، خصص لموضوع الرقابة على التقارير المالية الصادرة وفق المعايير الدولية IFRS، وقد هدف لتعريف المشاركين فيه بآليات إعداد التقارير والبيانات المالية وفقاً للمعايير الدولية IFRS كما تناول طرق الرقابة على تلك التقارير الصادرة وفقاً للمعايير المذكورة ضماناً لنزاهتها وجودتها.


                  2023/10/04              

الهيئة تشارك في فعاليات أسبوع المستثمر العالمي

للسنة الثالثة على التوالي، تشارك الهيئة في فعاليات أسبوع المستثمر العالمي التي تنظمها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية " الأيسكو" خلال شهر أكتوبر من كل عام.

هذا، وقد استهدفت فعاليات الأسبوع للعام الحالي تسليط الضوء على قضايا توعوية عدة (مرونة المستثمر، الأصول الرقمية، التمويل المستدام، الحد من عمليات النصب والاحتيال، أساسيات الاستثمار ، التكنولوجيا والتحول الرقمي).

وقد تضمنت مشاركة الهيئة في فعاليات العام الحالي بث رسائل توعوية تتناول الموضوعات آنفة الذكر عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي في إطار جهودٍ خليجية مشتركة، وذلك بالتزامن مع تنفيذ حملة أخرى للهيئة امتدت على مدار شهر أكتوبر المنصرم تناولت موضوعي التمويل والتنمية المستدامين.


                  2023/10/04              

ورشة توعوية جامعية للهيئة

حول الجرائم وفق أحكام قانون إنشائها

في إطار فعاليات مشروعها الوطني لتعزيز الشمول المالي والوعي الاستثماري، نظمت الهيئة ورشة عمل توعوية جامعية لدى كلية القانون الكويتية العالمية، كانت بعنوان "الجرائم وفق أحكام قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته"، استهدفت أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية المذكورة إضافةً إلى طلبتها.

وقد تولى مهام تقديمها إضافةً إلى ممثلي مكتب التوعية كلٌ من: السيد نواف السليم المستشار في قطاع الشؤون القانونية لدى الهيئة، والسيد عمر محمود مدير إدارة التحقيق فيها، حيث تناولا موضوعها عبر محاور عدة (طبيعة جرائم أسواق المال والغاية من النص عليها في قانون الهيئة، تنظيم الاختصاص القضائي والإجراءات أمام المحكمة المختصة الواردة في قانون الهيئة، جرائم أسواق المال وعقوباته والمخالفات الواردة في القانون 7 لسنة 2010).


                  2023/10/12-09              

برنامج تأهيلي حول التحليلين: الأساسي والفني

نظمت الهيئة برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها بعنوان" التحليل الفني: فلسفة التحليل الفني، والتحليل الأساسي: مقدمة في تقييم الأسهم" هدف لتعريفهم بالتحليل الفني وآليات استخدامه في مختلف ظروف الأسواق المالية، وكذلك أدوات التحكم بالمخاطر، كما عرض لآليات بعملية التحليل الأساسي للأسهم وأدواته من خلال تطبيقات عملية وتمارين جماعية.


                  2023/10/15              

مبادرة طبية للهيئة للاطمئنان على صحة منتسبيها

بالتعاون مع مديرية الخدمات الطبية لدى الرئاسة العامة للحرس الوطني الكويتي، نفذت الهيئة في الخامس عشر من شهر أكتوبر الماضي يوماً للفحوصات الطبية لمنتسبيها بهدف الاطمئنان على صحتهم وحثهم على إجراء الفحوصات الطبية بشكلٍ دوري. وقد شملت تلك الفحوصات (سكر الدم، ضغط الدم، قياس كتلة الجسم).

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة تندرج في إطار توجهات مماثلة تنفذها الهيئة بصورةٍ مستمرة، كان آخرها تنفيذ حملة للتبرع بالدم خلال شهر سبتمبر المنصرم.


                  2023/10/16              

"أهداف التنمية المستدامة" موضوعاً لبرنامجٍ تدريبي

بالتعاون مع المركز الدولي لتنمية الموارد البشرية والتدريب" نفذت الهيئة في مقرها برنامجاً تدريبياً لمنتسبيها بعنوان " أهداف التنمية المستدامة"، هدف لتعريفهم بمفهوم التنمية المستدامة وتطورها، والتحديات التي تواجه المؤسسات اليوم، وكيفية تأثير الموظفين على أهداف الاستدامة وتزويدهم بأفضل الممارسات لتنفيذ إستراتيجيات الاستدامة وتطبيقاتها.

 

                  2023/10/24-23              

برنامج تأهيلي للهيئة حول:

"اكتشاف وملاحقة الجرائم المالية في أسواق المال"

نفذت الهيئة على مدار يومين متتاليين برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها بعنوان "اكتشاف وملاحقة الجرائم المالية في أسواق المال"، هدف لتعريف المشاركين بأحدث المستجدات الدولية ذات الصلة بأنماط وطرق اكتشاف الجرائم المالية في أسواق المال، كما تناول البرنامج آليات ملاحقة تلك الجرائم.


                  2023/10/21 -2023/11/12              

حملة توعوية شاملة للهيئة خاصة

 بجائزة المستثمر الذكي الخليجي

أعلنت الهيئة في الحادي والعشرين من شهر أكتوبر الماضي عن استمرار حملتها التعريفية بجائزة المستثمر الذكي الخليجي التي بدأتها في شهر سبتمبر الذي سبقه .

هذا، وقد تضمنت الحملة المذكورة عديد الفعاليات التوعوية تنوعت بين بيانات ولقاءات صحفية، ولقاءات ٍ إذاعية وتلفزيونية، إضافةً إلى رسائل توعوية عبر حسابات الهيئة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسابقة التي تنتهي فترة المشاركة فيها في التاسع والعشرين من شهر فبراير القادم، تتضمن مسارات أربعة للمشاركة فيها والحصول على جوائزها الـ36، كما تبلغ قيمة جوائزها "مليون" ريال سعودي.



أحداث وفعاليات الهيئة في نوفمبر

​​                  2023/11/05                  

"الهيئة تشارك في الاجتماع السابع والعشرين

للجنة رؤساء هيئات الأسواق المالية (أو من يعادلهم) في دول المجلس"

شاركت الهيئة ممثلةً بالسيد/ أ.د. أحمد عبد الرحمن الملحم رئيس مجلس المفوضين في أعمال الاجتماع السابع والعشرين للجنة رؤساء هيئات الأسواق المالية (أو من يعادلهم) بدول المجلس، والذي عقد بمشاركة الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية والتنموية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وممثلين عن الجهات الرقابية عن أسواق المال في دول المجلس.

هذا، وقد بدأ الاجتماع الهادف لمتابعة التطورات المتصلة بعمل تلك الجهات بمتابعة تنفيذ قرارات لجنة رؤساء الهيئات في الاجتماع السادس والعشرين، وما تم تنفيذه منها، كما استعرض مستجدات تطبيق التسجيل البيني لصناديق الاستثمار، وكذلك التطورات المتصلة بعمل لجان وفرق العمل المتصلة بإستراتيجية تكامل الأسواق المالية بدول المجلس، والتواصل وتوعية المستثمرين وتطورات تنفيذ برنامج " ملم".

                  2023/11/08-06                  

"مهارات إعداد وكتابة التقارير والمراسلات الإدارية"

موضوعاً لبرنامجٍ تأهيلي

نفذت الهيئة برنامجاً تأهيلياً لمنتسبيها امتد على مدار ثلاثة أيامٍ متتالية، هدف لتزويدهم بالمهارات المطلوبة لإعداد وكتابة التقارير الإدارية، وكذلك تعريفهم بالأساليب والمهارات الأساسية لكتابة هذه النوعية من التقارير، وخطوات ومراحل إعدادها، كما تناولت مواصفات التقرير الجيد والجوانب الشكلية للتقرير. كما خصصت جزءاً من ذلك البرنامج لعرض أسس تطوير القدرات المهارية في هذا المجال.


                  2023/11/22-08                 

جهود تنسيقية للهيئة مع جامعات حكومية وخاصة

تنفيذاً لمبادرات مشروع الهيئة الوطني لتعزيز الشمول المالي والوعي الاستثماري، وتحديداً على صعيد القطاع التعليمي الجامعي، شهد شهر نوفمبر الماضي إجراء لقاءات تنسيقية عدة مع جامعاتٍ حكومية وخاصة، هدفت لوضع تصورات مشتركة حول آليات تفعيل الجهود المشتركة بما يدعم تنفيذ التوجهات التوعوية للهيئة المتعلقة بتعزيز الثقافة الاستثمارية لاسيما المتعلقة منها بأنشطة الأوراق المالية لدى فئات الطلبة في شتى التخصصات الجامعية عموماً، والبرامج التي تندرج في إطار  مشروع الهيئة آنف الذكر على وجه الخصوص، سواءً على الصعيد التوعوي أو التدريبي والتأهيلي، أو ما تعلق منها ببحث آليات التعاون على صعيد إضافة مواد تتعلق بقانون الهيئة ولائحته التنفيذية إلى بعض المقررات الموجودة لدى تلك الجامعات أو استحداث مقررات خاصة بذلك مستقبلاً، وهذا الجانب على وجه التحديد كان مثار النقاش الرئيسي بين ممثلي الهيئة وتلك الجامعات.

أول هذه اللقاءات شهده مقر جامعة عبد الله السالم بتاريخ 8 نوفمبر، وحضره كل من  السيد خالد الصقر مدير مكتب التوعية، والسيدة بسمة أكبر – المحلل المالي الرئيسي في مكتب التوعية ممثلين للهيئة، في حين مثل الجامعة المذكورة  الأستاذ الدكتور علي فيصل المطيري القائم بأعمال نائب مدير الجامعة للشؤون الأكاديمية والتقييم، عضو مجلس الإدارة التأسيسي.

أما ثاني هذه اللقاءات فكان في الجامعة الأسترالية بتاريخ 14 نوفمبر، وحضره كلٌ من السيد خالد الصقر مدير مكتب التوعية/ نائب رئيس لجنة استكمال تأسيس أكاديمية أسواق المال- الكويت، والسيدة ليالي الجلوي ممثلين للهيئة، والدكتور فريد عبد الله عميد كلية إدارة الأعمال بالإنابة، والسيد حسين الحداد مدير شؤون الطلبة.

أما ثالث تلك اللقاءات فكان في الجامعة الأمريكية الدولية بتاريخ 22 نوفمبر، وقد سبق الاجتماع قيام ممثلي الهيئة بإجراء جولة تعريفية في مقر الكلية صحبتهم فيها الطالبة المتفوقة سيلينا زين الدين والتي كان جهدها مميزاً في التعريف بأقسام الكلية وتخصصاتها، ليبدأ بعدها الاجتماع المطول والذي مثل الهيئة فيه كلٌ من السيد خالد الصقر مدير مكتب التوعية، والسيدة أنوار المطيري مدير دائرة التدريب والتطوير الوظيفي، والسيد عبد الرحمن البابطين اختصاصي أول مكتب العلاقات الخارجية/رئيس فريق عمل استكمال إجراءات تأسيس أكاديمية أسواق المال-الكويت. في حين مثل الجامعة المذكورة كلٌ من الدكتور مايكل بيشكو رئيس الجامعة، والدكتور يونغ كيم نائب الرئيس المساعد للشؤون الأكاديمية، إضافةً إلى الدكتور محمد القطان عميد مركز التدريب ومدير تطوير الأعمال.


 

                  2023/11/13                 

ورشة عمل تربوية للتعريف
 
بجائزة المستثمر الذكي الخليجي

تم في إطار فعاليات المشروع الوطني لتعزيز الشمول المالي والوعي الاستثماري، وتحديداً في إطار الحملة الترويجية الخاصة بجائزة المستثمر الذكي الخليجي الثانية تنفيذ ورشة عمل تربوية في ثانوية مارية القبطية للبنات.


الورشة التي تولت مهام تقديمها السيدة هدى الشطي اختصاصي أول لدى مكتب التوعية خصصت لمعلمات المدرسة، وتم فيها التعريف بالهيئة ومهامها وأنشطتها على وجه العموم، والتوعوية منها بصورةٍ خاصة، كما تم التعريف ببرنامج التوعية الخليجي المشترك "ملم"، إضافةً للتعريف بالمسابقة ومساراتها وجوائزها ومجالاتها ومتطلبات وطرق ومواعيد وآليات المشاركة فيها.


                  2023/11/16                

إخلاء تدريبي ناجح للهيئة

في إطار إستراتيجية الهيئة المتصلة بإدارة المخاطر والتعامل مع الكوارث والحوادث والأزمات الطارئة والحد من تداعياتها، قامت الهيئة يوم الخميس الموافق لـ 16نوفمبر بتنفيذ عملية إخلاء تدريبية لكافة قطاعاتها بما يتوافق وإجراءات الإخلاء المعتمدة لديها، حيث تم إجلاء 428 شخصاً من مقرها خلال ست دقائق وبنسبة نجاح تامة 100%.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية الإخلاء هذه تندرج في إطار مساعي الهيئة للحصول على اعتماد المعيار الدولي لإدارة استمرارية الأعمال (آيزو 22301)، كما يندرج في إطار تطبيق سياساتها المتصلة ببرنامجها لاستمرارية الأعمال حيث واصل منتسبوها أعمالهم عن بعد عن طريق مختلف الوسائط المتاحة (الاتصال الهاتفي، البريد الإلكتروني، الشبكة الافتراضية VPN).

                  2023/11/23-20                 

م​شاركة الهيئة في اجتماعات​

​GEMC و AMERC

التابعتين للأيسكو

​​​​شاركت هيئة أسواق المال في فعاليات الاجتماع السنوي للجنة الأسواق النامية والناشئة GEMC،واللجنة الإقليمية لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط AMERC التابعتين للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، إضافة للمشاركة في المؤتمر السنوي للهيئة العامة للرقابة المالية.


هذا، وقد تمثلت مشاركة الهيئة في هذه الفعاليات المنعقدة خلال الفترة الممتدة بين 20 و23 نوفمبر بوفدٍ ترأسه السيد/مثنى عبد الوهاب الصالح ممثل الهيئة في لجان الـ AMERC والـ GEMC ​​وبحضور السيد/ عبد الرحمن محمود محمد مدير مكتب العلاقات الخارجية.

وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماعات المشار إليها قد تناولت بحث عديد الموضوعات ذات الصلة بأنشطة الأوراق المالية، كان من أبرزها موضوع التمويل المستدام والتحديات التي تواجهه لدى بلدانٍ عدة حول العالم، إضافةً إلى البرامج التدريبية ذات الصلة بتنمية أسواق المال.

صورة تجمع وفد الهيئة مع السيد/ خالد بن عبد العزيز الحمود – عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية – المملكة العربية السعودية والدكتور / محمد فريد صالح - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية – جمهورية مصر العربية


                  2023/11/23                 

إيضاح من الهيئة بشأن معرض

Money Expo Kuwait 2023

استكمالاً للدور التوعوي والرقابي الذي تمارسه الهيئة على صعيد توعية جمهور المتعاملين بنشاط الأوراق المالية بالمنافع والمخاطر في الاستثمار في هذا النشاط، بهدف حمايتهم  وضمان الالتزام بالقوانين واللوائح ذات الصلة، فإن الهيئة تسترعي انتباه السادة المستثمرين إلى ضرورة توخي أقصى درجات الحذر من الاستثمار والتعامل مع الجهات غير المرخصة من قبلها لمزاولة أنشطة الأوراق المالية على وجه العموم بما فيها الشركات المشاركة في معرض، علماً بأن الجهات المشاركة في المعرض ليست جميعها متحصلة على التراخيص اللازمة حتى تاريخه.

وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة تتخذ كافة الإجراءات القانونية حيال تلك الجهات، تنفيذاً لما نصت عليه المادة (126) من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته.

وبهذه المناسبة فإن هيئة أسواق المال تهيب بكافة الأفراد المواطنين والمقيمين المقبلين على استثمار أموالهم ضرورة التحقق من صحة حصول الجهات المشاركة بالمعرض على التراخيص اللازمة حمايةً لأموالهم واستثماراتهم عبر مختلف الوسائل المتاحة بما في ذلك الحصول على قائمة الشركات والجهات المرخصة من الهيئة بمزاولة أنشطة الأوراق المالية عبر الدخول على الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة على شبكة الأنترنت عن طريق الرابط الإلكتروني التالي:


https://www.cma.gov.kw/ar/web/cma/licensed-companies


                  2023/11/30               

الهيئة تكرم رؤساء وأعضاء لجانها الدائمة

قامت الهيئة ممثلة بمديرها التنفيذي أ. د أحمد عبد الرحمن الملحم بتكريم رؤساء وأعضاء بعض اللجان الدائمة لديها، وهم على وجه التحديد:

لجنة فحص العروض

  • السيدة/ حنان عبد الجليل الغربللي (رئيس اللجنة).
  • السيد/ د. طارق عبد الرزاق العدساني (نائب رئيس اللجنة). 
  • السيدة/ حنان جمال الشايع (عضو اللجنة).     
  •  السيد/ نواف حسين الإبراهيم (أمين سر اللجنة).                         

لجنة الموازنة التقديرية السنوية للهيئة

  • ​السيد/ وائل محمود بهبهاني (رئيس اللجنة).
  • السيد/ زياد يعقوب الفليج (نائب رئيس اللجنة).
  • السيد/ مثنى عبد الوهاب الصالح (عضو اللجنة).                              
  • السيد/ د. إبراهيم يعقوب الثويني (عضو اللجنة).
  • السيدة/ حنان جمال الشايع (عضو اللجنة).     
  • السيد/ نواف عادل الصالح (عضو اللجنة).    
  • السيد/ جراح أحمد المنيفي (أمين سر اللجنة).           

لج​نة الجرد والتلفيات

  • السيد/ وائل محمود بهبهاني (رئيس اللجنة).
  • السيدة/ حنان جمال الشايع (نائب رئيس اللجنة).     
  • السيد/ عبد الرحمن خالد الخترش (عضو اللجنة).   
  • السيد/ نواف حسين الإبراهيم (أمين سر اللجنة). 

وذلك تقديراً لجهودهم في إنجاز الأعمال المتصلة لجانهم على الوجه الأكمل إلى جانب مهامهم الوظيفية. حيث أثنى الدكتور الملحم على تلك الجهود المتميزة معرباً عن بالغ تقديره للكفاءات الوطنية من منتسبي الهيئة والتي كانت المقوم الرئيسي لنجاحها في تحقيق إنجازاتها المشهودة متمنياً لهم دوام التوفيق والنجاح لتحقيق المزيد من الارتقاء بأعمال الهيئة.



الدكتور فؤاد العمر في حوار العدد: تبني الهيئة خارطة طريق للنهوض بالصناعة المالية الإسلامية ..... توجه يحسب لها

  • ​​الاقتصاد الإسلامي أكثر نمواً من نظيره التقليدي، وهو مرشح لمزيدٍ من النمو والنجاح.
  • الكويت لديها المقومات المطلوبة لتنمية قطاعات اقتصادية جديدة خارج إطار القطاعات التقليدية التي ندور في فلكها.
  • قدمت الكويت من خلال بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف نموذجاً مؤسسياً ناجحاً لدول كثيرة.
  • تطوير المنتجات المالية مثل الصكوك، تنظيم الصناديق الوقفية..... مجالان يمكن للهيئة من خلالهما النهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية.
  • البنك الإسلامي للتنمية... مؤسسة كبيرة أسهمت في تنمية اقتصادات الدول الإسلامية في مختلف قارات العالم.   

 الدكتور فؤاد عبد الله العمر، اسمٌ تتملك الحيرة في تقديمه والتعريف، هو رجل التجارب الكثيرة، والناجحة جداً. اقتصادي حريص، قيادي ناجح، باحث مرموق، يمتاز برؤية صائبة تنم عن سعة اطلاع، طموح لا حدود له، ما إن يكسب قصب سباق تحدٍ في مجالٍ ما حتى يخوض غمار تحدٍ جديد، وربما كان في مجالٍ جديد. أدواته لذلك: كفاءة مشهودة، استعداد جيد، عمل ٌ جاد، إرادة صلبة وإصرار على النجاح.

الدكتور "العمر" يحمل شهادات: الدكتوراة في الإدارة، والماجستير في إدارة الأعمال والمالية، والبكالوريوس في الهندسة الكيميائية.

خبراته العلمية والمهنية تنوعت بين المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية، والبحث الأكاديمي، ومن المجالات الصناعية والعقارية والهندسية إلى عوالم الاقتصاد والمال والاستثمار. وفي كل ٍ منها كان للدكتور العمر بصمته الخاصة. وانتهاءً بمجال الاقتصاد الإسلامي والذي كان للدكتور العمر - ولايزال - في إطاره تجربةً رائدة تستحق الوقوف على تفاصيلها.

نحاول في حوار العدد الماثل من مجلة الهيئة التوعوية الإلكترونية التعرف على الدكتور العمر عن قرب، كما نعرض لتجاربه في شتى المجالات التي خاضها وأبلى فيها البلاء الحسن، كما نعرض لرأي الدكتور العمر في واقع الاقتصاد الإسلامي، والصناعة المالية الإسلامية إضافةً لرأيه في قضايا ومجالاتٍ أخرى.


  • نرغب بدايةً دكتور أبو عبد اللطيف، في التعرف بإيجاز على الجوانب الشخصية والإنسانية والمهنية لكم، البدايات، المراحل التعليمية، الدراسة الأكاديمية، دور الأسرة في حياتكم؟

جزاكم الله كل خير، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم. ما شاء الله سؤالكم متعدد الجوانب، إلا أنني سأحاول بمشيئة الله الإجابة عليه باختصار وبقدر المستطاع.

أنا تلقيت تعليمي حتى نهاية المرحلة الثانوية في الكويت، ثم ذهبت بعدها مباشرةً في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وعكس ما تتوقعون أنا مهندس كيميائي، تخرجت من كلية الهندسة وعملت في هذا المجال في مصانع الكويت قرابة سبع سنوات قبل أن أقرر تغيير وجهتي الدراسية، فتوجهت لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال والتمويل (في الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم الدكتوراة في ذات التخصص (في بريطانيا). وبعدها رجعت للكويت، وتم ترشيحي للعمل في البنك الإسلامي للتنمية في جدة، وعملت هناك نحو اثني عشر عاماً كنائبٍ لرئيس البنك ومسؤولٍ عن الاستثمار وكافة العمليات المالية، بما فيها أعمال الخزانة.

بطبيعة الحال، فإن البنك الإسلامي للتنمية، يعتبر من المؤسسات الدولية الرائدة، فهو بنك تنموي كبير يضاهي مستوى البنك الدولي بالنسبة للدول الإسلامية، رأسماله المصدر يقارب السبعين مليار دولار، والمدفوع يقارب 16 مليار دولار. ولذلك فالبنك كبير وممتد حيث بلغ عدد أعضائه 57 دولة. وقد تناهى إلى مسمعي مؤخراً أن الهيئة تتعاون مع البنك منذ فترة قريبة، من حوالي شهر أو اثنين، وهي شراكة أتوقع أن تكون مثمرة.

بعد ذلك رجعت للكويت وعملت في مؤسساتٍ حكومية بدرجة وكيل وزارة، ثم تفرغت للعمل الخاص في البحرين كرئيس مجلس إدارة لبنك ٍ تجاري وبنكٍ استثماري ورئيس مجلس إدارة في شركتين عقاريتين مدرجتين في الكويت وشركة ثالثة في المملكة العربية السعودية.

في مرحلة ٍلاحقة، غيرت اتجاهي المهني نحو الأبحاث أكثر منها نحو الأعمال التنفيذية.

بالنسبة لحياتي الأسرية، أنا متزوج بطبيعة الحال، ولدي -والحمد لله- ثلاث بنات وولدين، أسال الله التوفيق لهم جميعاً.

  • د. فؤاد: ثمة تباعد نوعاً ما بين ميولكم الدراسية والتخصصات العلمية التي خضتموها، من ميولٍ للطب، إلى دراسة الهندسة، ثم الإدارة، وكذلك الحال بالنسبة لتجاربكم العملية: من المجالات الصناعية والعقارية إلى المجالات المصرفية والاستثمارية، ماذا قدم هذا التنوع للعم أبو عبد اللطيف؟

طبعاً، لهذا التنوع- كما يقولون- فوائد كثيرة من حيث تزويدي بالخبرة في العديد من المجالات التي عادةً ما تستهويني وتحظى باهتمامي، الأمر الذي يساعد على تحقيق المزيد من النجاح والفائدة. فعلى على سبيل المثال، عندما تدخل مجال الهندسة، تعطيك تصورات أن المعادلات تفضي إلى نتائج معينة واحدة. فالمعادلة تنتهي بنتيجة واحدة، رقم واحد. على خلاف ذلك، وعلى سبيل المثال، الإدارة تحثك عن التفكير في عدة خيارات لأية مشكلة، بحيث تصل إلى تصورات متعددة وحلول مختلفة، وأنت – كمدير- مطالب باختيار إحداها. وعليك البحث عن الحل الأفضل مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المؤسسة وبيئة العمل التي تتواجد فيها، وطبيعة الناس ذوي الصلة واتجاهاتهم والتكلفة المالية. لا يوجد حل أمثل أو حل وحيد، إنما هناك حلول عدة، عليك اختيار إحداها والموازنة بين الخيارات المتاحة للتوصل إلى الحل الأفضل بالنسبة لك.

بشكلٍ شخصي، التنوع أفادني كثيراً لأني قد عملت في عدة مجالات. المجال الحكومي، كما عملت في المجال المالي الدولي، وعملت في القطاع الخاص. كنت دائم البحث عن المجالات التي تمنحني التحدي وإرضاء الذات، لا الأعمال الملزمة لي.

هذا الأمر يدفعني للبحث عن مجالات قد لا يبحث عنها غيري. على سبيل المثال، عندما ذهبت إلى المملكة العربية السعودية كنت الكويتي الوحيد الذي شغل منصب نائب رئيس، وقد استمريت في هذا المنصب لاثنتي عشرة سنة. كما تسلمت رئاسة البنك لسنة كاملة بعد استقالة رئيسه نظراً لثقتهم في شخصي ولظروف معينة.

هذه الخبرات تعطي تنوعاً للإنسان بدل اقتصار خبراته على مجالٍ واحد، هذا التنوع يعطيه القدرة على حسن اختيار الحلول. العمل في المؤسسات الدولية- مثلاً- يوفر الاحتكاك والتواصل مع أصحاب القرار حالياً ومستقبلاً. على سبيل المثال هناك خمسة موظفين في إحدى الدول الأفريقية، عملت معهم في البنك واستلموا بعدها مناصب رفيعة توزعت بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ووزراء حاليون في الحكومة، ظروف العمل هذه تعطي شبكة من العلاقات، وهذا بعض فوائد التنوع. وخلال عملي زرت تقريباً جميع دول العالم الإسلامي باستثناء ما يقع منها في القارة الأمريكية الجنوبية لأنها خارج نطاق العمل، وفي بعض الأعمال كانت تواجهنا أوضاعاً صعبة وظروف معيشية حرجة، وأذكر ذات مرة حين تم انهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه، كنت في موسكو وكان الخروج من الاتحاد السوفياتي أمراً بالغ الصعوبة، سلكنا طريقاً طويلاً مليئاً بالمتاعب، إلا أنه كان في ذات الوقت فرصةً لمعرفة الشعوب عن كثب. ومن التجارب الشخصية المفيدة لي اطلاعي على تجربة سنغافورة بالكامل والتقائي مع رئيس الوزراء والوزراء المختصين، وكذلك اطلاعي على التجربة الماليزية ولقائي برئيس الوزراء مهاتير محمد. وهذه التجارب أعطتني تنوعاً في فهم الناس والاطلاع على تجارب الشعوب.

  • بدأتم حياتكم المهنية بالعمل في مجال التخطيط. ثمة تحولاتٍ جذرية في مسار التخطيط عالمياً ومحلياً بطبيعة الحال. كيف ترى دور التخطيط على صعيد اقتصادات اليوم؟

التخطيط مهم جداً في كافة المجالات، بدءاً بالحياة الأسرية، وانتهاءً بالحياة العامة وعلى مستوى المجتمعات والدول. الإنسان بحاجة للاستفادة من تجارب الآخرين للتوصل إلى رؤية مبنية على دراسات ووفق توجهات محددة قابلة للتطبيق. مثلاً، في الكويت ولدى البحث عن توجهات يمكنها النهوض بالاقتصاد، يقترح البعض التركيز على السياحة إلا أن الظروف البيئية، وعدم توافر التنوع الجغرافي، وصغر المساحة، كل ذلك قد لا يساعد كثيراً في هذا المجال. وبالتالي هناك حاجة للتركيز على قطاعٍ اقتصادي أو صناعةٍ معينة قابلة للتوسع والتمدد، هذا في جانب. وفي جانبٍ آخر، يمكن التركيز على قطاعات واعدة كالتكنولوجيا المالية مثلاً، بدءاً بالتطبيقات المختلفة على جهاز الهاتف الشخصي والتي أصبحت ضرورة لا غنى عنها. وهي صناعة نامية مرغوبة لدى كافة الدول. فمثلاً في بعض دول الجوار تم التركيز على جانبٍ ما من جوانب تلك الصناعة، كالألعاب الإلكترونية، هذا يعني أنه يمكنك من خلال هذه الصناعات التركيز على مجالٍ معين لتعمل على تطويره والتميز فيه. وهذه الصناعات لا ترتبط ولا تتأثر بالبيئة، أو الجو، أو التضاريس الطبيعية، أو أي شيء آخر.

وبالإمكان العمل على إيجاد بيئة العمل المناسبة، نحن لدينا العنصر البشري، والموارد المالية التي تستطيع ابتكار صناعة جديدة أو تطوير صناعة قائمة، وهذا ما يساعد على التنمية حيث غيرنا لا يمتلك مثل هذه المقومات وهو مضطر لابتكار عوامل جذب للناس. بإيجاز، نحن لدينا المقومات المطلوبة لتنمية قطاعات اقتصادية جديدة خارج إطار المجالات الاقتصادية التقليدية التي ندور في فلكها.

  • د. فؤاد: يعد بيت التمويل الكويتي أول مؤسسة مصرفية تطبق النهج الإسلامي قبل أن يمتلك ريادة عالمية في هذا المجال. تجربتكم في بيت التمويل كانت الأولى لكم في المجال المصرفي. هل يعود ذلك لميولكم منذ البداية للنهج الإسلامي في الاقتصاد؟ ماذا عن هذه التجربة؟

يمكنني القول بأن تجربتي مع بيت التمويل الكويتي مرت بمرحلتين رئيسيتين، الأولى عندما التحقت للعمل به كموظف، والثانية كعضو مجلس إدارة.

في الأولى كموظف، عملت في مجال الاستثمار، إلا أنه ولظروفٍ العمل وبيئته لم أستطع الاستمرار دون أن يؤثر ذلك على ارتباطي ببيت التمويل الكويتي، والبنوك الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي عموماً. إلا أنني كموظف في البنك لم أجد نفسي فيه، يعني على سبيل المثال، شخصٌ ما قد يعجب بهيئة أسواق المال ولوائحها إلا أنه لا يحب العمل لديها. أحياناً، الإنسان قد لا يكون بالضرورة محباً لبيئة العمل حينما يكون موظفاً فيه.

في المرحلة الثانية، عدت لبيت التمويل الكويتي، كعضو مجلس إدارة لمدة تسع سنوات ممثلاً للهيئة العامة للاستثمار، ثم الأمانة العامة للأوقاف. في هذا الوقت، بدأت ميولي تتشكل نحو الاقتصاد الإسلامي بصورةٍ أكبر، وقمت بإجراء بحوثٍ في جوانب عدة في مجال الاقتصاد الإسلامي. بعض تلك الجوانب لم يتم التطرق إليها سابقاً، كما هو الحال مع قيم أخلاق العمل الإسلامي، والميثاق الأخلاقي. فمثلا لديكم في هيئة أسواق المال ميثاق مماثل يحمل اسم ميثاق الشرف -كما أظن- يحدد ضوابط وقواعد سلوك الموظف الواجب اتباعه. كما أنني لدي اهتمام كبير بقضايا الزكاة والوقف، إضافةً إلى مجالاتٍ أخرى كالأسهم وأدوات الدين والتمويل. بالنتيجة، وجودي في بيت التمويل أفادني من بعض المجالات، إلا أن خبراتي في مجالات الاقتصاد الإسلامي تكونت بصورةٍ أكبر بعد التحاقي بالبنك الإسلامي للتنمية. في ذلك الوقت رأيت الواقع بصورة واقعية إلى حدٍ بعيد.

  • تجاربكم في بيت الزكاة، ولدى البنك الإسلامي للتنمية، كانت تجارب رائدة، غنية، امتدت لعقودٍ عدة. ماذا عنهما؟

طبعاً، بيت الزكاة حين تم تأسيسه، كنت أعمل في بيت التمويل الكويتي وعرض على أن أكون مدير عام بدرجة وكيل وزارة له. هذا الأمر شكل تحدياً لي خاصةً وأنني لم يسبق لي ممارسة مثل هذا العمل من قبل، والله سبحانه وتعالى وفقني مع فريق عمل لإعداد نموذجٍ عمل قائم على التطوع في دفع الزكاة. وبحمد الله نجح هذ النموذج المستند إلى توجه الدولة بشأن عدم إلزامية الزكاة وإنما بجعلها تطوعية كخطوةٍ متدرجة نحو الإلزام فيها بعد الوصول للقبول المجتمعي لموضوع الزكاة، وبعد ظهور آثاره ونتائجه للعامة. والحمد لله أننا قد شهدنا بيت الزكاة يكسب ثقة الناس، وهذا ما يؤكده تنامي حجم التبرعات، وقد استطعنا تحقيق التوازن بين نشاطات البيت في الداخل والخارج. وقد وجدنا بأن بعض الناس يعتقدون أن لا فقراء في الكويت، وأن فقراء الخارج هم أشد حاجة، ولكن هناك فقراء في الكويت بحيث تم بناء نموذج العمل على أساس تحقيق التوازن بين الداخل والخارج، مع حرصنا على تحري الاحتياجات الحقيقية، فوجدنا الأسر المتعففة والمدينين من خلال كشوف وزارة العدل، والكثير منهم يدخل السجن لمبالغ بسيطة. كما استطعنا من خلال التعاون مع وزارة التربية، مساعدة الطلبة الفقراء المحتاجين، فكان النموذج مبنياً على مساعدة الآخرين من خلال شركاء استراتيجيين، دون تحميلنا تكلفة مالية أو تشغيلية، وكذلك الحال بالنسبة لتعاوننا مع وزارتي الشؤون والداخلية، ووفق ذات الآلية، حيث تقوم تلك الجهات بإدارة الصندوق نيابةً عنا في بيت الزكاة، ونحن نقوم بالتمويل مع التأكد من عمليات الصرف. الأمر الذي ساعد في توسع أعمالنا بصورةٍ كبيرة. وأعتقد أننا – وبحمد الله- قدمنا نموذجاً ناجحاً لدولٍ عديدة استفاد منه الكثير، هذا بالنسبة لبيت الزكاة. أما بالنسبة لسؤالكم عن البنك الإسلامي للتنمية، فمثلما بينت لكم بأن البنك الإسلامي للتنمية هو مؤسسة كبيرة، وهي ضخمة بالفعل ربما أكبر مما يتصور الكثيرون سواءً من الحجم أو التأثير . وحقيقةً، أنني لم أتصور حجم هذه المؤسسة بالفعل في بداية استلامي مسؤوليتها، ولو أدركت ذلك ربما ترددت في الأمر، لكن بمشيئة الله وتوفيقه سارت الأمور كما يجب. طبعاً، الدور الأساسي للبنك يتمثل في تقديم العون لتنمية الدول الإسلامية والتي يبلغ عددها اليوم سبعاُ وخمسين دولة تتوزع في قارات العالم المختلفة بدءاً بإفريقيا ووسط آسيا وانتهاءً بجزر الكاريبي. الأمر الذي يعكس حجم البنك وسعة انتشاره.

ودور البنك التنموي يختلف بطبيعة الحال عن غيره من البنوك، كالبنك الدولي، إذ لا يتم التركيز على تمويل مشاريع التنمية فقط، وإنما أيضاً على تمويل التجارة بين الدول ما يطلق عليه مسمى "التجارة البينية"، على سبيل المثال، يمكنني تقديم التمويل لبنجلاديش التي تستورد النفط من دولة عضو كالكويت. نفس الأمر ينطبق على أية سلعةٍ أخرى. وهذا التمويل يشجع دولةً ما على تبادل سلعها مع دول أخرى لأنها ضامنة للتمويل لحصولها عليه من البنك لا من الدول، وهذا ما يشجع على تعزيز التجارة البينية بين منظومة الدول الإسلامية، أي أن السلع والبضائع يتم تبادلها بين دول المنظمة وهذا يعود بالنفع على هذه الدول عموماً، وهذا لن يتحقق في حال التبادل مع دول خارجها، كفرنسا على سبيل المثال. فتشجيع قطاعٍ ما، كالقطاع الصناعي في الكويت أو السعودية أو لدى أية دولة أخرى من خلال استيراد منتجاته وتوفير التمويل لمن يستورده، يساعد على تنمية قدرات هذا القطاع.

ثمة مجال آخر، أعني ما يطلق عليه " تمويل القطاع الخاص" وفقني الله -سبحانه وتعالى- في العمل في إطاره، وهذا الجانب يتطابق في جوانب كثيرة مع ما تقوم به هيئة أسواق المال. وقد تم التفكير في تأسيس مؤسسة للتمويل الخاص لأن البنك الإسلامي التنمية يتعامل مع الدول وفي المجالات التنموية حصراً لا مع أسواق في تلك الدول أو مع القطاع الخاص لديها، أي أنه غير قادر على التعامل مع سوق الكويت للأوراق المالية أو غيرها من الأسواق.

لتجاوز تلك الاعتبارات، تم تأسيس هذه المؤسسة - أقصد مؤسسة التمويل الخاص- وكنت أول مدير عام لها، أي أنني قد توليت مهام تأسيسها من الألف إلى الياء، وحرصت على أن تؤدي دورها في تنمية القطاع الخاص، أي بعيداً عن الدولة ومشاريعها. وقد تركزت آلية العمل على الشركات الصغيرة حيث يتم تمويلها وتنميتها بهدف إدراجها في سوق الأوراق المالية ليتم التخارج منها بعد ذلك. وهذا الهدف الأساسي منها، وهو هدف له أهميته، لاسيما على صعيد الشركات التي تواجه مشاكل في الإدراج في أسواق المال المختلفة، وذلك لاعتبارات تتعلق بقدرة هذه الشركات على استقطاب الأموال التي تساعدها لزيادة رؤوس أموالها لاستيفاء متطلبات الإدراج لدى السوق ولدى هيئة أسواق المال.

كما أننا بدأنا للتوجه نحو مشاريع تعتبر طويلة الأجل من حيث التمويل، كتمويل مشروع مصفاة أو ميناء للقطاع الخاص. وفي هذه المشاريع لا تكون المساهمة مع القطاع الخاص كشراكةٍ في الملكية فقط، وإنما بصورة تجمع بين الملكية والدين معاً والذي يمكن أن يكون بشكل سندات أو صكوك. بعبارةٍ أخرى، أنت تتيح لهم تنوعاً في الأدوات المالية، كما تتيح لهم فرصة اختيار الاستثمار أو التمويل المناسب لهم. وفي الإطار ذاته، دخول بنك ما مثل البنك الاسلامي للتنمية ومؤسسته في مثل هذه المشاريع يعطي ثقة للأخرين للمشاركة فيها نظراً لأن جهةً مالية راسخة درست الموضوع وفحصته وشاركت في تمويله، الأمر الذي يوسع قاعدة مستثمري المشروع، ويفعل دور القطاع الخاص، ويوسع نطاق استفادته من تمويل البنك وموارده المالية، كما أنه يوسع نطاق عمل البنك من ناحية ٍ أخرى.

  • د. أبو عبد اللطيف: تجربتكم الحافلة في عالم الاقتصاد الإسلامي بدءاً ببيت التمويل وانتهاءً بالأمانة العامة للأوقاف. تدفعنا لسؤالكم عن واقع الاقتصاد الإسلامي عالمياً؟ وماذا عن ريادتنا الإقليمية على صعيده؟

بطبيعة الحال، يعد الاقتصاد الإسلامي في الوقت الحاضر من أكثر الاقتصاديات نمواً مقارنةً مع الاقتصاد التقليدي، أي الربوي. وهذا النمو الذي يراهن الكثيرون ​على انخفاضه لاحقاً، وهو أمر لم يحدث. ولو نظرنا إلى اقتصاديات دول عدة، كالكويت مثلاً، نجد أن أصول الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمدرجة في بورصة الكويت تمثل نحو 60% تقريباً من إجمالي أصول الشركات المدرجة فيها، مع التأكيد على النمو الكبير لهذا القطاع من ناحية، وإطلاق منتجات تمويلية إسلامية جديدة من ناحيةٍ أخرى، وليس الصكوك فقط كما كان يتم التركيز عليه في السابق. هذه العوامل ستفضي لاتساع السوق بشكلٍ كبير لقطاعات عدة جديدة. هذه الجوانب لو ركزت عليها الكويت لحققت نجاحاً كبيراً في هذا المجال ولتمكنت من تحقيق نموٍ كبير في ناتجها المحلي، خاصةً وأن الكويت تمتلك الموارد المالية، والمقومات المطلوبة، ولديها توجه نحو اقتصادٍ إسلامي. وأعتقد أن الأمر يستحق التفكير الجدي، ولقد قرأت مؤخراً عن توجه لهيئة أسواق المال لتبني ما يمكن اعتباره خارطة طريق لصناعةٍ مالية إسلامية، وهذا توجه رائد يحسب للهيئة وخطوة في الطريق الراشد.

وأذكر، في إطار التجارب ذات الصلة، أنني شاركت في ماليزيا في تسعينات القرن الماضي في العمل مع مجموعة تضم وزير المالية الماليزي ومحافظة البنك المركزي على وضع خارطة طريق تستهدف التوصل لآليات تساعد على زيادة البنوك الإسلامية في ماليزيا، وقد تم بالفعل التوصل إليها وتطبيقها لتصبح ماليزيا رائدةً في هذا المجال، ولها قيمة اقتصادية كبيرة.


  • د. فؤاد: هناك جهود حالية للهيئة للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية بدءاً بتنظيم إصدارات الصكوك، وثمة تعاون في هذا الإطار مع البنك الإسلامي للتنمية. ما مرئياتكم في هذا الصعيد؟

في حقيقة الأمر، الصكوك هي إحدى الأدوات التمويلية المهمة في الصناعة المالية الإسلامية، إلا أنها ليست الوحيدة طبعاً، وتنظيمها، بالمناسبة، يعد الأسهل مقارنةً بغيرها. وتطوير سوق المال يعني تطويراً للأسهم والأدوات التمويلية الأخرى، وهو أمر اشد صعوبة من تنظيم وإصدار الصكوك التي غالباً ما تلجأ إليها البنوك الأجنبية لسهولتها من مختلف الجوانب: الشرعية، القانونية، والعملية والرسوم المناسبة. ما نحتاجه هو تحول الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأهيلها لإدراجها في السوق، وتوفير القنوات التمويلية اللازمة. لدينا في الكويت بعض التشريعات الجيدة كقانون الشركات الذي أتاح مرونة كبيرة إلا أننا نحتاج المزيد. في الخارج يستخدمون آليات أو أنماطاً معينة، كإنشاء شركة ذات غرض خاص، أي أنها تنشأ لمشروع خاص كإنشاء مشروع رائد مثلاً وتنتهي بنهايته. وهذه الشركة لا تحتاج جمعية عمومية وقوائم مالية ومقر وسوى ذلك من المتطلبات المطلوبة من الشركات المؤسسة لفترةٍ طويلة. هذا النوع من الشركات موجود في الغرب. نحن في الكويت نجحنا بإنشاء شركة الشخص الواحد ذات المتطلبات المحدودة بما في ذلك تحديد رأسمالها واختصاصاتها. كل هذا جيد إلا أننا مع استهدافنا التحول لمركزٍ مالي نحتاج تغييرات كبيرة في التشريعات واللوائح والإجراءات وكيفية أداء الأعمال. نحتاج اختصار الدورات المستندية للأعمال،  المعاملة لدينا تستغرق أياماً عدة قد تبلغ ستة أو سبعة أيام وهي مدة طويلة جداً مقارنة بدول الإقليم لا مع أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية حيث لا تستغرق معاملة مماثلة أكثر من نصف ساعة. بالنتيجة، بيئة العمل لازالت غير جاذبة كما ينبغي مع كثرة المتطلبات التنظيمية، وهو جانب يستحق إعادة النظر فيه.

من جانبٍ آخر، لابد من إعادة النظر في دور الدولة، فهل من حاجة فعلية لقيام الجهة الرسمية بمراجعة ميزانية الشركات التي يمكن لمجالس إداراتها ومساهميها تولي ذلك الجانب من خلال الجمعيات العمومية، والقضاء هو من يحسم الخلافات في هذا الإطار. فمثلاً أنت مطالب بمراجعة وزارة التجارة لتقديم القوائم المالية للشركة، ومراجعة البلدية لتقديم شهادة أوصاف خاصة ببيع أو شراء أي عقار، مع أنه يمكن ببساطة ترك الخيار لك لمراجعة مكتب هندسي للتأكد من مواصفات العقار المطلوب وبمبلغ ٍ زهيد. يجب ترك الأمر لآلية السوق والابتعاد عن البيروقراطية الجامدة وان تكون الدولة راعية لا حارسة.    

  • د. فؤاد: ليس بعيداً عن عالم الاقتصاد الإسلامي، وبالعودة إلى الجانب الشخصي. لكم عديد المؤلفات والدراسات في هذا الإطار، كمؤسسة القرض الحسن، وإدارة مؤسسة الزكاة في المجتمعات المعاصرة. ماذا عن الجانب البحثي لديكم؟ وماذا عن جديدكم في هذا المجال.

أبحاثي تتركز في بعض الأشياء التي تستهويني كمؤسسة القرض الحسن على سبيل المثال. وقد كنت ولا أزال أرى أن المجال رحباً للقيام بتجربة أشياء عدة. حاولت تطبيق أشياء مماثلة في بيت الزكاة، إلا أن النجاح لم يحالفني صراحةً لأسبابٍ عدة أنا أعرفها تمام المعرفة. ما يصلح للمؤسسة الحكومية قد لا يصلح لغيرها، فمؤسسة القرض الحسن لا يمكن إدارتها من قبل الدولة، هناك جوانب كثيرة يصعب تطبيقها. في الوقت الراهن، أركز اهتمامي البحثي على جانبين رئيسيين:

أولهما، يتمثل بـ"الاستدامة"، وهو بالمناسبة يحظى باهتمام هيئة أسواق المال- وهنا أقصد الاستدامة بأشكالها المختلفة بصورةٍ عامة: المالية، البيئية، التشغيلية، واستدامة المؤسسات بصورةٍ خاصة. بقراءتي لميزانية شركة ما لمدة خمس سنوات. أستطيع تقدير مدى استمرارها من عدمه، كما يمكنني تحديد المقومات والإجراءات المطلوبة في حال الرغبة باستمرارها. هذا الأمر طبقته على الأمانة العامة للأوقاف في بحثٍ علمي، استعرضت ميزانياتها لعشرين سنة، وتوصلت لنموذجٍ معين وعملت على تطويره، قمت بإجراء حساب لمؤشرات الاستدامة ليتبين لي ضرورة معالجة ثلاثة من مؤشرات الاستدامة الإثني عشر الخاصة بها ضماناً لاستمرار المؤسسة، وبدون معالجتها قد لا تستمر المؤسسة. هذا الأمر قابل للتطبيق على كافة المؤسسات والمجالات بما فيها الهيئة. المؤسسات يجب أن تعمل على تدعيم ركائز استدامتها، بعض المؤسسات لا تستمر بصفتها مؤسسة حكومية، على سبيل المثال، كانت هناك مؤسسة حكومية كان دورها يشابه دور حامي العدالة في الدول المتقدمة، لعبت دور الوسيط بين المواطن والحكومة في حل المشاكل التي تواجه المواطن في تعامله مع الدولة واستمرت لفترة ثلاث سنوات بعد الغزو، إلا أنها لم تستمر أكثر من ذلك. وبالتالي فإن الاستدامة المؤسسية شيء ضروري للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.

أما ثانيهما، فيتناول "الدراسات الكمية" التي تساعدك في تحديد الأسباب الحقيقية للمشكلة، وتضعك في صورة مكامن الخلل وأسبابه لا أعراضه فقط. نحن حينما تصادفنا مشكلة لا نركز على المشكلة ذاتها أو نركز على بعض أسبابها محدودة الأثر دون التركيز على السبب الحقيقي. على سبيل المثال، معظمنا يحمل الحكومة مسؤولية الوضع في الكويت، إلا أن هناك أسباباً أخرى في الحقيقة، أسباب تتعلق بالنظم واللوائح، أسباب تتعلق بالمواطن ذاته، أسباب تتعلق بمدى تأهيل الموظفين والإدارة الحكومية، أسباب تتعلق بمدى توفر تكنولوجيا المعلومات وغيرها من الأسباب.

بعبارة أخرى، قد يكون للمشكلة الواحدة خمسين سبباً، وواحد في المئة فقط من يستطيع وضع يده على السبب الفعلي الأكثر أثراً. فالدراسات الكمية تساعدك في تحليل المشكلة بصورة علمية واقعية، مثلاً في حال تطبيقها على مشكلة تتعلق بضعف نتائج الجهود المتعلقة بتوعية المستثمرين، ستجد أن هناك أسباب تتعلق بإصرار بعض المتلقين على عدم التعلم، حتى لو كررت رسالتك التوعوية على مدار الساعة يومياً، وهؤلاء نسبتهم 5%. هناك سبب آخر يتعلق بعدم وضوح رسالتك التوعوية، وهناك سبب ثالث يتعلق بالحاجة إلى تكرار الرسائل التوعوية مرات ومرات لتؤدي الغرض منها. بإيجاز، الدراسة الكمية تحدد لك الأسباب وتحللها لك لمساعدتك في الوصول للنتيجة الأفضل للتعامل مع الخلل الحاصل.   ​

د. فؤاد: إذا أردنا إيجاز واقع الاقتصاد الإسلامي لدينا على وجه العموم، وواقع الصناعة المالية الإسلامية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية، بكلمات قليلة ماذا يمكننا القول؟ وماذا عن جهود النهوض بهذه الصناعة؟ وهل نحن على المسار الصحيح؟

الاقتصاد الإسلامي اقتصادٌ نامٍ، والحمد لله، وذلك بمعدلات نموٍ جيدة، رغم ثبات أو بطء نمو أوسع قطاعاته المتمثل بقطاع تمويل أدوات الدين، والذي يقتصر إلى حدٍ بعيد على الصكوك، وأعتقد أن من أسباب "ثبات" أو بطء" نمو هذا القطاع يعود لعدم إطلاق منتجاتٍ جديدة، عدم تطوير السوق، قلة الأبحاث ذات الصلة بهذا المجال. ونحن إذا أردنا النهوض بهذا القطاع علينا التركيز على طرح منتجاتٍ جديدة.


وبمقارنة الوضع في الكويت مع مثيله في المملكة العربية السعودية، نلحظ محدودية أدوات ومنتجات الصناعة المالية الإسلامية لدينا، على سبيل المثال، لو كان لدينا صكوك عقارية (ريت) تمثل ملكيتك في عقار ما، ومن خلال تداولها في سوق الكويت للأوراق المالية يمكنك الحصول على عائد يزيد أو ينقص وفقاً لأداء السوق أو القطاع. حسناً لدينا أدوات مالية محدودة يقابلها ثلاثون أو أربعون أداة مالية في دول الجوار، كما أن هناك بطْء في تبني الأدوات الجديدة. والأدوات والمنتجات المالية المبتكرة تساعد كثيراً على النمو، في مجال العقار الذي أشرت إليه سابقاً على سبيل المثال، حيث إن الاستثمار في المنتجات العقارية يحقق لك العوائد المطلوبة، ويعفيك من المشاكل المتصلة ببيع العقار أو تأجيره. كما أن هذه النوعية من الاستثمار يمثل فرصةً جيدة لصغار المستثمرين الذين قد لا يملكون رؤوس أموال كافية لشراء العقار، إلا أنهم يملكون فرصة الاستثمار في أسهم هذا العقار المدرج في سوق المال والاستفادة من ارتفاع قيم أسهم الصك العقاري أو من الأرباح التي توزعها في نهاية فترتها المالية.

من ناحيةٍ ثانية، أعتقد أن هناك مجالاً آخر يمكن للهيئة أن تستند إليه في إطار توجهها للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية المرتبطة بأنشطة الأوراق المالية، أقصد به "الأموال الوقفية" وذلك من خلال تنظيم إطلاق صناديق استثمارية وقفية على سبيل المثال. في الحقيقة، في المملكة العربية السعودية هناك سوق وقف منظم، نحن نعاني من مشكلة عدم تنظيم نشاطات الوقف وصناديقه. في حال توجهك للقيام بأي نشاطٍ وقفي لن تجد جهة مسؤولة عن تنظيم مثل هذه الأنشطة.

ومما لا شك فيه، أن مصاعب عدة ستواجه الهيئة في حال توجهها لتنظيم الأموال الوقفية وإخضاعها لأحكام سوقٍ منظم، هناك رؤوس أموال كبيرة لديها الرغبة في الاستثمار بالسوق إلا أن الفرصة غير متاحة لديها حالياً، الحاجة ماسة - في اعتقادي - للانتقال بالمال الوقفي من السوق غير الرسمي للسوق الرسمي. هذا جانب من بعض المجالات التي يمكن من خلالها تطوير الصناعة المالية الإسلامية بعيداً عن أدوات الدين. وحتى على صعيد أدوات الدين ذاتها، يمكن العمل على تطوير الأدوات التقليدية، كالإجارة والاستصناع وغيرها، وكذلك تطوير سوق خيارات والذي نفتقده كبنوك إسلامية أو اقتصادٍ إسلامي. هذه الاتجاهات تمثل - برأيي- إجراءات مطلوبة للنهوض بواقع الصناعة المالية الإسلامية والحد من المخاطر الاستثمارية عموماً.

كلمة أخيرة تودون قولها؟

ما أود قوله، أولاً، جزاكم الله كل خير، كل الشكر لكم. ثانياً، لقد قمتم بتنشيط ذاكرتي بالفعل، حقيقةً كنت ناسياً أشياء كثيرة. بارك الله فيكم. أتمنى لكم وللهيئة كل التوفيق.​

أسرة مجلة هيئة أسواق المال تتقدم باسمها ونيابة عن الهيئة بوافر تقديرها للدكتور فؤاد العمر.

كل الشكر لكم دكتور.

-          حوار:  

-           فهد المطيري - اختصاصي أول - مكتب التوعية  

-           هدى الشطي - اختصاصي أول - مكتب التوعية  

-           أحمد غزاوي - باحث إداري أول - مكتب التوعية ​

 

-          تصوير:  

-          عهود العجمي - اختصاصي - مكتب التوعية  

-           م.محمد بخيت - مهندس - إدارة تقنية المعلومات والاتصالات    ​



الصناعة المالية الإسلامية في طريقها لمكانتها المستحقة على خارطة الاقتصاد العالمي

مما لا شك فيه، أن توجهنا لتخصيص أحد إصدارات مجلة هيئة أسواق المال التوعوية الإلكترونية لموضوع الصناعة المالية الإسلامية لم يأت من فراغ، إذ ثمة اعتباراتٌ عدة كانت دافعنا لتسليط الضوء على هذه الصناعة.

فمن ناحيةٍ أولى، بدأت الهيئة منذ شهورٍ عدة تطبيق إستراتيجيتها الحالية والتي تمثل الصناعة المالية الإسلامية واحدةً من أهم مبادراتها، كما بدأت مراحل إعداد خارطة طريق لإحالة هذه الصناعة واقعاً، خاصةً في ظل قبولٍ مجتمعي طاغٍ يعكسه واقع الإقبال الهائل على الاكتتابات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء والذي يقابله إحجام ظاهر للعيان في الاكتتابات التي لم تراع ذاك التوافق.

ومن ناحيةٍ ثانية، ثمة اهتمام دولي متزايد بتطوير أسواق ٍ مالية إسلامية واستنباط أدواتٍ مالية إسلامية مبتكرة انطلاقاً من قناعةٍ تترسخ يوماً إثر آخر بأن هذه الصناعة لا تمثل فرصةً حقيقةً لتحقيق تنميةٍ اقتصادية مستدامة مطلوبة للاقتصادات المعاصرة فحسب، بل باعتبارها خياراً ناجعاً متاحاً لتجنيب الاقتصاد العالمي مخاطر الوقوع في براثن الأزمات الاقتصادية والمالية المتعاقبة والمتكررة والتي تحولت - أو تكاد- حدثاً عادياً علينا تقبل تداعياته.

وكان من اللافت حقاً ما لمسناه أثناء الإعداد للإصدار الحالي من اهتمامٍ بالغ بموضوع هذه الصناعة وحرص ٍ على مشاركةٍ واسعة من كفاءات وخبرات من سائر التخصصات والمشارب أدلت بدلوها بجوانب مختلفة تخص تلك الصناعة. البعض – كما هو الحال - مع الدكتور بدر المنصوري الذي اعتبرها وسيلةً أكثر من مطلوبة لعلاج مشكلة التضخم النقدي الراهن الذي تعاني منه المجتمعات البشرية قاطبةً اليوم. في حين تناول الدكتور محمد عوض العنزي المقاصد الشرعية للمعاملات المالية وضوابطها، وغاية الحكم الشرعي للمقصد وغرض العمل به، خاصةً وأن غياب تلك المقاصد والضوابط عن المعاملات المالية المعاصرة واحدةً من أهم مسببات الأزمات المالية التي نشهدها.

ولم تخل تلك المشاركات القيمة بطبيعة الحال من تحليلٍ لواقع هذه الصناعة، وتقديم مقترحات للنهوض بواقعها بشكلٍ عام من خلال تعزيز دور الرقابة الشرعية والتعاون بين الجهات الرقابية وفقاً لرأي الدكتور سعود اسعد الثاقب، أو تطوير بعض جوانبها، لاسيما في مجال ممارسات الحوكمة الشرعية في أسواق المال، وتجاوز الفجوة الكامنة بين واقع تطبيقها العملي وإطارها النظري وفقاً لمقترح الدكتور عبد الباري مشعل، والدكتور محمد عبد الرحمن الشرفا الذي اعتبر تجربة الهيئة "ملهمةً" في هذا الإطار.

المقترحات آنفة الذكر، شملت تقديم منتجاتٍ استثمارية إسلامية، كالصناديق الاستثمارية الوقفية للدكتور يوسف حسن الشراح رئيس المجلس الاستشاري للرقابة الشرعية، والصكوك التي تم تناولها عبر مقترح لبيتك كابيتال، إضافةً إلى دراسةٍ قيمة للسيد مبارك الرفاعي مدير إدارة تمويل وحوكمة الشركات لدى الهيئة تناولت موضوع تفعيل قيام الشركات ذات الغرض الخاص بإصدار أدوات الدين المختلفة بما فيها الصكوك. أما الدكتور  عصام الطواري فقدم توقعاته لاتجاهات أسواق الدين محلياً خلال العام القادم. وكان لابد من تضمين الإصدار الخاص بالصناعة المالية الإسلامية استعراضاً لتجربة الدكتور فؤاد العمر في إطارها، وكذلك استعراض أكثر التجارب المصرفية المتصلة بهذه الصناعة ريادةً، أقصد بها تجربة البنك الإسلامي للتنمية عموماً ومعهده بشكلٍ خاص من خلال مقالٍ مميز لمديره العام بالإنابة الدكتور سامي السويلم.

بالمحصلة، ثمة إجماع يكاد يكون تاماً حول الدور المنتظر الذي يمكن للصناعة المالية الإسلامية أن تلعبه لا على صعيد الارتقاء بكفاءات القطاعات المالية وتنمية الاقتصادات الوطنية، بل باعتبارها بمثابة الملاذ الأكثر أماناً وجاذبية مقارنةً بنظيرتها التقليدية نظراً لمقدرتها على توفير المقومات الداعمة لاستقرار النظام المالي، وتعزيز الشمول المالي، وتقديم الحلول للفئات التي تحجم عن التعاملات المالية التقليدية لاعتباراتٍ مختلفة، بما في ذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومنصات التمويل الجماعي التشاركية وغيرها.

​​وأخيراً، يمكنني القول بأن أزمة الجائحة التي لم نتجاوز كافة تداعياتها بعد بصورةٍ تامة، تمثل مرحلةً فاصلة، ما قبلها ليس كما بعدها بالضرورة، وأنها تماماً كما ألقت الضوء على أهمية التحول الرقمي والتقنيات المالية في عالم اليوم، فإنها تمثل فرصةً غير مسبوقة للصناعة المالية الإسلامية لاحتلال الموقع الذي تستحقه على خارطة الاقتصاد العالمي. ​وهو أمر أتوقع حدوثه في غضون سنواتٍ قليلة لا أكثر

خالد يوسف الصقر

رئيس التحرير - مدير مكتب التوعية​​

جميع الحقوق محفوظة - هيئة أسواق المال 2021